بعلبك وصور مدينة البحار والحضارات… هدف للعدوان الإسرائيلي على لبنان
الغارات الإسرائيلية تسببت في إلحاق أضرار ببعض المباني التاريخية بالمدينة الأثرية؛ وزير الثقافة اللبناني محمد مرتضى: إسرائيل قد تستهدف المواقع الأثرية بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما قد يلحق الضرر بها.
يهدد العدوان الإسرائيلي على لبنان، مدينة بعلبك التاريخية التي يبلغ عمرها 3000 عام، والمدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”.
وتعدّ مدينة بعلبك التاريخية والمنطقة المحيطة بها في وادي البقاع شرق لبنان، “أعظم مدينة معابد في العالم”.
بموازاة بدء الهجمات الإسرائيلية على العاصمة اللبنانية #بيروت، تعرضت #بعلبك التاريخية التي يبلغ عمرها 3000 عام، لعشرات الغارات الجوية الإسرائيلية، حيث أدى القصف إلى تدمير مبان عدة في المدينة القديمة. ولا تقتصر الهجمات عليها فحسب، بل تهدد مدينة #صور الأثرية، وتشكل الغارات… pic.twitter.com/owut074TZT
— موقع عرب 48 (@arab48website) October 29, 2024
وتسببت الغارات الإسرائيلية العنيفة في إلحاق أضرار ببعض المباني التاريخية المحيطة بمدينة بعلبك الأثرية.
ومن بين هذه المباني التاريخية التي تضررت من الهجمات الإسرائيلية، “قبة دوريس” في قرية دوريس، التي يسكنها بشكل رئيسي التركمان اللبنانيون، وهي قبة بُنيت باستخدام مواد رومانية متهدمة خلال العصر الأيوبي.
وقد تضررت أعمدة هذا المبنى التاريخي الذي شُيد في القرن الثالث عشر، وبدأت الحجارة تتساقط من قبته بعد غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت المباني المجاورة.
ويعرب مسؤولون لبنانيون عن بالغ قلقهم من احتمال تضرر المعالم التاريخية نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية.
لا ثقة بأي تعهّد إسرائيلي… لبنان يدعو اليونسكو للتحرك
وذكر وزير الثقافة اللبناني، محمد مرتضى، أن “لبنان لم يطلب من إسرائيل تقديم تعهد بعدم قصف قلعة بعلبك أو المواقع الأثرية الأخرى، لأننا لا نثق بأي تعهد إسرائيلي”.
وأضاف مرتضى أن “إسرائيل قد تستهدف المواقع الأثرية بشكل مباشر أو غير مباشر، ما قد يلحق الضرر بهذه المعالم التاريخية”.
وتابع: “لم نجرِ بعد أي دراسة لتحديد الأضرار على المواقع الأثرية في المدينة، وسنقوم بذلك بعد توقف الهجمات، لكن من المعروف أن الهجمات القريبة من المدينة سيكون لها تأثير على المدى الطويل”.
وأكد مرتضى أن لبنان يحتضن مواقع أثرية مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، مثل صور وبعلبك، وأنه ينبغي لليونسكو اتخاذ إجراءات لحماية هذه المواقع.
وذكر بيان صادر عن مكتب وزير الثقافة، قبل أيام قليلة، أنه تم التواصل مع سفير لبنان لدى اليونسكو، مصطفى أديب، للمطالبة بتحرك عاجل لحماية المواقع الأثرية المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي.
ودعا مرتضى كافة المنظمات الدولية، لا سيما اليونسكو، إلى حماية التراث الثقافي للمدينة وحماية المدنيين اللبنانيين من الهجمات الإسرائيلية المستمرة.
لمحة عن مدينة بعلبك الأثرية
وتقع مدينة بعلبك في وادي البقاع شرقي لبنان، وتعتبر مركزاً هاماً على طريق التجارة من الشرق إلى الغرب.
كما أنها من أبرز مراكز العبادة بعد العهد الروماني في العصور القديمة، وقد شهدت عبر التاريخ العديد من الحروب وتوالت عليها عدة حضارات.
وقد تعاقب على حكم بعلبك كل من الفينيقيين والبيزنطيين والسلاجقة والأيوبيين والصليبيين والمغول والمماليك والعثمانيين، حيث أضافت كل حضارة بصمتها الخاصة على المدينة.
ويعود اسم المدينة إلى “الإله بعل” الذي كان يُعد “الإله الأقوى” في النظام العقائدي الفينيقي.
وقد وضعتها اليونسكو تحت الحماية عام 1984، وهي تُعرف بأنها “أكبر وأقدم وأكثر مدن المعابد غموضا في العالم”.
مدينة البحار والحضارات… صور
ولا تقتصر الهجمات الإسرائيلية على مدينة بعلبك الأثرية فحسب، بل تهدد مدينة صور الأثرية جنوب لبنان، وتشكل الغارات الإسرائيلية على مدينة صور جنوبي لبنان، منحى خطيرا وغير مسبوق في الحرب الدائرة منذ أكثر من عام، فهذه المدينة التاريخية تعد رابع كبرى المدن اللبنانية ومعروفة بآثارها وحضارتها، ولها مكانة سياحية واقتصادية هامة.
والإثنين، نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت أحياء في المدينة الواقعة على البحر الأبيض، عقب تهديدات أطلقها الجيش الإسرائيلي، لإخلاء 4 شوارع رئيسية في مدينة صور.
تنوع طائفي وسياسي
واستهدفت صور، المدينة الجنوبية الواقعة على بعد 80 كيلومترا عن العاصمة بيروت، للمرة الثانية، بعد أن ظلت المدينة بعيدة إلى حد كبير عن نيران الحرب.
لكن المدينة التي يقطنها، بحسب بعض التقديرات، أكثر من 150 ألف نسمة، لا تبعد عند الخط الأزرق الذي يفصل لبنان عن قواعد الجيش الإسرائيلي سوى بنحو 15 كلم.
ومع أن صور، تحظى بوجود قوي للشيعة ومؤيدي “حزب الله”، لكن تُعد موطنا أيضا للسنة والمسيحيين ومن كافة أطياف المجتمع اللبناني الذين لا تربطهم علاقة أيديولوجية أو سياسية مع الحزب، كما أن لـ”حركة أمل” التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، نفوذ قوي فيها.
ملكة البحار
وتعتبر صور، واحدة من أهم المدن في الحضارة الفينيقية على طول سواحل بحر البحر الأبيض المتوسط وتعرف باسم “ملكة البحار”.
فالمدينة القديمة تأسست نحو عام 2750 قبل الميلاد، وتشكل شبه جزيرة تحيطها المياه من الجنوب والغرب والشمال.
وعلى مر التاريخ، اشتهرت مدينة صور بمصنوعاتها اليدوية، وبصناعة صبغة الأرجوان، والسفن، والزجاج الشفاف، وصيد الأسماك بطبيعة موقعها الجغرافي، إضافة الى شواطئها الصافية، ومرفئها القديم وأطلالها الرومانية، وأدرجت عام 1984 على لائحة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
حضارات متعاقبة
تاريخيا، خضعت المدينة لحكم الآشوريين والبابليين والفُرس، ثم احتلها الإسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، ثم تحت حكم الدولة الإسلامية في القرن السابع الميلادي، كما حكمها الصليبيون عام 1124 قبل أن تخضع للمماليك في عام 1291 ميلادي.
وفي عام 1516، دخلت صور تحت حكم الدولة العثمانية، وبعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت صور جزءا من دولة لبنان عام 1920 عقب دخول المنطقة في حقبة “الانتداب” الفرنسي، ثم استقلال لبنان عام 1943.
والإثنين، زعم الجيش الإسرائيلي مهاجمة أهداف لـ”حزب الله” في منطقة صور، منها مستودعات أسلحة وصواريخ مضادة للدروع، ومباني عسكرية، ومواقع استطلاع لوحدات عسكرية مختلفة”.
وأسفر العدوان على لبنان إجمالا عن ألفين و672 شهيدا، و12 ألفا و468 جريحا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، فضلا عن نحو مليون و200 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، وفق بيانات رسمية لبنانية.
المصدر: عرب 48