Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار التقنية

الموديلات الافتراضية.. ثورة الذكاء الاصطناعي في الإعلام والإعلان

بينما ينشغل إيلون ماسك بالتحذير من نهاية العالم بسبب الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي، يرى أندرو نغ أن القلق الحقيقي يكمن في فقدان الناس لوظائفهم، مؤكدًا أن المجتمع سيضطر إلى التكيف مع واقع يتعلم فيه الأفراد باستمرار تبعًا للمهارات المطلوبة في السوق. وهذه الرؤية لا تعبر فقط عن خوف من المستقبل، بل تكشف عن تحول جوهري في علاقتنا بالتقنية، بات يطال حتى أكثر المجالات ارتباطا بالإبداع البشري كعالم الإعلانات.

فاليوم، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة في تصميم الحملات أو تحليل البيانات، بل أصبح عنصرا فاعلا في صناعة الوجوه نفسها، حيث أصبحت الموديلات الافتراضية تُولّد من خوارزميات معقدة لتصبح سفراء رقميّين للعلامات التجارية. ومن خلال هذه النماذج، تنتقل الإعلانات من حدود الصورة الثابتة إلى تجربة مخصصة وغامِرة تخاطب كل فرد على نحو فريد.

ولكن هذا التحول المذهل لا يخلو من التحديات الأخلاقية والتقنية التي تضعنا أمام تساؤلات حول حدود الابتكار، والملكية الفكرية، وموقع الإنسان في عالم يصنع فيه الذكاء الاصطناعي الجمال، ويعيد تعريف الحقيقة ذاتها.

الموديل الرقمي.. بكسل بدل البشر

مع تقدم الذكاء الاصطناعي، لم يعد الحدث مقتصرا على تعديل الصور أو تحسين الحملات الإعلانية، بل أصبح بإمكان المصممين استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتغيير ملامح العارضين في الصور الرقمية، وتعديل ما يرتدونه، أو حتى استبدالهم تمامًا بصور رمزية رقمية بالكامل.

وتفتح هذه القدرة آفاقًا جديدة للإبداع، لكنها تطرح أيضا تساؤلات حول الدور الاقتصادي والعاطفي للعارضين في الصناعة. وكان هذا التأثير محور حدث “المسؤولية حسب التصميم: الذكاء الاصطناعي، الأزياء، والعمل الإبداعي” الذي أُقيم ضمن أسبوع نيويورك للموضة 2025 واستضافته “موديل آلينس” (Model Alliance) وهي مجموعة حقوق عمال صناعة الأزياء.

عقود هشة ووجوه بلا ملكيّة

جمع الباحثون بين تركيز معهد العاملين على العمل الهش وتركيز “داتا أند ساينس” على تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي في أمثلة العمل، خاصة في الصناعات الإبداعية مثل هوليود. وأوضحُوا أن إدخال معايير حول الذكاء الاصطناعي أسهل في السينما والتلفزيون لأن العمال هناك ينتمون إلى نقابات، في حين يصنف العارضون كمُقاولين مستقلين، ولا يمكنهم الانضمام إلى النقابات.

الصورة القاتمة.. ثمن الابتكار الرقمي

هذه الإشكالات القانونية لم تبقَ حبيسة العقود، بل انعكست سريعًا في ممارسات الشركات الكبرى، وسلوكها الإعلاني. فَرغم أن بعض العلامات التجارية مثل “إتش أند إم” (H&M) كانت صريحة بشأن نيتها استخدام الذكاء الاصطناعي في عرض الأزياء، معتبرة إياه وسيلة للابتكار وتقليل التكاليف، فإن الواقع يعكس ثمنًا حقيقيًا لهذا الابتكار، خصوصا العارضين الذين يجدون أنفسهم في بيئة تهيمن عليها علاقات قوة غير متكافئة، حيث تملك العلامات التجارية والوكالات تأثيرا كبيرًا على مصدر رزقهم.

“غيس” و”فوغ”.. الجمال الافتراضي الخادع

ولم يتوقف الجدل عند الانتهاكات الفردية، بل وصل إلى كُبرى العلامات التجارية التي تبنت الذكاء الاصطناعي في حملاتها الدعائية، لتجد نفسها في مواجهة اتهامات بالخداع البصري. وقد واجهت شركتا “غيس” (Guess) و”فوغ” (Vogue) انتقادات واسعة بسبب عرض عارضتين مولدتين بالذكاء الاصطناعي في عدد أغسطس/آب 2025 من المجلة، دون توضيح ذلك.

صوت العلامة التجارية والإنسان أمام سيل الذكاء الاصطناعي

من ناحية أخرى، استفادت علامات مثل “ليكويد ديث” (Liquid Death) من إعلانات أنشأها المعجبون باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث نجحت في التقاط نغمة العلامة التجارية بدقة لدرجة أن الجمهور ظنها رسمية. وهنا يكمن الخطر والفرصة في آن واحد، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز ويقوّض صوت العلامة التجارية بحسب مدى اتساقه مع جوهرها الحقيقي، حيث أن التنفيذ الصادق والمسؤول هو ما يصنع الفارق بين تعزيز العلامة التجارية أو تقويضها بالكامل.

وفي النهاية، وبينما تتلألأ الأضواء على منصات نيويورك ولندن، وتبتسم العارضات الرقمية بوجوه ثابتة جامدة، يظل الإنسان يصارع السؤال نفسه “هل نصنع آلات تحلّ محلنا، أم أدوات تمنحنا الحرية والأمان؟”. ولا يقتصر هذا السؤال على الغرب، بل يهم العالم العربي أيضا، حيث بدأت بعض العلامات التجارية في استكشاف الذكاء الاصطناعي كوسيلة لإبداع محتوى إعلاني جديد، يوازن بين الابتكار والقيم الاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *