المدهون.. واجه الإبادة بإنسانيته شمالي غزة فقتلته إسرائيل
أحد جيرانه، صائب الفرام: كان المدهون قد نذر نفسه وماله لخدمة الناس خلال الحرب *ضابط الإسعاف، محمد أبو لؤي: المدهون وفر لي ولنشطاء آخرين الإنترنت خلال الاجتياح رغم المخاطر.
آثار القصف الإسرائيلي على غزة (Getty Images)
في ظل الإبادة الإسرائيلية المستمر على قطاع غزة، برز اسم الشاب الغزي محمد المدهون بالعمل الإنساني، إذ رفض التهجير والإخلاء القسري الذي فرضه الجيش الإسرائيلي وأصر على البقاء بين أهله في مواجهة التطهير العرقي شمال قطاع غزة.
وعلى مدار الأشهر الماضية، قبل أن يقتل بغارة إسرائيلية في بيت لاهيا، أمس السبت، كان المدهون، وهو في الثلاثينيات من عمره، مصدر أمل للمواطنين، إذ كرس كل إمكانياته لمساعدة أهل منطقته، من خلال مبادرة فردية في ظل القتل والحصار الإسرائيلي.
وخلال حرب الإبادة ساهم المدهون بإعداد وجبات الطعام عبر “تكية الشمال” التي كان يشرف عليها، ووفر وسائل اتصال للمحاصرين للتواصل مع ذويهم خارج شمالي غزة، بحسب ما أفاد به مواطنون فلسطينيون.
وكانت النقطة الطبية بـ”مشروع بيت لاهيا” من أبرز مساهمات المدهون خلال الاجتياح الإسرائيلي المستمر منذ 5 تشرين الأول/ أكتوبر، في وقت كانت فيه جميع المستشفيات والمرافق الطبية خارج الخدمة.
رجل خير
وقال أحد جيران الشاب المدهون، صائب الفرام، “كان محمد قد نذر نفسه وماله لخدمة الناس خلال الحرب، خاصة خلال الاجتياح الأخير لشمالي غزة”.
وأضاف: “كان معروفا بمخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا كرجل خير وعطاء، حيث نفذ العديد من المبادرات في إطعام وسقيا المياه والإغاثة، واستفاد من جهوده الآلاف من الفلسطينيين”.
وتابع الفرام أن “محمد كان محبوبا من الجميع، لا يرد أي محتاج، وكان يعد طعامه في تكيته بأفضل الأصناف”.
وأشار إلى أن “الاحتلال يتعمد قتل كل شخص يساهم بتعزيز صمود المواطنين أمام محاولات التهجير والاستيطان”.
وأوضح الفرام أن “المدهون ترك بصمة لا يمكن أن يمحوها صاروخ إسرائيلي، وسيبقى أهل شمال غزة يذكرونه بالخير”.
مساهم بنقل الصورة
خلال الاجتياح الإسرائيلي لشمالي غزة، قطع الجيش خطوط الاتصال والإنترنت، وكان المدهون من المبادرين الذين وفروا للناس وسيلة للتواصل مع ذويهم عبر هاتفه وشريحته الإلكترونية.
قال النازح من بيت حانون إلى مشروع بيت لاهيا، رجب المصري: “كنت أبحث عن وسيلة للتواصل مع أهلي في غزة، حتى أخبرني أحدهم أن المدهون يسمح باستخدام هاتفه، فوافق على الفور ولم يرد لي طلب”.
وأضاف أنه “استخدام الإنترنت أو الهاتف كان يعرض حياتنا للخطر، لكن المدهون تجاهل كل ذلك لخدمة الناس”.
ووفّر المدهون الإنترنت لعدد من النشطاء في شمالي غزة لنقل الإبادة للعالم، وكان منزله مأوى لهم لتوثيق الجرائم الإسرائيلية عبر الصور والفيديوهات.
وقال ضابط الإسعاف، محمد أبو لؤي، إن “المدهون وفر لي ولنشطاء آخرين الإنترنت خلال الاجتياح رغم المخاطر”.
وأضاف أنه “استقبل النازحين وطواقم الدفاع المدني، وقدم لهم المبيت والطعام، كما افتتح نقطة طبية في سوق مشروع بيت لاهيا لاستقبال الحالات الطارئة”.
وأشار أبو لؤي إلى أن المدهون كان يخدم الطواقم الطبية والمرضى بكل إمكانياته، لتعزيز صمودهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
وفي 5 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، اجتاح الجيش الإسرائيلي شمالي قطاع غزة بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”.
بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال شمالي القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
المصدر: عرب 48