سيوف المعركة لم تغمد بعد
لم تنته الحربُ في لبنان، على ما يبدو، لغاية الآن كما هو الحال في قطاع غزة الذي لم تتوقف فيه المجازر والقتل والتدمير يوميا، إذ أن إسرائيل تواصل العمل لفرض وقائع ميدانية في جنوبي لبنان الأمر الذي يضع المنطقة والدول الراعية لوقف إطلاق النار أمام تحديات جسام بسبب الانتهاكات الإسرائيلية.
لم تُغمد سيوفُ المعركة بعد، والمطلوب من لبنان وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية الانتقال من التحذير من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار إلى اتخاذ إجراءات وتدابير عملية لمنع الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، والعمل بكل الإمكانات لوأد احتمال اندلاع الحرب مجددا.
لا يختلف إثنان بأن هذه الحرب أعيت اللبنانيين والإسرائيليين، وانعكست تداعياتها على المنطقة برمتها. ولا يعتقد أحدٌ أن ألسنة النار الملتهبة في سورية لن تطال الدول المحيطة بها.
اللبنانيون والإسرائيليون يحتاجون وقتا لالتقاط أنفاسهم والدفع إلى مستقبل مختلف عن الواقع الذي يعيشونه في الوقت الراهن.
الأهم من كل ذلك، في هذه الأيام، عدم الانزلاق إلى هاوية إشعال الحرب من جديد بين إسرائيل ولبنان، بسبب الخروقات الإسرائيلية، والعمل على تثبيت دعائم اتفاق وقف إطلاق النار.. فحال الجميع دون استثناء “الحرب أنهكتنا”.
لقد ألقت الحرب بظلالها الثقيلة على مئات الآلاف من المواطنين العُزّل الذين فقدوا أعزاء لهم، ودُمّرت منازلهم، ونزحوا من مناطق سكنهم، وهم يحتاجون المساعدة والعون للعودة إليها، لا إشعال نار الحرب وقرع طبولها مجددا.
لم تنتصر إسرائيل ولم يُهزم حزب الله اللبناني في هذه الحرب، لكن آثار الحرب ستُبقي جروحا عميقة جدا في نفوس الناس.
لن يتوقف النقاش في لبنان وإسرائيل حول ما حصل، ولن يصمت المحللون السياسيون والعسكريون حول تقييم نتائج الحرب، وسيبقى بعضهم يعتقد بأن أكلاف الحرب هي مؤشر الربح والخسارة.. بيد أن الخسارة الحقيقية أكبر من هذا بكثير وهي لا تُقدّرُ بثمن.
قد يكون الحديث عن اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، اليوم، غريبا نوعا ما ولدرجة معينة، على الرغم من تداول بعض الأخبار عن محاولات هنا وهناك للتوصل إلى هدنة أو اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنني أعتقد أن الظروف مواتية جدا لاتفاق نهائي لوقف إطلاق النار ووقف حرب الإبادة في القطاع المُحاصر والمدمّر، والذي يحاول التقاط أنفاسه للبقاء والصمود، ونفض غبار الحرب عن شعبنا المكلوم في القطاع الجريح. كما حريٌ بكافة الدول المعنية العمل بجدية مطلقة من أجل وقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية ومنع تدحرج كرة الثلج المشتعلة.
الظاهر أننا أمام أسابيع ولربما شهورا قاسية جدا وفي منتهى الصعوبة، بسبب تعنت إسرائيل واستمرارها بخروقاتها وانتهاكاتها في لبنان، واقترافها المجازر تلو المجازر في قطاع غزة، وعملياتها العدوانية في الضفة الغربية، أمام مرأى ومسمع من العالم الذي يتشدّقُ بالدفاع عن حقوق الإنسان وحقه العيش بحرية وكرامة على أرض وطنه..
الفلسطينيون واللبنانيون وكافة الأحرار في هذا العالم يستحقون العيش الكريم بعيدا عن الحروب والويلات والمجازر والدم.
المصدر: عرب 48