Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

"الترامبزم"… قراءة في عقلية ودبلوماسية ترامب وحكومته: غزة نموذجا

"الترامبزم" هي ردة فعل لأزمة نظام الديمقراطية الليبرالية بعد انتصارها في الحرب الباردة، خصوصا بعد ما هزّت أحداث تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة قواعدها وأسسها. في هذا السياق، يتضح تراجع دور الدولة في تلبية احتياجات مواطنيها الأساسية في مجالات الأمن والأمان الشخصي، والرفاه الاجتماعي والاقتصادي، والأمن القومي.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

تفاقمت هذه الأزمة مع تطور ظاهرتين عالميتين: "الإسلام فوبيا" (الخوف من الإسلام) وتكثيف الهجرة العالمية إلى أوروبا والولايات المتحدة، مما شكّل وما زال تحديا كبيرا لمبدأ مساواة حقوق المواطنين المكفولة دستوريا وقانونيا، والأمن الشخصي والجماعي في ظل التجاوزات على القانون وتهديد السلم الاجتماعي والهوية الجماعية، والرفاه الاقتصادي، والمتهم بها هم الأقليات المهاجرة، خصوصا في الولايات المتحدة.

في هذا السياق، يُفهم "الترامبزم" كتفاعل داخلي مع أزمة الديمقراطية الليبرالية بمنظور دبلوماسية الاقتصاد ورجل الأعمال. لفهم هذا الواقع، يجب إدراك عقلية دونالد ترامب التي تشكّلت من دبلوماسية الاقتصاد ووعي القوة وفنون استخدامها، والتي تعتمد على القواعد التالية:

أولا: دبلوماسية مبادرات الإرباك غير المتوقعة. هنا لا توجد أهمية للتقليد الدبلوماسي الموروث، وكذلك لا أهمية للخبراء والمختصين في ظل اعتماد نهج المبادرات المفاجئة وغير المتوقعة المدعومة بعوامل القوة.

ثانيا: دبلوماسية المردود الاقتصادي المباشر في العلاقات الدولية. يُنظر للعلاقات الدولية هنا على أنها مجرد أعمال اقتصادية، وليس للإحساس بالآخر، أو التراث، أو التاريخ، أو العادات المطبّقة معنى. حتى المبادئ الإيمانية الخاصة بالطرف الآخر تمثل جزءًا من المفاوضات. كل شيء هنا قابل للتداول ويتمحور حول توازن الأسعار، الربح والخسارة، والتغيرات في الأسواق العالمية، كما يتضح من تعامل ترامب مع السعودية، حتى في نيته تقاسم مدخول الحج.

ثالثا: دبلوماسية القوة. العالم لا يفهم إلا القوة، ولا معنى لقوتك إلا إذا استعملتها. وعليه، فإن الولايات المتحدة قوية فقط إذا استخدمت قوتها. جوهر القوة هنا ليس بالضرورة خلق صدامات وحروب، بل غالبا ما يكون الامتناع عنها، وهي الخيار الأخير إذا ما فرضت الرغبات والأهداف من خلال التهديد والوعيد.

خلاصة القول؛ وفقًا لهذه القواعد، يمكننا فهم تصريح ترامب بشأن تهجير سكان غزة. المبادرة كانت مفاجئة، مربكة، مخيفة وغير متوقعة. لقد ارتدت ثوب الاقتصاد ورجال الأعمال، متجاهلة مشاعر أهل غزة وحقهم التاريخي فيها وعليها. كل شيء هنا قابل للتفاوض ويدور حول توازن العائد الاقتصادي أو عدمه. روج للفكرة بالقوة وفتح أبواب جهنم لفرض تنفيذها، لكنها لم تأخذ منحى الصدام حتى الآن، بل ركزت على التهديد لفرض رغبات أميركا وأهدافها.

من هنا، لم يكن تصريح ترامب بشأن ترانسفير أهل غزة زلة لسان، بل كانت من صلب النهج توجها لمبادرة مربكة وغير متوقعة. إذا أصابت أهدافها بتهجير جميع سكان قطاع غزة قسرا، فقد حققت ما أرادت بالكامل، وإذا تم ذلك جزئيا بتهجير أعداد منهم طوعاً، فقد حققت أيضا هدفها بشرط إزاحة حماس عن حكم القطاع. ولهذا، وبشكل غير متوقع، تواصل وتفاوض مبعوث ترامب مع قادة حماس في قطر. وكذلك صرح ويتكوف بأن مبادرة القمة العربية وخطتها تحتوي على إيجابيات يمكن تطويرها لإيجاد الحلول.

يحدث هذا في وقت تعلم فيه إدارة ترامب عن اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي غدا الأحد لإقرار خطة التهجير الطوعي على حد تعبيرهم. وعليه، يبقى التهديد بالعودة إلى الحرب في صلب نهج "الترامبزم"، فإذا أصاب التهديد والوعيد وفرض رغبات إسرائيل وأميركا، فهو هدف التكتيك بعينه. وإذا خاب هذا المسعى، فإن العودة إلى الحرب واستخدام القوة سيكون خيارا لتحقيق الهدف الإستراتيجي: حسم الصراع في كل فلسطين بين النهر والبحر في السنوات القليلة المقبل، قبل 2050 بكثير، كما هو مخطط إسرائيليا.

المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *