فوز ترامب… مخاوف متجدّدة وآمال خافتة في غزة
مسنّ فلسطينيّ: تغيير الرئاسة في الولايات المتحدة لا يُحدث فرقا كبيرا في إستراتيجيتها تجاه القضية الفلسطينية؛ ويرى مراقبون أن الجمهوريين والديمقراطيين “وجهان لعملة واحدة” في دعم إسرائيل، بل يتنافسان في هذا المسار.
ينظر الأهالي في قطاع غزة، بحذر شديد إلى فوز دونالد ترامب، بالانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث تتفاوت آراؤهم بين الأمل الحذر في أن تشهد ولايته تغييرات إيجابية، والإحباط من احتمال استمرار السياسات الأميركية الداعمة للإبادة الإسرائيلية في القطاع، والمستمرة منذ أكثر من عام.
بينما تتزايد مطالب سكان غزة بضرورة إنهاء الإبادة الإسرائيلية على القطاع، وتحسين أوضاعهم المعيشية، يشعرون أنهم قد يكونون خارج حسابات السياسة الأميركية، ما لم تتخذ الإدارة الجديدة خطوات حقيقية لإنهائها، وتحقيق تحسن ملموس بالظروف الإنسانية.
وحسم ترامب سباق الرئاسة بعد تجاوزه بشكل ملحوظ العدد المطلوب من الأصوات في المجمع الانتخابي والبالغ 270 صوتا، متغلبا على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
ومن المقرر أن يؤدي ترامب اليمين الدستورية في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، ليبدأ رسميًا مهامه الرئاسية.
وكان ترامب قد قال في كلمة بولاية ميشيغان، التي تقطنها جالية مسلمة وعربية كبيرة، إن منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، “قادت حملتها رفقة ابنة نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني (ليز تشيني) الذي دمر الشرق الأوسط تقريبًا”.
وأضاف: “إذا فازت كامالا سيكون الموت والدمار فقط، أنا مرشح السلام”.
وشغل ديك تشيني منصب نائب الرئيس بولاية جورج دبليو بوش، أثناء غزو العراق.
آمال ضعيفة ومطالبة بإنهاء الحرب: “أنهكنا التهجير”
سها حسين، نازحة من وادي السلقا، جنوب شرق دير البلح، وسط قطاع غزة، تطالب الرئيس الأميركي الجديد بوقف الحرب الإسرائيلية فورا، قائلة: “أنهكنا التهجير والموت وقسوة الحياة، الأطفال مشردون، والأمراض تنتشر، والمواد الغذائية والأدوية شحيحة”.
وتأمل حسين، أن تفتح الحواجز والمعابر لدخول المواد التموينية، والملابس الشتوية مع اقتراب فصل الشتاء، وأن تنتهي معاناة الغزيين بعد تولي ترامب الرئاسة الأميركية، بحسب ما أوردت وكالة “الأناضول”، نقلا عنها.
وتشير إلى عدم تفاؤلها بتغيير سياسة الولايات المتحدة، مؤكدة أن “الشعب الفلسطيني، وخاصة في غزة، مظلوم من العالم أجمع، حتى الدول العربية لا تدافع عن مصالح الفلسطينيين، لو كانت الدول تدعي الإنسانية، لكانت أوقفت الحرب منذ بدايتها”.
بينما يعبر طفلها الصغير جود عمر حسين، البالغ من العمر 9 سنوات، عن حلمه البسيط في عيش حياة طبيعية مثل باقي الأطفال بالعالم، يشعر فيها بالأمان وتتوفر فيها احتياجاته الأساسية.
ويقول جود: “أتمنى أن تتوقف الحرب وأن نعود إلى بيوتنا ومدارسنا، وأن نتمكن من اللعب بألعابنا التي فقدناها”.
وحال الطفل جود، كحال ضحايا الحرب الإسرائيلية الذين حُرموا من أبسط حقوقهم بالأمان والتعليم والطفولة.
ويرى المسن أبو أحمد، (68 عاما)، أن تغيير الرئاسة بالولايات المتحدة لا يُحدث فرقا كبيرا في إستراتيجيتها تجاه القضية الفلسطينية.
ويقول أبو أحمد وهو جالس على مقعده: “السياسة الأميركية تعتمد على إستراتيجية ثابتة، بغض النظر عن الرئيس، الفوارق تكون فقط في أساليب التنفيذ، وليس في الأهداف”.
ويشير إلى أن هذا “الثبات في السياسة يجعل الآمال بتغيير جذري ضعيفة، خاصة في ظل الوضع العربي والإسلامي غير المستقر”، وفق تقرير الوكالة.
ويرى مراقبون أن الجمهوريين والديمقراطيين “وجهان لعملة واحدة” في دعم إسرائيل، بل يتنافسان في هذا المسار، لما تمتلكه جماعات الضغط اليهودية في واشنطن من نفوذ مالي وسياسي، فضلا عن مصالح مشتركة بين البلدين.
وخلال فترته الرئاسية الأولى قدَّم ترامب دعما كبيرا لتل أبيب، وقرر في 2017 اعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل إليها السفارة الأميركية من تل أبيب.
تدخّل أميركي
ويتطلع الشاب أحمد المغاري (33 عاما)، إلى تدخل أميركي من الإدارة الجديدة، ينهي الحرب والصراع بالشرق الأوسط، بشكل حقيقي.
ويقول المغاري: “في خطاباته، أشار ترامب مرارا إلى نيته بتحقيق السلام، ونأمل أن يطبق ذلك في قطاع غزة، نحن نريد سلاما عادلا وإيقافا فوريا للحرب”.
ويضيف: “استمرار النزاع يؤثر سلبا على حياة السكان، ومن الضروري استعادة الحياة الطبيعية بغزة بأسرع وقت، لقد ضقنا ذرعا بهذه الحرب”.
وتعبر الطفلة إيمان العصار (9 أعوام)، عن حزنها العميق لفقدان أفراد عائلتها خلال قصف إسرائيلي، تسبب في مجزرة مروعة بمخيم النصيرات، وسط قطاع غزة.
وأشارت إلى أن الحرب دمرت منزل عائلتها وحرمتها من طفولتها، وقالت: “أتمنى أن أعيش حياة طبيعية، زي باقي أطفال العالم، الحرب دمرت بيوتنا وقتلت أحبائي، أتمنى أن يوقف الرئيس الأميركي الجديد هذه الحرب ويعيد إعمار غزة”.
في السياق ذاته، يطالب رامي حبيب (44 عاما)، الرئيس الأميركي الجديد بوقف فوري للحرب الإسرائيلية بعد جملة الجرائم والمجازر الإسرائيلية المرتكبة.
ويقول حبيب: “نطالب الإدارة الأميركية الجديدة باتخاذ خطوات جدية لإنهاء الحرب، نحن متعبون، ولم يعد لدينا طاقة لتحمل المزيد، الشعب الفلسطيني بغزة أصبح عاجزا حتى عن تأمين احتياجاته الأساسية”.
ويرى أن “دعم أميركا لإسرائيل هو أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار حرب الإبادة الجماعية، فالحرب لا تجلب سوى الدمار، وغزة لا تشكل أي تهديد حقيقي لإسرائيل أو غيرها من دول العالم”.
وتطالب الشابة إيمان عليوة، طالبة بكالوريوس التمريض ومتطوعة بـ”مستشفى شهداء الأقصى” في دير البلح، بوقف الحرب وفتح المعابر لإدخال المساعدات الأساسية وتوفير الرعاية الطبية للجرحى.
وتقول عليوة: “توقفت حياتنا تماما بسبب الحرب، ونعاني من نقص شديد بالأساسيات، خاصة مع حاجة الجرحى للسفر لتلقي العلاج، نأمل أن يتخذ ترامب خطوات لفتح المعابر وإدخال المواد الضرورية”.
وخلّفت الحرب على غزة، أكثر من 146 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
ومنذ بداية الحرب على غزة، والتي وسعت إسرائيل نطاقها إلى لبنان في 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، تقدم إدارة بايدن لتل أبيب دعما قويا على المستويات العسكرية والمخابراتية والسياسية.
المصدر: عرب 48