Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

كلّفتها مليارات الدولارات: كيف تكافح القارّة الإفريقيّة عمليّات غسيل الأموال؟

تعاني القارّة السمراء من ظاهرة غسيل الأموال الّتي تسبّب لها خسائر كبيرة إلى جانب تأثيرها على الاستقرار السياسيّ وتهديدها الأمن كما تجد الصراعات الطائفيّة موردًا لها من عائدات هذه الظاهرة.

وأطلق البنك الإفريقيّ للتنمية في فبراير/ شباط الماضي، خطّة لمكافحة غسيل الأموال بالقارّة، من أجل وضع حدّ لهذه الظاهرة الّتي لها انعكاسات سلبيّة على الاقتصاد والتنمية.

وقال البنك في بيان آنذاك إنّ خسائر إفريقيا من التدفّقات الماليّة غير المشروعة بلغت 90 مليار دولار في 2020 ما يمثّل 3.7 بالمئة من الناتج الاقتصاديّ الإجماليّ للقارّة.

الباحث المغربيّ في الشؤون الإفريقيّة زكرياء أقنوش اعتبر أنّ تنامي ظاهرة الفساد الادّاريّ والماليّ، وغياب المحاسبة من بين أسباب الظاهرة.

وأضاف أنّها تؤثّر على الاستقرار السياسيّ وتهدّد الأمن وغالبًا ما تموّل الصراعات الطائفيّة من عائداتها.

ويقصد بغسيل الأموال مختلف العمليّات الّتي يتمّ خلالها إخفاء المصدر الحقيقيّ للأموال والدخل المكتسب بطريقة غير قانونيّة، مثل تجارة المخدّرات والاتّجار بالبشر، وهو ما ينعكس سلبًا على الأوضاع الاقتصاديّة.

خطّة إفريقيّة

وفي 25 فبراير الماضي، أعلن البنك الإفريقيّ للتنمية، إطلاق خطّة عمل جديدة لمكافحة غسيل الأموال ومكافحة التدفّقات الماليّة غير المشروعة في القارّة السمراء.

وقال في بيان نشره على موقعه الإلكترونيّ: "البنك الإفريقيّ أطلق خطّة عمل جديدة مدّتها 3 سنوات لمكافحة غسل الأموال ومكافحة التدفّقات الماليّة غير المشروعة" في قارّة إفريقيا.

وتظهر الأبحاث، وفق المصدر ذاته، أنّ "خسائر إفريقيا من التدفّقات الماليّة غير المشروعة تضاعفت تقريبًا من 50 مليار دولار سنويًّا عام 2015، إلى 90 مليار دولار في 2020".

وأضاف البنك في بيانه أنّ "هذا المبلغ يمثّل 3.7 بالمئة من الناتج الاقتصاديّ الإجماليّ للقارّة، ويساوي تقريبًا الاستثمار الأجنبيّ والمساعدات الّتي تتلقّاها إفريقيا كلّ عام".

الباحث المغربيّ أوضح أنّه "بقدر ما تؤثّر عمليّات غسل الأموال والتدفّقات الماليّة غير المشروعة على جميع البلدان، فإنّ تأثيرها يضرّ بالبلدان الإفريقيّة بشدّة، خاصّة تلك الّتي تتعافى من الصراع أو الّتي لديها موارد محدودة".

وأفاد أنّ "التدفّقات الماليّة غير المشروعة تشير إلى حركة الأموال عبر الحدود، والّتي تكون غير مشروعة من حيث مصدرها، مثل الفساد أو التهريب، أو من حيث سبب تحويلها، مثل التهرّب الضريبيّ، أو استخدامها، مثل تمويل الإرهاب".

ووصف أقنوش خطّة البنك الإفريقيّ الّتي سمّاها بخطّة عمل لمكافحة غسيل الأموال بـ"المهمّة جدًّا والمهيكلة في إطار عقلنة الأنشطة الماليّة في إفريقيا".

وتأتي هذه الخطوة، وفق الباحث المغربيّ، "بناء على دراسات وأبحاث معمّقة تظهر أنّ خسائر إفريقيا من التدفّقات الماليّة غير المشروعة تضاعفت بمرّتين حيث قفزت من 50 مليار دولار سنويًّا سنة 2015 إلى 90 مليار دولار سنة 2020".

أسباب الظاهرة بالقارّة

وأشار الباحث المغربيّ إلى أنّ الأسباب الّتي أدّت لتنامي ظاهرة غسيل الأموال متعدّدة، منها "تنامي ظاهرة الفساد الإداري والماليّ، واستمراريّة بيئة عدم المحاسبة لبعض مرتكبي هذه الجريمة بالرغم من وجود بيئة قانونيّة جيّدة من حيث التشريعات والقضاء العادل".

وكذلك "القصور الحاصل في النظام المصرفيّ حيث كان لهذا القطاع الدور الكبير في انتشار هذه الجريمة من خلال العمليّات المصرفيّة وبيع العملات الأجنبيّة، وكذلك القروض وعمليّات البيع والشراء في السندات الماليّة".

واعتبر أنّ من بين الأسباب أيضًا، "قصور في التنظيم الاقتصاديّ والإداري" لعمليّات الاستثمار المحلّيّ والأجنبيّ في جميع قطاعات الاستثمار.

ومنها كذلك ظهور عمليّات التحويل الماليّ الإلكترونيّ بين المصارف المحلّيّة والأجنبيّة نتيجة "الثورة الهائلة في العالم الرقميّ وعدم وجود أدوات رقابة فاعلة لمتابعة هذه العمليّات"، وفق الباحث.

وأوضح أنّ السرّيّة المصرفيّة المفروضة على الحسابات الشخصيّة وعدم بذل العناية اللازمة لمعرفة مصادر الأموال، لاهتمام المصارف بالنقد الموجود في حسابات المودّعين، يساهم في هذه الظاهرة.

وبحسب الأمم المتّحدة، فإنّ "غسيل الأموال هو تجهيز العائدات الإجراميّة لإخفاء مصدرها غير المشروع".

ويقول بيان لمنظّمة الأمم المتّحدة منشور على موقعها الإلكترونيّ: "يشجّع مكتب الأمم المتّحدة المعنيّ بالمخدّرات والجريمة الدول لتطوير سياسات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومراقبة وتحليل المشاكل والاستجابات ذات الصلة وزيادة الوعي العامّ عن غسل الأموال وتمويل الإرهاب والعمل كمنسّق للمبادرات الّتي تشترك في تنفيذها الأمم المتّحدة والمنظّمات الدوليّة الأخرى".

التأثير السياسيّ والأمنيّ

وأشار الباحث المغربيّ إلى أنّ عمليّات غسيل الأموال والتدفّقات الماليّة غير المشروعة تؤثّر على الاستقرار السياسيّ وتهدّد الأمن، وغالبًا ما تموّل الصراعات الطائفيّة الّتي تعاني منها القارّة.

كما تؤثّر هذه التدفّقات الماليّة غير المشروعة على التوازنات الاقتصاديّة الكبرى، وبالتّالي "تساعد على تعميق عدم المساواة وإضعاف التماسك الاجتماعيّ، وهدم ما تصبو إليه إفريقيا مستقبلًا"، وفق أقنوش.

وأضاف: "يتبيّن من خلال دراسة أهداف هذه الخطّة واستراتيجيّتها لتنزيلها، أنّها ستوفّر إطارًا لمساعدة البلدان الإفريقيّة على بناء أنظمة رقابيّة قويّة للكشف عن غسل الأموال والتدفّقات الماليّة غير المشروعة، ومنعها من خلال صياغة تشريعات محلّيّة زجريّة لتحريم هذه الممارسات قانونيًّا".

المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *