لماذا يكون الأطفال في أغلب الأحيان أكثر إبداعاً من البالغين؟
كما أظهرت سلسلة من الدراسات أن الأداء في مهام التفكير المتباعد ينخفض بشكل كبير كل 5 سنوات طوال الطفولة، مما يشير إلى أن الأطفال يصبحون أقل قدرة على أداء التحديات الإبداعية مع تقدمهم في السن، وخاصة كبالغين.
دراسات تثبت نظرية أن الأطفال أكثر إبداعاً
أظهرت دراسة أجريت عام 2017 أن الأطفال الأصغر سناً (حتى في سن ما قبل المدرسة) كانوا أكثر قدرة على تعلم علاقة سببية جسدية أو اجتماعية جديدة من المراهقين أو البالغين، ما يدل على أن عقولهم كانت أكثر مرونة. ومع ذلك، أظهر المراهقون إبداعاً أعلى في التحدي الاجتماعي.
كما تشير دراسة أجريت عام 2013 إلى أن الأطفال ينخرطون أكثر في اللعب الخيالي لأنه يساعدهم على تطوير مهارات التعلم المتعلقة بالاستدلال السببي.
وأظهرت دراسة أجريت عام 2018 أنه مع تقدمنا في العمر، تتغير وجهات نظرنا الضمنية حول قدراتنا وعقلياتنا، وهي أكثر ثباتاً لدى البالغين منها لدى الأطفال، مما يؤدي إلى انخفاض درجات التفكير المتباعد مع تقدمنا في العمر، وكما نرى، يبدو أن هناك أدلة كافية على أن استخدام مقياس واحد للإبداع مثل التفكير المتباعد الذي من شأنه أن يزيد من احتمالات تحقيق الأطفال أداءً أفضل من البالغين.
لقد شهدنا جميعاً هذا بأنفسنا. إن تفكير الأطفال حر ولا يخضع بعد لـ “القواعد” التي يمليها المجتمع، أو معرفة ما هو مفيد أو ” الطريقة الصحيحة “. وبفضل هذه الحرية، يصبح الأطفال قادرين على التوصل إلى حلول لمشاكل لم يفكر فيها الكبار أبداً. ولكن ما رأي الآباء والأمهات والمعلمين بهذه الفكرة، هل يؤيدونها أن يتمسكوا بأنهم الأكثر إبداعاً.
لماذا يعتبر الأطفال أكثر إبداعاً؟
هل تعلمون أن الأطفال العاديين اخترعوا أشياءً مثل الترامبولين والمثلجات وسدادات الأذن؟ ليس سراً أن خيال الطفل المتوسط ينافس حتى أفضل المفكرين المبدعين البالغين. دعونا نتعرف إلى أسباب حول الأداء الفريد لعقل الطفل الإبداعي، كما يعتقد الخبراء والمتخصصون.
يتصرفون بقيود أقل
إن أي شخص تحدث مع طفل يبلغ من العمر خمس سنوات يستطيع أن يخبرك أن فكرة الطفل عن الممكن وغير الممكن غير موجودة. ففي عقل الطفل العادي، كل شيء ممكن. وكثيراً ما يتم تشجيع خيال الطفولة من خلال اللعب والكتب والتعليم. ولا يقتصر الأمر على وجود هذا الإبداع الطبيعي، بل إن خيال الطفولة يُمدح ويرعى في المجتمع. وهذا صحيح حتى لو لم تكن الطريقة النهائية التي يتم تقديمها من هذا الإبداع جديرة بالملاحظة أو مثالية. ومع نمو الأطفال إلى شباب بالغين، تصبح هذه الأنشطة الإبداعية أقل انفتاحاً وخيالاً. وتُطبق المزيد من القواعد والحدود على الكتابة والفن وأشكال اللعب الأخرى. ويمكن للبالغين أن يدركوا الممكن و”المستحيل” وغالباً ما يكونون مقيدين بالمعايير والقواعد المجتمعية التي يعيشون في ظلها على أساس يومي.
يعتقدون بأن أي مشكلة يمكن حلها
لا يتوقف خيال الأطفال عند حدود “المشكلة”. بل يواجهون كل يوم تحديات يتغلبون عليها. كيف سأبني قلعة رملية أكبر من قلعة أخي؟ ماذا سيحدث إذا أكلت هذه الخضار الجديدة؟ كيف يمكنني حل هذا اللغز أو هذا النشاط؟ تأتي الحلول بشكل طبيعي للأطفال، وفضولهم يعمل فقط على إبطال المشاكل التي يواجهونها.
لا يعانون من الضغوط الاجتماعية
في سن أصغر، يكون الأطفال أقل عرضة للتفكير في الأفكار الكبيرة أو المختلفة على أنها “غريبة”. في الواقع، قد يكون الطفل الأكثر خيالاً هو الأكثر متعة للعب معه! مرة أخرى، بهذه الطريقة الفريدة يمكن للأطفال التعبير عن أنفسهم بحرية من دون خوف من الرفض أو الوصمة. تتزايد هذه الضغوط الاجتماعية مع تقدمنا في العمر، وهي بارزة بشكل خاص في مرحلة المراهقة والشباب المبكر. وقد تبدو نفس الحرية في التعبير عن الذات معقدة للغاية، عند البالغين، بسبب الضغوط الاجتماعية.
لا يخافون من الرفض
إن الخوف الشديد من الرفض أو “الاختلاف” يمكن أن يخنق الإبداع لدى البالغين. وكثيراً ما يواجه أولئك الذين يسعون إلى مهن إبداعية بعض الصعوبات من حيث سوء فهم البالغين الآخرين لهدفهم النهائي أو حتى التقليل من قيمة العمل الإبداعي. ومن ناحية أخرى، وفي الفصل الدراسي، يتم تشجيع الأطفال على التعبير عن آرائهم وبذل قصارى جهدهم بغض النظر عن النتيجة.
الأطفال محاطون بأدوات وألعاب إبداعية
تحيط بالأطفال كل يوم تقريباً أدوات وألعاب إبداعية يمكنها أن تعمل على إثارة خيال الطفولة. حيث تساعد كتب الأطفال في تعزيز الشعور بالمغامرة والإبداع. وتسمح ببعض اللعب المفتوح من خلال الطبيعة التفاعلية، وتعمل الألعاب والأدوات التعليمية الأخرى الموجودة في المدارس ودور الحضانة وفي المنزل على تعزيز العقل الإبداعي للطفل. على النقيض من ذلك، نادراً ما يحيط بالبالغين أدوات إبداعية ومفتوحة للعب. عندما يستخدم البالغون أدوات إبداعية، تظل هذه الأدوات مقيدة عادةً وتخدم غرضاً محدداً (على سبيل المثال، كتابة اليوميات أو ألعاب الفيديو).
يعانون من ضغوطات أقل بالنسبة للوقت
هل تتذكر كيف كانت أيام الصيف في طفولتك؟ كانت هناك أوقات لا حصر لها حتى في الأيام التي كانت مليئة بالأنشطة. لكن تصبح الحياة في مرحلة البلوغ مزدحمة بشكل متزايد مع تقدمنا في السن ونفقد بعض الحرية الإبداعية أثناء النهار. في المتوسط، يقضي الأطفال وقتاً أقل في غسل الأطباق والعمل بدوام كامل ودفع الفواتير ويقضون وقتاً أطول في التخيل والأحلام.
آراء الأمهات
لا يوجد لدى الأطفال حدود للخيال كما هو الحال بالنسبة للبالغين، إن القدرة على التفكير تكوين الأشياء في العقل والاستمتاع بهذا الجمال هي سمة الإنسان، وفي أيدي شخص بالغ، تدخل العقلانية في المعادلة. وتلعب المعرفة العملية دوراً في تقليصها. أما مع الأطفال، فلا يتدخل أي من هؤلاء في اللعب. إنهم يستمتعون بالعبثية. وبالتالي، لا توجد حدود، جمعت “سيدتي وطفلك”، آراء 3 أمهات ورددن على تساؤل لماذا يكون الأطفال في أغلب الأحيان أكثر إبداعاً من البالغين؟
الأم الأولى: البالغون يخافون من المستقبل
تقول إحدى الأمهات: “نعم، الأطفال أكثر إبداعاً، حيث إن لديهم المزيد من الأفكار، وأفكارهم الإبداعية ليست مقيدة كثيراً بالماضي، كما أن أفكارهم الإبداعية ليست متعبة بسبب الخوف من المستقبل، ويشعرون بالحماس بشأن وجود هذه الأفكار، والسبب الوحيد وراء “ميل البالغين أن يكونوا هم من يبتكرون الأشياء الرائعة” يرجع إلى السنوات التي عاشوها، وخلال تلك السنوات، تعلموا تحديد الأولويات وتفسير وترجمة تلك الأفكار إلى واقع/شيء ملموس/شيء يمكنهم إظهاره أو مشاركته. كما أن البالغين لديهم عمل لتوليد الأموال اللازمة لإخراج الأفكار من الصندوق.
لكن ورغم إمكانيات الكبار، يُنظر إلى الأطفال على أنهم أكثر إبداعاً لأنهم أقل خوفاً من تجربة أشياء جديدة، وأنا أقوم بإعطاء دروس فنية للأطفال في وقت فراغي، وأرى الخوف من الفشل والتعرض للحكم يلعب دوراً في أطفالي الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات أكثر مما أراه مع أطفالي الأصغر سناً، وكلما كبر الأطفال، أصبحوا محصورين في فكرة محددة عما يجب أن يكون مثالياً. وهو أمر مفجع حقاً، ولإنتاج شيء ما، يجب أن يركز الإبداع على هدف نهائي. وهنا نقطة الاختلاف حيث لا يقيد الأطفال بالحاجة إلى إنتاج شيء ما. إنهم يتعلمون من خلال اللعب ما إذا كان هناك شيء مفيد سينتج عن ذلك أم لا. إن الأعمال غير المنطقية التي يفعلها الكثير من الكبار، قد لا تفضي إلى أمر مفيد، سوى انها تزيد من تساؤلاتهم: “هل يمكنني القيام بذلك؟ ماذا سأكتشف في هذه العملية؟”
الأم الثانية: الأطفال أقل تقيداً بالمعايير والقواعد الاجتماعية
برأي أم أخرى، أن هناك طريقة بسيطة لشرح ذلك وهي أن نقولها على هذا النحو: الأطفال أكثر إبداعاً لأن عقولهم تفكر بسرعة كبيرة وفي جميع الاتجاهات، ولا تعرف حدوداً. من ناحية أخرى، يتمتع البالغون بطريقة تفكير أكثر تحكماً ويمكنهم تركيز هذا العقل على الأشياء، بطريقة لا يستطيع الأطفال القيام بها. كما أن البالغين لديهم بالفعل أنماط تتشكل في عقولهم (/دماغهم) والتي تحدد كيف وماذا سيفكرون أو يتفاعلون في مواقف معينة، لذلك وبينما يكون تفكيرهم حاداً ومركّزاً، فقد يكون أيضاً “محدداً في طرقه”. وبالتالي، قد يكون الإبداع العفوي، كما لا يوجد لدى الأطفال حدود للخيال كما هو الحال بالنسبة للبالغين، في رأيي المتواضع. أن القدرة على التفكير تكوين الأشياء في العقل والاستمتاع بهذا الجمال هي سمة الإنسان، وفي أيدي شخص بالغ، تدخل العقلانية في المعادلة. وتلعب المعرفة العملية دوراً في تقليصها. وأخيراً، تغلق الموضوعية الباب نهائياً.
مع الأطفال، لا تنفع أي قيود خلال اللعب. إنهم يستمتعون بالعبثية. وبالتالي، لا توجد حدود، وغالباً ما يُنظر إلى الأطفال على أنهم أكثر إبداعاً من البالغين لأنهم أقل تقيداً بالمعايير والقواعد الاجتماعية. وهم أكثر ميلاً إلى التفكير خارج الصندوق والتوصل إلى حلول فريدة للمشاكل.
كما أن خيال الأطفال أكثر نشاطاً من خيال الكبار لأنهم لم يطوروا بعد المرشحات المعرفية التي يستخدمها الكبار لتقييم جدوى أفكارهم وفعاليتها. وهذا يسمح للأطفال بالتفكير بحرية أكبر ودون قيود.
هل تتقنين طرق تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال؟
الأم الثالثة: الطفل لا يخجل
لقد طرحتم فكرة جيدة. فالناس وحتى المعلمون، برأي هذه الأم، والذين ينبغي أن يكونوا أكثر دراية، لديهم هذه الفكرة الرومانسية عن الأطفال والتي لا تستند إلى حقائق علمية. تتابع قائلة: ” أتفق معكم في أن البالغين يميلون إلى ابتكار “الأشياء الرائعة” بسبب ما أعتقد أنه الخبرة ومهارات التفكير العليا، كما أنه بمقدور الطفل، من دون خجل، أن يستمتع بعرض أعماله الرديئة عليك بكل سرور. ويسجل نفسه وهو يرقص ويسميها “فيلمه الخاص”.
إن الناس ينبهرون بشكل أكبر إذا قام طفل بعمل شيء رائع حتى ولو كان بسيطاً. أما نحن فلا ننبهر إذا قام الكبار بعمل إبداعي للغاية إلى هذا الحد. إننا نشعر بالأسف تجاههم، وبالنسبة لي لم أصبح فنانة تشكيلية إلا بعد أن بلغت الأربعين من عمري. وما فعلته عندما كنت أصغر سناً لم يكن مثيراً للاهتمام أو إبداعياً على الإطلاق كما كنت قادرة على فعله الآن. لا يتغير الإبداع مع تقدم العمر ما لم تتوقف عن فعل الأشياء. إذا كنتم تعتقدون أن سن الخامسة والثلاثين هو سن متقدمة، حسناً، لقد تقدمت عليكم بأكثر من عشرين عاماً ولم أتوقف عن فعل أي شيء.
8 نصائح لتعزيز مهارات الابتكار والإبداع لدى الأطفال
الأم الرابعة: إبداعات الأطفال مجرد أفكار سطحية
تعيد الأم الرابعة السبب في أن جميع الأطفال تقريباً مبدعون، بينما من النادر أن تجد شخصاً بالغاً يتمتع بنفس القدرة، إلى أنظمتنا المدرسية التي صُممت وأُنشِئت في العصر الصناعي. الذي يتطلب عمالاً قادرين على العمل لصالح رئيسهم واتباع التعليمات من أجل تشغيل المصنع. كانوا بحاجة إلى مهارات أساسية مثل القراءة والحساب، لكنهم لم يكونوا بحاجة إلى تعلم العزف على آلة موسيقية أو الرسم أو أي شيء يتطلب الإبداع، تعلّق قائلة: “نحن نعيش الآن في عصر المعلومات، والإبداع مطلوب في كل بيئة عمل، ولكن هذه المهارة مفقودة، باختصار نحن نشجع العمل في وقت مبكر جداً ونستنتج أن المرء يحتاج إلى العمل. كما يتطلب الأمر الكثير من الوقت والطاقة والملاحظة لرؤية الإبداع والشعور به والتعبير عن هذه المشاعر ومشاركتها، وانتظار إطراء المبدع، والأطفال عادة ما يتوصلون إلى الكثير من الأفكار غير العملية التي يدرك الكبار أنها لن تنجح قبل أن يقضوا أي وقت في بناء المستحيلات، وبالتالي فإن هذا قد يجعل الأطفال يبدون مبدعين، ولكن الأمر لا يعدو كونه مجرد الكثير من الأفكار السيئة التي يتم قبولها بدلاً من رفضها. ومع ذلك، فإن الكثير من الكبار يغلقون عقولهم، منذ الطفولة، يقررون أن مجموعة كاملة من الأشياء ليست مثيرة للاهتمام، وبالتالي يصبحون ضيقين ومقيدين بشكل متزايد في تفكيرهم.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص