رؤية القائد الجديد للجيش الإسرائيلي: 2025 عام حرب

يتولى الجنرال إيال زامير اليوم (5/3/2025)، مهمّات منصبه رئيسا لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي. ولدى مصادقة الحكومة على تعيينه، الشهر الماضي، حرص رئيسها بنيامين نتنياهو على التذكير بأن القائد الجديد للجيش كان سكرتيرا عسكريّا له، وبأنه أعجب أكثر شيء بحقيقة أنه يتبنّى نهجا هجوميا.
تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات
وكان نتنياهو يلمّح إلى أن هذا النهج من شأنه أن يخدمه في سعيه سوية مع المؤسّسة السياسية الحاكمة برمتها إلى استئناف الحرب من أجل الحرب، في وقت تتواتر فيه تحليلات في إسرائيل تشدّد على أن ما يحكم تحركات رئيس الحكومة هو منظومة من الضغوط الداخلية والخارجية أكثر مما هو رؤية واضحة.
في أول تصريحاتٍ أدلى بها زامير بعد تعيينه، قال إن الحرب التي تشنّها إسرائيل حاليّا وبدأت في قطاع غزّة، وانتقلت إلى جبهات أخرى لم تضع أوزارها بعد، وإن عام 2025 سيكون عام حرب مليئا بالقتال والتحدّيات العسكرية، كون الأزمة لم تنته بعد، ولأن التحدّيات الأساسية ما زالت ماثلة أمام الجيش، وشدّد على أن الحرب على غزّة أثبتت أن على إسرائيل الاعتماد على نفسها، وخصوصا في كل ما هو متعلق بالذخيرة والتسليح، كما شدّد على أن الغاية المُثلى للجيش الإسرائيلي تحت قيادته أن يثبت لـ"أعداء إسرائيل أنهم يواجهون قبضة قوية". وفي تهديدٍ جليّ، استشهد زامير بنص من سفر المزامير في التناخ: "أَتْبَعُ أَعْدَائِي فَأُدْرِكُهُمْ، وَلاَ أَرْجعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ".
في المناخ العام السائد في إسرائيل، قول زامير إن 2025 سيكون عام حرب محل إجماع شبه تام. وبناء على ذلك، عليه قيادة مسارٍ لإعادة بناء القوة خلال فترة استمرار القتال. وبالرغم من أن كثافة القتال انخفضت، مقارنةً بعام 2024، إلا أن الوضع ما زال بعيدا عن العودة إلى العمل الأمني ما قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ناهيك عن تأكيد الحاجة إلى جهوزية دائمة لتجدُّد إطلاق النار.
ولا تُعدّ تصريحات زامير هذه الدليل الإسرائيلي الوحيد على أن 2025 قد يكون عام حرب أيضاً، فقد سبقته دلائل أخرى، تمثّل أبرزها في توصيات "لجنة ناغيل"، والتي عينتها الحكومة الإسرائيلية الصيف الماضي لدرس بناء قوة إسرائيل وميزانية الدفاع والأمن، ووقف على رئاستها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي يعقوب ناغيل، وقدّمت توصياتها بهذا الشأن إلى نتنياهو في كانون الثاني/ يناير الماضي، وكان أبرزها زيادة نحو 15 مليار شيكل سنويا للأجهزة الأمنية، وتمديد الخدمة العسكرية الإلزامية إلى 3 أعوام، وضرورة تجنيد جميع سكان الدولة، والتحذير من تهديد سوري/ تركي محتمل.
ومن جملة ما تطرقت اللجنة إليه سقوط نظام بشار الأسد في سورية وتدمير معظم قدرات الجيش السوري من جانب الجيش الإسرائيلي، فأكدت وجوب رفض الدعوات إلى تقليل الحاجة للاستثمار في تعاظم القوة العسكرية، لافتة إلى أن إسرائيل قد تجد نفسها أمام تهديد جديد في سورية لا يقل خطورة عن سابقه على شكل "قوة سنيّة متطرّفة" لن تقبل بوجود إسرائيل.
وستتفاقم المشكلة "إذا ما تحولت القوة السورية إلى ذراع تركي كجزء من تحقيق حلم تركيا باستعادة التاج العثماني، ما قد يؤدّي إلى مواجهة تركية إسرائيلية مباشرة".
بموازاة ذلك، لا يغيب في هذا المناخ واقع أن العلاقات بين المؤسّستين السياسية والعسكرية في إسرائيل هي في حضيض غير مسبوق، وأن المؤسّسة السياسية هي من دون أدنى كوابح. وهذا ما تدلّ عليه تصريحات أرفع مسؤوليها، وفي مقدّمتهم نتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس اللذان يهدّدان، على طريقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بفتح "حرب جهنم" على غزّة، وكأن الحرب لم تكن كذلك.
وإزاء ذلك، قلائل فقط يعتقدون أنه في غياب المعارضة السياسية الفاعلة للحكومة، وضعف احتجاج الشارع الإسرائيلي على الحرب، وتساوق وسائل الإعلام، وحدَه زامير يستطيع، ومن واجبه أن يكبح ذلك.
المصدر: عرب 48