بعد نصيحة “الشارك حمادة”.. ما تأثير العمل 12 ساعة و6 أيام أسبوعياً؟
10:52 ص
الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
كتبت أميرة حلمي:
أثار رجل الأعمال محمد فاروق، الشهير بـ”الشارك حمادة”، حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد مطالبته بزيادة ساعات العمل في مصر إلى 12 ساعة يوميًا مدة 6 أيام في الأسبوع.
“فاروق” قال خلال لقائه ببودكاست “حكاية مدير”: “بعد كوفيد (جائحة كورونا) كل الناس ابتدوا يقولوا work life balance (التوازن بين العمل والحياة) وكلام الدلع ده.. كل ده غلط تام وكل الدول اللي عملت كده راحت في 60 داهية”، مضيفا أن “الصين بتشتغل من 9 لـ9، 6 أيام في الأسبوع”.
على الرغم من أن تصريحات فاروق لاقت صدى واسعًا، فإنها تتضمن بعض المعلومات غير الدقيقة. وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الوطني الصيني، بلغ متوسط ساعات العمل في الصين 48.8 ساعة أسبوعياً في عام 2024، أي ما يعادل حوالي 8.13 ساعة يومياً على مدار 6 أيام، وليس 12 ساعة يومياً كما ذكر فاروق. وتجدر الإشارة إلى أن العمل بنظام “996” (12 ساعة يومياً لمدة 6 أيام في الأسبوع) يُعتبر غير قانوني وفقاً لأحكام المحكمة الشعبية العليا في الصين.
ظاهرة “ابن الشركة”
في العديد من الشركات حول العالم، يُطلق على الموظف الذي يعمل ساعات إضافية أو يقضي أوقات إجازته في العمل لقب “ابن الشركة”، وهو مصطلح يعكس التزام الموظف المفرط بالشركة، وقد يُعتبر هذا التسمية إيجابية في بعض الأحيان. لكن الدراسات تكشف عن تأثيرات سلبية للعمل لساعات طويلة على الإنتاجية وصحة الموظفين.
زيادة ساعات العمل لا تعني زيادة الإنتاجية
تشير تقارير منظمة العمل الدولية إلى أن العمل لساعات طويلة يؤدي في النهاية إلى انخفاض الإنتاجية. ففي دراسة نشرتها المنظمة، تم التأكيد على أن زيادة ساعات العمل بنسبة 10% تؤدي إلى انخفاض بنسبة 2.4% في الإنتاجية لكل ساعة عمل. ويُظهر تقرير آخر من معهد اقتصاديات العمل الألماني لعام 2017 أن زيادة ساعات العمل بنسبة 1% تؤدي إلى زيادة ضئيلة في الإنتاجية بنسبة 0.9% فقط. هذا يشير إلى أن الإرهاق الناتج عن ساعات العمل الطويلة يضعف قدرة الموظف على الأداء بكفاءة.
الأضرار الصحية للعمل المفرط
أظهرت تقارير منظمة العمل الدولية أن العمل لساعات طويلة يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المهنية والإرهاق. كما يؤدي إلى تراجع الأداء نتيجة للإجهاد الجسدي والعقلي المستمر.
تجاهل مفهوم التوازن بين العمل والحياة (WorkLife Balance) يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية كبيرة على كل من الإنتاجية الشخصية وصحة الموظفين. إليك تأثيرات تجاهل هذا المفهوم:
1. تأثير على الصحة العامة: الإجهاد البدني والعقلي:
العمل لساعات طويلة دون أخذ فترات راحة كافية أو تخصيص وقت للحياة الشخصية يؤدي إلى إرهاق بدني وعقلي، مما يعرض الأفراد للإصابة بمشاكل صحية مثل ارتفاع ضغط الدم، الأمراض القلبية، السكري، وأمراض أخرى متعلقة بالإجهاد المستمر. حسب دراسة منظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن العمل المفرط يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض القلب التاجية.
أبحاث منظمة العمل الدولية (ILO): أشارت تقارير المنظمة إلى أن ساعات العمل الطويلة تزيد من احتمالية الإصابة بالإرهاق، وضعف الأداء العقلي، مما يعوق قدرة الموظف على إتمام المهام بكفاءة. دراسة أجراها معهد الاقتصاد الأمريكي أظهرت أن العمل لساعات طويلة دون فترات راحة منتظمة يمكن أن يؤدي إلى الإصابات النفسية وانخفاض الإنتاجية.
2. تأثير على الإنتاجية:
بحسب منظمة العمل الدولية، فإن زيادة ساعات العمل بنسبة 10% يؤدي إلى انخفاض بنسبة 2.4% في الإنتاجية لكل ساعة عمل. وبالمثل، أظهرت دراسة معهد اقتصاديات العمل الألماني في 2017 أن زيادة ساعات العمل بنسبة 1% رفعت الإنتاجية بنسبة 0.9% فقط، مما يثبت أن الإرهاق يحد من قدرة الموظف على العمل بكفاءة.
3. التأثير النفسي: الاحتراق النفسي (Burnout):
الموظفون الذين لا يحصلون على توازن مناسب بين العمل والحياة الشخصية هم أكثر عرضة للإصابة بالاحتراق النفسي، والذي يسبب قلة الحافز، وزيادة المشاعر السلبية مثل القلق والاكتئاب. وأفادت دراسة نشرت في مجلة “Journal of Applied Psychology” بأن الموظفين الذين يعانون من العمل المفرط لديهم مستويات أعلى من القلق والاكتئاب، مقارنة بزملائهم الذين يتمتعون بتوازن جيد بين العمل والحياة.
4. التأثير على العلاقات الشخصية والعائلية:
تجاهل التوازن بين العمل والحياة يؤدي إلى تقليل الوقت المتاح للتواصل مع الأسرة والأصدقاء، مما يؤثر سلبًا على العلاقات الشخصية ويزيد من احتمالية الإصابة بمشاكل اجتماعية مثل العزلة والانفصال العائلي. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن قلة التوازن بين العمل والحياة تؤدي إلى مشكلات في العلاقات الاجتماعية بسبب غياب الوقت الكافي للتفاعل مع الآخرين.
5 تأثير على مستوى التحفيز والابتكار:
انخفاض الحافز والابتكار، عندما لا يجد الموظف توازنًا بين العمل وحياته الخاصة، يبدأ في فقدان الحافز ويصبح أقل قدرة على التفكير الإبداعي أو تقديم حلول مبتكرة.
كيف يمكن تحسين بيئة العمل؟
أوصت منظمة العمل الدولية بضرورة تقليص ساعات العمل الطويلة واعتماد أنظمة عمل مرنة لتحسين الإنتاجية والحفاظ على صحة الموظفين. ومن بين المقترحات التي أوردتها المنظمة:
تقليل ساعات العمل الإضافية.
توفير فترات راحة منتظمة خلال اليوم.
تحسين البيئة الصحية والنفسية في مكان العمل.