ذبابتي الطائرة!
الذبابة الطائرة، والحلقات الدائرية السوداء التي تفيض على العين، وتسبب الإزعاج والقلق والتوتر: ما حكايتها، أسبابها، طرق العلاج منها، والوقاية من حضورها..؟
«»، سألت استشاري طب وجراحة عيون أمراض الشبكية والالتهابات النفسية الدكتور نايف خلف المطيري عنها، فقال: «إن الذبابة الطائرة (عوائم العين) هي مشكلة شائعة بين الكثيرين، ولا تستدعي القلق ما لم تظهر على العين تغيرات تؤثر على الرؤية أو الإصابة بنزيف يضر بشبكية العين».
وأضاف، إن المصارعين والملاكمين ولاعبي كرة القدم يشكون من وجودها في حياتهم نتيجة تعرضهم لبعض اللكمات أو الضربات القوية المؤثرة على البصر. وأنا كطبيب عيون وأمراض الشبكية أعاني منها، ويحذر الطبيب المطيري، مرضى السكري من التساهل في عدم مراجعة الطبيب المختص، وفي الوقت نفسه حذر المصابين بالذبابة من الاستسلام لها والدخول في تداعيات نفسية قد تؤثر على سلوكهم وتجعلهم يعيشون في قلق وإزعاج مستمرين رغم أنها «ذبابة غير محسوسة». ونفى طبيب العيون المطيري، أن يكون الجلوس الطويل أمام أجهزة الكمبيوتر والاستخدام المفرط للهاتف الجوال من أسباب ظهور الذبابة، ولفت إلى أن أضرارها تتمثل في الشعور بالإرهاق فقط.
لا تقلق من الذبابة!
ويعرف دكتور العيون المطيري، الذبابة الطائرة بقوله: هي عوائم تتمثل في نقاط أو خيوط أو بقع صغيرة تظهر في مجال الرؤية، وكلما شخص الإنسان ببصره شعر أن أمامه ذبابة تطير بينما في الأصل هي داخل العين لا خارجها، ومسببات هذه العوائم كثيرة، وأكثرها شيوعاً تغيرات في السائل الزجاجي نتيجة تقدم العمر أو التعرض لنزيف أو التهاب في قزحية العين، وفي بعض الحالات لضغوطات نفسية.
ويبين أن الذبابة الطائرة مشكلة شائعة بين الكثيرين لا تستدعي القلق، تختفي من تلقاء نفسها دون علاج إلا في حال ظهور بعض العوارض والمؤشرات الدالة على وجود مشكلات صحية.
أما السائل الزجاجي فهو عبارة عن مادة جيلاتينية تملأ العين وتقع في الجزء الخلفي منها (خلف العدسة) وله وظائف عدة أهمها الحفاظ على شكل العين وإعطاؤها الشكل الكروي، وعندما يتحرك السائل من مكانه نتيجة التقدم في العمر أو التعرض لبعض الإصابات القوية أو الحركات العنيفة يحدث انتقال ونزيف للعين نتيجة تعرض شبكية العين للسحب أو الشق، وهنا تظهر بقع داكنة صغيرة مثل الذبابة أو خيوط العنكبوت تتحرك كلما نظر الإنسان إلى شيء أمامه.
هل يمكن نسيانها؟
«» سألت استشاري شبكية العين الطبيب المطيري، إن كانت الذبابة تصيب الجنسين، وأيهما أكثر إصابة، وفي أي عمر؟ فأجاب: إن الجنسين معرضان للإصابة بها، وليس لها عمر محدد، وإن كانت تظهر مع سن الثلاثين وتكون واضحة عند كبار السن لتقدمهم في العمر. وعن العلاج وإمكانية الشفاء اوضح إنه في أغلب الحالات لا تحتاج (عوائم العين) إلى علاج؛ لأنه لا ضرر منها ما لم تصل إلى مرحلة نزف في العين، الذي عادة يحدث نتيجة الإصابة بمرض السكري أو التعرض للالتهابات، ولا توجد أي قطرات تمنع ظهور (عوائم العين) الطائرة؛ لأنها في الغالب تكون عوائم عادية غير مؤثرة، وقد يساعد استخدام بعض القطرات التي تحتوي على مادة الهيدروليك في نسيانها.
انسوها ولا تهتموا فيها!
هل تؤثر الذبابة على الرؤية؟ وهل هي خطيرة على صحة الإنسان..؟ يجيب الطبيب المطيري: رؤيتها في أغلب الحالات حالة عادية لا ضرر منها بتاتاً ولا تؤثّر على الرؤية ما لم تتسبب هذه العوائم في حجب الرؤية، وهو نادر الحدوث، عندها لا بد من مراجعة الطبيب المختص. وعن علاقتها بالمرض العشي الليلي قال: لا علاقة تجمعهما المرض العشي الليلي غالباً وراثي وهو عدم القدرة على الرؤية الجيدة ليلاً وهو نوع من أنواع ضعف البصر يمنع رؤية الأشياء الخافتة اذن لا علاقة بين الإصابة بهذا المرض والإصابة بالذبابة الطائرة. وعن أسباب وضوح الذبابة الطائرة عند الأسطح البيضاء أو النظر إلى السماء يعود ذلك إلى أن الضوء في هذه الحالة يكون شديداً وواضحاً، فيؤثر على حدقة العين وتضيق، وهنا يزيد عمق الرؤية وتصبح رؤية الذبابة الطائرة واضحة وأسهل، وينصح من يصاب بهذه «العوائم» أن يتناساها تماماً وباللغة العامة «طنشوها وانسوها ولا تهتموا فيها»، فأفضل علاج لها هو تجاهلها ما لم تظهر بعض الأعراض الشديدة المؤثرة على الرؤية وعلى شبكية العين.
ويؤكد طبيب العيون المطيري، أن الإصابة بالذبابة الطائرة ليس خطراً، ولا يؤثر على سلامة العين إلا في الحالات الشديدة، وطالما بقي الأمر متعلقاً بمطاردة ورؤية الذباب واختفائه فهي حالات عادية.. و«أنا كاستشاري شبكية العين أعاني من الإصابة بهذا المرض ونصف مراجعينا في العيادة يعانون من المرض نفسه، ونعالجها بالتجاهل والنسيان»!
ويضيف نعم علاجها الوحيد هو التجاهل طالما لا تؤثر على العين ولا تتداخل مع الرؤية وتجاهلها وتناسيها هو علاجها الوحيد، وتذكرها هو جلبها مرة ثانية والعيش في قلقها وإزعاجها، فالإصابة بها أمر مزعج وقد تؤثر على حالات البعض نفسياً وتدخله في وساوس؛ لذلك نحن كأطباء عيون دائماً نلجأ الى تطمين المصابين ومحاولة إبعادهم عن هذه الوساوس وهذا القلق.
والعلاج النفسي في مثل هذه الحالات ضروري؛ لأنه لا وجود للعوائم ولا للذبابة سوى خيالات غير محسوسة.
لا إجابة علمية للبقع الرمادية
وينفي طبيب العيون المطيري، إن الخضوع لعملية استئصال المحفظة الخلفية للعدسة دور في الإصابة بهذا المرض، ويقول: هذه الفرضية لا علاقة لهذه العمليات في الإصابة بمرض الذبابة، وإن كان البعض يعزو أسبابها إلى أنه بعد إجراء هذه العمليات يصبح دخول النور إلى قاع العين بشكل أكبر، وهنا يبدأ الشعور بهذه الذبابة، وهو أمر عادي ما لم تزداد وتصبح ملازمة له، هنا لا بد من مراجعة طبيب العيون لفحصه، أما عن ظهور بقع سوداء أو رمادية في مجال رؤية العين فيقول: لا توجد لدي إجابة في هذا الخصوص، ولكن أعتقد أن التفسير العلمي لهذه الحالة يعود إلى انعكاس الضوء، فظل الإنسان عندما يتعرض للضوء يصبح قاتماً وأسود، وبالتالي قد يكون هذا هو سبب تحول الألوان إلى اللون الأسود أو الرمادي.
ويستمر استشاري شبكية العين الطبيب المطيري، موضحاً أسباب وعلاج والوقاية من مرض الذبابة الطائرة ويقول: من المؤكد أن تلقي ضربة قوية تسدد على العين مباشرة تضر بسلامتها وقد تتسبب بعض الرضوض في إصابة العين بالماء الأبيض (الساد) أو الجلوكوما أو النزف الدموي أو بعض الالتهابات وتحدث بعض الشد والتمزق في الشبكية مؤدية إلى انفصالها، والملاكمون أكثر تعرضا لذلك، ننصح هؤلاء في حال شعورهم بتأثر رؤيتهم أو إحساسهم بظهور هذه الذبابة بعد تعرضهم لأي احتكاك عليهم مراجعة الطبيب المختص دون تأخير للوقوف على حالتهم البصرية.
العلاج بالتوت البري!
وعن المصابين باعتلال الشبكية السكري أوضح قائلا: من مضاعفات مرض السكري أنه يعمل تدريجيا على تدهور الأوعية الدموية المغذية لشبكية العين، حتى يصل إلى مرحلة الضعف الشديد في الإبصار أو إفقاده نهائياً قد يصاحبه ظهور تحرك لبعض الأجسام منها الذبابة.
نافياً ما يردده البعض أن شرب الماء بكثرة قد يساعد في التخلص من الذبابة الطائرة في العين، ويقول: شرب الماء أمر صحي للإنسان والمواظبة عليه يساعد في الحفاظ على رطوبة العين وعلى وظائفها وراحتها، «أما خلاف ذلك لا أعلم».
وفي نفس السياق حول ما يوصي به البعض بأهمية تناول التوت البري والبرتقال لفوائده في التخلص من الذبابة الطائرة، يقول طبيب العيون المطيري: الذي أعرفه أن فوائدها على جسم الإنسان لاحتوائها على السعرات الحرارية والبروتين والكربوهيدرات والألياف الغذائية والدهون والفيتامينات؛ لذلك أرى فوائدها على الصحة العامة، وليس على معالجة الذبابة الطائرة، مشيراً إلى أن مساج العين البسيط قد يساعد على التخلص أو تقليل التوتر الناتج عن رؤية هذه الذبابة ويساعد أيضا في تنشيط العين، أما الاستمرار في المساج والضغط بقوة قد يؤثر على العين ويسبب لها نزيفاً والتهابات في القزحية، مضيفا أن الشعور بالذبابة الطائرة في بعض الأحيان قد تكون علامة مبكرة ومؤشر على تعرض العين لبعض الإصابات الخطرة منها انفصال الشبكية، إذ يتسبب انفصال الشبكية إلى تقلص الجسم الزجاجي فتحدث المضاعفات الخطرة في الرؤية.
أريحوا أعينكم من السطوع
ويوضح استشاري الشبكية الطبيب المطيري، أن (التهاب القزحية) هو تورم وتهيج يصيب الأنسجة التي تحيط بالجسم الزجاجي للعين ينتج عنه احمرار في العين وظهور لتلك العوائم (الذبابة)، أما جفاف العين فيؤدي إلى تهيج واحمرار سلبي للعين يؤثر على الرؤية لقلة إفرازات الدموع، وينفي تماما وجود إي علاقة بين الإصابة بمرض الشقيقة والذبابة الطائرة إذ يبين ان مرض الشقيقة هو صداع نصفي مؤلم ومزعج، وكذلك نفى طبيب العيون أن التعرض للشمس أو التدخين لهما دور في ظهور هذه الذبابة ويقول: أضرارها على صحة الإنسان، ونفس الحال ينطبق على الجلوس لفتراتٍ طويلةً أمام الشاشات وملازمة الجوال فترات طويلة هي مرهقة للجسم لذلك من الضروري أخذ فترات راحة للعين من السطوع.