تقييد المواطنين استنادا إلى معلومات شرطية انتهاك لحقوق الإنسان
توضيحية (Getty Images)
قال الناشط في حقوق الإنسان، وعضو “الجمعية لمناهضة العنصرية”، المحامي مؤيد ميعاري، لـ”عرب 48” إن “القانون الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي يوم الأربعاء الماضي، والذي يسمح بفرض قيود على المواطنين بناء على معلومات استخباراتية، غير دستوري وينتهك قوانين الأساس المتعلقة بحق الإنسان في الحركة والحق بالخصوصية والحق بالأمان والعيش بكرامة”.
وأكد أن “فرض هذا قانون هو بمثابة إعلان إفلاس من قبل المؤسسة الإسرائيلية وشرطتها بالأساس، وفشلها في محاربة الجريمة في المجتمع العربي”.
وعن توقيت إصدار هذا القانون والهدف منه، يقول الحقوقي ميعاري إنه “واضح تماما أن هذا القانون موجه بالأساس ضد المواطنين العرب، وأنه جاء نتاج فشل استمر لسنوات طويلة جدا، وبالذات في السنتين الأخيرتين اللتين تسلّقت فيهما الجريمة في المجتمع العربي إلى مستويات كبيرة جدا”.
وأشار إلى أن “السلطات الإسرائيلية تزعم أنه من خلال هذا القانون ستكون قادرة على الحد من الجريمة، لكنها للأسف الشديد وجدت الحل بتشريع قانون غير دستوري وفيه انتهاك لحقوق الإنسان من أجل الوصول إلى هذه النتيجة”.
وردا على سؤال “عرب 48” حول كيفية قراءته للتناقض في سلوك وزير الأمن، يسرائيل كاتس، فمن جهة هو يمنع الاعتقالات الإدارية ضد اليهود، ويصادق على اعتقالات إدارية ضد العرب الفلسطينيين، لا بل إنه يوافق على مثل هكذا قانون لفرض قيود على المواطنين دون تهمة ودون إدانة، أوضح ميعاري أن “هذا القانون يشرّع استخدام وسائل إدارية وأدلّة غير قانونية من أجل محاربة الجريمة التي هي في النهاية عمل جنائي يمكن الحد منه بواسطة القوانين المتبعة كما هو الحال في المجتمع اليهودي”.
ورأى أن “السماح باستخدام أساليب إدارية في المجتمع العربي بينما تمنع الاعتقالات الإدارية في ما يخص المجتمع اليهودي هو مثال واضح على الهدف من إقرار هكذا قانون والهدف منه ومن سيستهدف”.
وتطرق العضو في الجمعية لمناهضة العنصرية إلى ما تنطوي عليه مثل هذه القوانين من خطورة بالقول إن “هذا القانون تم تشريعه في البرلمان الإسرائيلي (الهيئة التشريعية) وهو ليس قرارا وزاريا، وهذا أخطر، لأنه يدل على توجه عام من قبل الدولة تجاه المواطنين العرب حيث يضع النقاش في موضوع حماية حقوق المواطنين العرب واحترام حريتهم ومنع انتهاك حقوقهم على الهامش ولا يثار النقاش بشكل جدي بحيث يكفل حقوق وحرية المواطنين العرب”.
وقال ميعاري إنه “من المفترض أن يشعر أبناء المجتمع العربي بالرضى فيما لو كان هذا القانون فعلا يهدف محاربة الجريمة، خاصة أن المجتمع العربي هو أكبر المتضررين من هذه الآفة، لكن الواقع أن تشريع هذا القانون ونجاعته في محاربة الجريمة مشكوك فيها لأنه سيتم من خلاله انتهاك حقوق أساسية للمواطن العربي وسيتيح هذا القانون – الذي يعطى أو يغلّف بـ ‘صبغة قانون’ وملزم بقرار من المحكمة المركزية – تقييد الحريات الأساسية للمواطنين، ونحن نعلم جيدا بأن المحاكم الإسرائيلية ليست الجهاز الذي ينصف العربي ويكفل له حقوقه، والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها المصادقة على اعتقالات إدارية ضد مواطنين عرب في الوقت الذي يصرح به الوزير بأنه سيمنع الاعتقالات الإدارية عن اليهود”.
وعن سؤال حول اعتقاده بأن الشرطة بحاجة لصلاحيات إضافية لمحاربة الجريمة، وما إذا كانت الوسائل المتوفرة لديها غير كافية لمكافحة الجريمة؟ أجاب الحقوقي أنه “يكفي أن نقارن بين وضع الجريمة في المجتمع اليهودي مقابل ما يحدث في المجتمع العربي، وواضح أن لدى جهاز الشرطة ما يكفي من الوسائل لمحاربة الجريمة وبالقوانين الموجودة اليوم يمكن محاربة الجريمة بشكل فعال، ولكن ما ينقص الشرطة والمؤسسة الإسرائيلية هي الإرادة والقرار بمحاربة الجريمة. وهذا القرار حتى اليوم غير موجود على مستوى قيادة الشرطة والدولة، والسياسة التي تنتهجها الشرطة هي عفوية وغير مدروسة وتصريحات المسؤولين في الشرطة ووزير الأمن القومي حول ‘إنجازات’ في مكافحة الجريمة ما هو إلا كلام عبثي ولا يتعدى كونه ذرّا للرماد في العيون وللاستهلاك العام”.
وعن دور “الجمعية لمناهضة العنصرية” في التصدي لمثل هكذا قوانين تطغى عليها الصبغة العنصرية، والتي تستهدف المواطنين العرب دون سواهم، قال ميعاري إنه “في الجمعية لمناهضة العنصرية التي أنشئت حديثا جدا بدأنا في عملنا من أجل رصد وتوثيق جميع مظاهر العنصرية التي تنتهج ضد المجتمع العربي في الداخل، منها طبعا التشريعات العنصرية التي نشهدها بالذات في الأشهر الأخيرة وسياسات عنصرية عديدة في تعامل المؤسسات مع المواطن العربي في الداخل، وعندما يتم تركيز عمل الجمعية سيتم نشر تقارير ودراسات حول هذه الممارسات وسيتم استخدامها لفضحها بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية”.
تجدر الإشارة إلى أن الكنيست الإسرائيلي صادق، يوم الأربعاء الماضي، بالقراءتين الثانية والثالثة، على قانون يسمح بفرض قيود على المواطنين فقط بناءً على معلومات استخباراتية تقدمها الشرطة، حتى وإن لم يكونوا مشتبهين في أي جرم، ودون الحاجة لتقديم أدلة ملموسة، في إجراء يستهدف المواطنين العرب.
وقدم مشروع القانون عضو الكنيست تسفيكا فوغل (من حزب “عوتسما يهوديت”)، فيما يعمل الائتلاف على دفع العملية التشريعية قدمًا على الرغم من معارضة وزارة القضاء، التي ادعت في مناقشات سابقة بأنها تعمل على صياغة مشروع قانون حكومي في هذا الشأن.
وفي نص القانون، ادعى فوغل أنه يهدف إلى منح الشرطة أدوات إضافية في إطار مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، وأنه يسعى إلى إصدار أمر مؤقت تصل مدته إلى عامين، يتيح للمحكمة المركزية إصدار أوامر لفرض قيود تشمل حظر الدخول إلى مناطق معينة، وإلزام الإقامة أو التواجد في مكان معين؛ وحظر مغادرة مكان الإقامة؛ وحظر التواصل الشفهي أو الكتابي مع أشخاص معينين؛ وقيود على القيادة، واستخدام الإنترنت، ومنع السفر بناءً على معلومات تقدمها الشرطة.
وبموجب القانون، تحصل الشرطة على صلاحيات إضافية لإصدار الأوامر، مثل القيام بعمليات تفتيش موسعة والحصول على إذن لدخول مكان عمل الشخص المعني بالأمر. كما جرى تحديد أنه في حال خرق المواطن لهذا الأمر، سيتم محاكمته، وستتراوح العقوبة بين سنة إلى أربع سنوات سجن.
يذكر أنه في الشهر الماضي، صادق الكنيست في قراءة تمهيدية على مشروع قانون يسمح لضابط شرطة برتبة نقيب أو أعلى بطلب موافقة من رئيس المحكمة المركزية أو نائبه إصدار أمر يتيح للشرطة اختراق جهاز حاسوب شخصي أو هاتف خليوي.
المصدر: عرب 48