Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

ملايين النازحين قسريًّا حول العالم بسبب الحروب والتغيّرات المناخيّة

تشير تقارير المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين UNHCR إلى أنّ عدد النازحين قسرًا حول العالم بحلول عام 2023 كان أكثر من 110 ملايين شخص. ويشمل هذا الرقم اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين داخليًّا…

ملايين النازحين قسريًّا حول العالم بسبب الحروب والتغيّرات المناخيّة

آثار الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (Getty)

بحسب تقرير المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين الصادر في آب/أغسطس 2023، فإنّ أكثر من 114 مليون شخص في جميع أنحاء العالم أجبروا على الفرار من منازلهم ، بسبب الصراع والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان.

وكانت الحرب في أوكرانيا والصراعات في السودان وجمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة وميانمار، والجفاف والفيضانات وانعدام الأمن في الصومال، فضلًا عن الأزمة الإنسانيّة الّتي طال أمدها في أفغانستان، هي الدوافع الرئيسيّة للمجموع الجديد المثير للقلق. إذ عرب فيليبو غراندي، المفوّض السامي للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، عن قلقه، مشيرًا إلى أنّه “على مستوى العالم، هناك عدد كبير جدًّا من الصراعات الّتي تنتشر أو تتصاعد، ممّا يؤدّي إلى تحطيم حياة الأبرياء وتشريد الناس”.

وفي مؤتمر صحفيّ في حزيران/يونيو الماضي قال المستشار الخاصّ لحلول النزوح الداخليّ في الأمم المتّحدة روبرت بايبر إنّ “عدد النازحين داخليًّا يبلغ اليوم ضعف ما كان عليه قبل عشر سنوات، وهو أكبر عدد تمّ تسجيله على الإطلاق”. وقال بايبر أنّ الرقم العالميّ الحاليّ البالغ 76 مليونًا يمثّل أولئك الّذين “فقدوا منازلهم وسبل عيشهم ومجتمعاتهم، وفي بعض الحالات، هويّاتهم القانونيّة بسبب الحروب والكوارث مثل الزلازل والفيضانات وغيرها من الكوارث المرتبطة بالطقس”.

النازحون داخليًّا، على عكس اللاجئين، لم يعبروا الحدود الدوليّة. وبينما يعود البعض إلى ديارهم بسرعة نسبيّة، يجد عشرات الملايين أنفسهم عالقين في نزوح طويل الأمد يمتدّ من خمس إلى عشر سنوات أو أكثر. وحسب تقرير للأمم المتّحدة، في نهاية عام 2023، ظلّ 68.3 ملايين شخص نازحين داخليًّا بسبب النزاع والعنف، ونزح ما يقدّر بنحو 9.1 مليون شخص داخل السودان، وهو أكبر عدد من النازحين داخليًّا تمّ الإبلاغ عنه على الإطلاق. وتلّتها سوريا 7.2 مليون، وجمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة 6.7 مليون.

وفي غزّة الّتي مزّقتها حرب الإبادة الجماعيّة التي تشنّها إسرائيل، نزح أكثر من ثمانية من كلّ 10 أشخاص، أي ما يصل إلى 1.9 مليون مدنيّ. وشهدت هايتي أيضًا مستويات قياسيّة من النزوح، حيث أجبر 600 ألف شخص على ترك منازلهم، وهو ضعف عددهم في العام الماضي. وفي الوقت نفسه، تركت الحرب الأهليّة في ميانمار الغالبيّة العظمى من النازحين داخليًّا البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة دون مأوى مناسب، ودون إمكانيّة الحصول على الغذاء والماء، حسب خبيرة الأمم المتّحدة المستقلّة باولا بيتانكور.

آثار الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (Getty)

تعدّ الهجرة والنزوح بسبب الحروب والكوارث الطبيعيّة من أكثر الظواهر الّتي تكرّر تاريخيًّا، وتأثّرت عدّة مناطق في العالم بهذه الحركات. في العالم العربيّ، مثلًا، شهدت الشعوب العربيّة موجات كبيرة من النزوح والهجرة عبر القرون نتيجة أمًّا لصراعات مسلّحة أو حروب أو أزمات بيئيّة، والّتي كان لها أثر كبير على التركيبة الاجتماعيّة والاقتصاديّة.

الهجرة في العالم العربيّ والإسلاميّ يمكن تتبّعها إلى آلاف السنين، فتسبّبت الكوارث الطبيعيّة مثل الجفاف في نزوح كبير في منطقة الهلال الخصيب، العراق وسوريا ولبنان والأردنّ وفلسطين. وكان التغيّر المناخيّ في الحضارات القديمة الّذي أثّر على المحاصيل الّتي يعتمد عليها الناس بشكل مباشر وأثّر على المياه سببًا رئيسيًّا للنزوح والتحرّكات السكّانيّة. حسب الخبراء، تشير الكثير من الأدلّة إلى أنّ التصحّر في شبه الجزيرة العربيّة دفع القبائل البدويّة إلى الهجرة باتّجاه الشمال والغرب بحثًا عن الأراضي الخصبة.

وشهد العالم العربيّ العديد من الحروب في العصور الوسطى. وأدّت سلسلة الحروب تلك مع الصليبيّين إلى نزوح الملايين من السكّان. بدأت الحملات الصليبيّة في القرن الحادي عشر، وتسبّبت بتشريد الناس في مدن كثيرة، مثل طرابلس وعكّا. وتعدّ غزوات المغول في القرن الثالث عشر، من الأحداث التاريخيّة التي تسبّبت بموجات هجرة هائلة، ففي عام 1258 اجتاح المغول بغداد، ودمّروا المدينة وشرّدوا السكّان.

الاستعمار

الاستعمار الأوروبّيّ الّذي استمرّ لأكثر من 500 سنة أدّى إلى نزوح واسع النطاق في مناطق مختلفة من العالم. في أفريقيا، مثلًا، أجبرت القوى الاستعماريّة الأوروبّيّة، مثل بريطانيا وفرنسا وبلجيكا والبرتغال، ملايين الأشخاص على النزوح من أراضيهم. في حالة الاستعمار البلجيكيّ للكونغو، حيث كان النظام الاستعماريّ قاسيًا جدًّا، تمّ تهجير ما يقرب من 10 ملايين شخص؛ بسبب سياسات العمل القسريّ واستغلال الموارد الطبيعيّة، بالإضافة إلى الإبادات الجماعيّة التي ارتكبت بالسكّان.

وتسبّبت مشاريع البنية التحتيّة الكبيرة مثل السكّة الحديديّة في الهند وقت الاستعمار البريطانيّ إلى نزوح آلاف السكّان من القرى، وفي الهند وتهجير ملايين السكّان المحلّيّين. بالإضافة إلى تقسيم بين الهند وباكستان في عام 1947، الّذي كان جزءًا من إنهاء الاستعمار البريطانيّ، وأدّى بدوره إلى أكبر حركة سكّانيّة في التاريخ الحديث، حيث تشير الأرقام إلى نزوح أكثر من 15 مليون شخص نتيجة للعنف الطائفيّ والحدود الجديدة.

في الأمريكتين، أدّى الاستعمار الأوروبّيّ إلى تدمير وقتل السكّان الأصليّين. وتشير التقديرات إلى أنّ عدد السكّان الأصليّين في الأمريكتين انخفض بنسبة مهولة تصل إلى 90% بعد وصول الأوروبّيّين، حيث تمّ تهجير الملايين بسبب الاحتلال والمذابح والاستغلال الاقتصاديّ، إلى جانب الأمراض الّتي أدخلها المستعمرون والّتي دمّرت المجتمعات الأصليّة!

مع تفكّك الإمبراطوريّة العثمانيّة عقب الحرب العالميّة الأولى في القرن العشرين، شهد العالم العربيّ تحوّلات جذريّة في الخريطة الديموغرافيّة والسياسيّة. إذ تسبّب الاستعمار الأوروبّيّ الّذي فرض على العديد من الدول العربيّة، مثل الجزائر وليبيا وسوريا ولبنان، إلى نزوح واسع النطاق للسكّان؛ بسبب السياسات الاستعماريّة القمعيّة. في الجزائر مثلًا، أدّت حرب التحرير بالإضافة إلى استشهاد أكثر من 1.5 مليون جزائريّ، كان الاستعمار سببًا في نزوح أكثر من مليون جزائريّ نتيجة للعنف والقتل الممنهج. وكان الاستعمار في بلاد مثل سوريا ولبنان وفلسطين سببًا رئيسيًّا لتهجير عدد كبير من سكّان تلك الدول.

مزارع أفغاني أمام جنود أميركيين (Getty)

وبسبب الحروب الطاحنة والمستمرّة على مدى عقود، تعدّ أفغانستان واحدة من أكثر الدول تأثّرًا بالنزوح القسريّ. بدأ الأمر مع الغزو السوفيتيّ في 1979، مرورًا بالحرب الأهليّة في التسعينيّات وصولًا إلى الاحتلال الأميركيّ وحربه ضدّ طالبان لأكثر من 20 سنة، عرض ملايين الأفغان للنزوح داخل وخارج البلاد. وحسب تقارير الأمم المتّحدة بلغ عدد النازحين داخليًّا في أفغانستان أكثر من 4 ملايين شخص في عام 2021. بالإضافة إلى نزوح ملايين آخرين إلى دول مجاورة مثل باكستان وإيران.

وتشير تقارير المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين UNHCR إلى أنّ عدد النازحين قسرًا حول العالم بحلول عام 2023 كان أكثر من 110 ملايين شخص. ويشمل هذا الرقم اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين داخليًّا؛ بسبب الحروب والنزاعات والاضطهاد والكوارث الطبيعيّة. ويشير التقرير إلى أنّ هناك أكثر من 35 مليون لاجئ عبر الحدود الدوليّة إلى دول أخرى. وتعدّ سوريا وفنزويلا وأوكرانيا وأفغانستان من أكبر الدول المصدّرة للنازحين، بينما تشكّل دول مثل تركيّا، كولومبيا، وألمانيا الدول الأكثر استقبالًا لهم.

ومع تزايد التحدّيات البيئة وارتفاع وتيرة التوتّرات في عدّة مناطق من العالم، فإنّ أعداد النازحين من المتوقّع أن ترتفع أكثر، فبالإضافة إلى التوتّرات في الشرق الأوسط مثلًا، فإنّ الإقليم معرّض لارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه والتصحّر. ممّا قد يؤدّي إلى نزوح ملايين الأشخاص في المستقبل، بحسب دراسات.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *