فنانة السيراميك ميرنا طعمة: مجموعتي لرمضان تحول السفرة إلى لوحة فنية

ميرنا طعمة، فنانة سيراميك من لبنان، وأمّ لابنتين راشدتين، مشغوفة منذ الطفولة بالفنون والجماليات والموضة. كانت درست الصيدلة، وتخرجت في هذا التخصص، وتزوجت وسافرت خارج لبنان. خلال سنوات الغربة، ابتعدت عن تخصصها الجامعي، وعاد الهوى للفنون ليطرق باب قلبها، فركزت على المجال. مضى اليوم نحو ربع قرن على ممارسة طعمة للرسم على السيراميك وعلى إطلاق مجموعات مُميّزة، وآخرها مجموعة رمضان 2025. بحنكة العارفة والمحترفة، تغوص الفنانة في أمر التقنيات، والاختلافات بين المواد المستخدمة عند الرسم على الكانفاس، مقارنة بالرسم على السيراميك أو البورسلين أو الزجاج، وعن حرارة الفرن، في الحالات الثلاث الأخيرة، وعن نتائج لا يمكن التنبؤ بها حال دخول القطعة المرسومة الفرن. وتتحدث لـ”سيدتي”، في الحوار الآتي نصه، عن هوايتها، التي تحولت إلى فنّ مميز، بخاصة أن طعمة معروفة باستخدام الذهب في الرسم على الأواني.
تقنيات الرسم على البورسلين
متى بدأتِ التركيز على الرسم على أواني المائدة؟ وما كانت دوافعك؟
أُركّز على الرسم على أواني المائدة منذ نحو ربع قرن؛ يرجع الأمر إلى أن الموائد في بيت أمّي كانت عامرة، وكانت تجمعنا على وجبات الغداء أو العشاء، وهي كانت تتفنّن في تنسيق الطاولة. آنذاك، كنت أفكّر أنّه من الجميل أن يجلس المرء إلى مائدة مُنسّقة بعناية، وعليها أطباق وفناجين وأكواب جميلة. من هنا بدأت فكرة الرسم على صوان صغيرة وفوط المائدة أولاً، كأشغال يدوية. ثمّ، تتلمذتُ على يد معلّمة في لبنان، في إطار “أتيلييه” صغير. بقي الأمر في إطار الهواية، قبل أن أسافر إلى الخارج (ليموج بفرنسا وإيطاليا والبرتغال والبرازيل ودول أخرى متخصصة في الرسم على البورسلين) لحضور حلقات دراسية متعلقة ونيل شهادات. علماً أن الرسم على البورسلين يتحقق بحسب تقنيات عدة، لذا أخذت خبرات من مدارس عدة.
ماء الذهب
تتميّزين في استخدام ماء الذهب في رسوماتك؛ حدثينا أكثر عن ذلك والمميزات؟
هناك عيارات عدة للذهب الموظّف في الرسم على البورسلين؛ 12% هو ما أستخدمه أكثر لأنه براق، وهناك عيار 10%، و32% وهو الأغلى، و24% المسمى “الذهب المات” أو المائل إلى البني ومستخدم في قطع الليموج. بالطبع، عند إدخال الذهب بكمّ وافر إلى القطع، ستكون الأخيرة مرتفعة الأثمان، لأن مادة الذهب تشترى بالغرام، تبعاً لأسعار الذهب في العالم. من جهة ثانية، البودرة التي يرسم فيها على البورسلين مكلفة في العادة، مع أسعار تتفاوت بين لون وآخر، لذلك كان الرسم على البورسلين يسمى بـ”الهواية الباذخة”. بالإضافة إلى ذلك، عند العمل بصورة محترفة، وباستخدام أفران متخصصة، يجدر حسن اختيار درجات حرارة الأخيرة، لأن النتيجة النهائية وكيفية ظهور اللون تختلف من درجة حرارة لأخرى.
مجموعة رمضان

ما كانت فكرتك في أواني رمضان التي أطلقتها أخيراً؟ وما هو عددها واستخداماتها؟
كانت الفكرة من مجموعة رمضان، أن تسرّ عيون الصائمين، حين يجلسون إلى الموائد، وينظرون إلى الأدوات وأوعية الشراب الملونة. لذا، اشتريت أدوات الطعام والشراب من ألمانيا، ورسمت عليها، وقمت بالمزج بين أوان محملة برسومات مختلفة، بعضها معبر عن رموز رمضان، والبعض الآخر غير معبر، حتى لا تكون الأطباق الصحون والأواني متطابقة، ما يحول السفرة إلى لوحة فنية متنوعة في عناصرها، من دون الإغفال عن تحقيق الانسجام. في العموم، أستخدم في مجموعاتي ألواناً حيويّةً تنير المائدة.
قصة على المائدة

هل تعتقدين أن أواني المائدة قادرة على حكاية قصة من خلال رسوماتها وتصاميمها؟
بالطبع، أقصّ قصصاً من خلال أواني المائدة المرسومة، مع إمكانية التخصيص أي رسم أفكار محددة تجول في خاطر ربة المنزل، والمزج بين المجموعات، وهذا ما يُميّزني. سواء أكان الأمر يتعلق بمائدة رمضان أو بعرس أو بأي مناسبة أخرى.
شخصيات من عالم الكرتون
لاحظتُ في الفترة الأخيرة أن هناك شخصيات طفولية أو فكاهية تحل على أدوات المائدة، وهناك مجموعات باسمك تتبنى هذا الميل؛ إلى ماذا يرجع ذلك؟
يختار ملّاك المنازل، لا سيما الشباب منهم، الديكورات المودرن أكثر فأكثر؛ لذا سخرت إمكانياتي في الرسم لجعل شخصيات كرتونية تحل على مطافئ السجائر في إحدى مجموعاتي، بالاتفاق مع ما هو دارج في إطار ديكورات المنازل، بالإضافة إلى إطلاق طفايات للسيجار مرسومة، وهذه الأخيرة شبه نادرة، ومناسبة للتهادي.
اهتمام متزايد بفن السيراميك

ماذا عن الرغبة في أن تحل فنون يدوية من بينها الرسم على أواني المائدة؛ هل تلاحظين أن هناك اهتمامًا متزايدًا بذلك؟
تهتمّ النساء أكثر فأكثر في تعلّم الرسم على السيراميك والبورسلين، في إطار الهواية، خصوصاً أن العمل اليدوي في العموم يحمل شيئاً من التطبيب النفسي، والتعبير عن الذات. أمر آخر متعلق بالرسم على السيراميك أو البورسلين هو انتظار الطهي في الفرن، من دون إمكانية التنبؤ بالنتيجة النهائية، وهذه الأخيرة قد تكون إيجابية أو جميلة أو غير متوقعة أو حتى قد تفشل! من جهة ثانية، في حالة الرسم على الكانفاس، فإن التابلوه يعلق على الحائط، وقد يراه المرء أو لا، لكن الأواني تستخدم في الأكل والشرب، وتلمس، وهي موضع فخر من صاحبة المنزل عند الضيافة، خصوصاً عندما تكون مخصصة، فتشعر بها وتكون موضوعاً للمحادثات عند الدعوات.