موافقة أوروبية مشروطة على صفقة “أدنوك” لشراء “كوفيسترو” بـ12 مليار يورو

حصلت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) على موافقة مشروطة من المفوضية الأوروبية لإتمام صفقتها البالغة 12 مليار يورو للاستحواذ على شركة كوفيسترو الألمانية. يمثل هذا القرار علامة فارقة في مساعي أدنوك لتوسيع نطاق أعمالها في مجال الكيماويات، مع اشتراطات تهدف إلى ضمان المنافسة العادلة في السوق الأوروبية. الصفقة، التي كانت موضع تدقيق مكثف، تأتي في وقت يشهد تحولات كبيرة في صناعة الطاقة والاعتماد المتزايد على المواد المستدامة.
وافقت المفوضية الأوروبية على الصفقة بعد أن قدمت أدنوك تنازلات لمعالجة المخاوف المتعلقة بالدعم الحكومي الذي قد يمنحها ميزة تنافسية غير عادلة. يثير هذا الأمر تساؤلات حول تأثير الاستثمارات الحكومية الأجنبية على الأسواق الأوروبية، خاصة في القطاعات الاستراتيجية مثل الكيماويات.
أدنوك وكوفيسترو: تفاصيل الصفقة والتحديات التنظيمية
تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية أدنوك الأوسع نطاقاً لتنويع مصادر دخلها وتقليل الاعتماد على النفط، مع التركيز على قطاع البتروكيماويات والكيماويات المتخصصة. تعتبر كوفيسترو، الشركة الألمانية الرائدة في إنتاج البوليمرات والمواد عالية الأداء، هدفاً استراتيجياً لأدنوك، حيث ستتيح لها الوصول إلى تقنيات متقدمة وأسواق جديدة.
تحقيق الاتحاد الأوروبي ومخاوف الدعم الحكومي
أطلقت المفوضية الأوروبية تحقيقاً مفصلاً في الصفقة في يوليو الماضي، بموجب القواعد الجديدة المتعلقة بالدعم الحكومي الأجنبي، والتي تهدف إلى حماية الشركات الأوروبية من المنافسة غير العادلة. وقد أعربت المفوضية عن قلقها من أن الدعم المالي غير المحدود الذي تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة لأدنوك قد يمنحها ميزة غير مشروعة.
ذكرت المفوضية أن التمويل الحكومي قد يسمح لأدنوك ببيع منتجاتها بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج، أو بالاستثمار في مشاريع لا تتماشى مع مبادئ المنافسة الحرة. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن تأثير الصفقة على الابتكار في قطاع الكيماويات، حيث قد يتم تقييد وصول المنافسين إلى التقنيات الحيوية.
التزامات أدنوك لتأمين الموافقة
لتجاوز هذه العقبات، قدمت أدنوك سلسلة من التزامات ملزمة قانوناً للمفوضية الأوروبية. تشمل هذه الالتزامات الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لكوفيسترو داخل أوروبا، وتوفير وصول عادل وشفاف إلى براءات الاختراع الأساسية في مجال الاستدامة للمنافسين. وذلك بهدف ضمان استمرار الابتكار والبحث والتطوير في هذا المجال الحيوي.
أكدت مفوضة المنافسة في الاتحاد الأوروبي، تيريسا ريبيرا، أن هذه الالتزامات تعالج بشكل فعال أي آثار سلبية محتملة للصفقة. وأضافت أن إتاحة الوصول إلى براءات الاختراع الأساسية ستمكن الشركات الأخرى من الابتكار وتعزيز الأبحاث في مجال الاستدامة، وهو أمر بالغ الأهمية لمستقبل أوروبا.
ماذا يعني هذا للصفقة المستقبلية والاستثمار في الكيماويات؟
من خلال الاستحواذ على كوفيسترو، تسعى أدنوك إلى تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في صناعة الكيماويات العالمية. تُعد شركة كوفيسترو موردًا رئيسيًا للمواد المستخدمة في مجموعة واسعة من الصناعات، بما في ذلك السيارات والإلكترونيات والبناء.
يأتي هذا الاستحواذ في وقت يشهد فيه قطاع الكيماويات تحولاً نحو الاستدامة والحلول الصديقة للبيئة. وتتوقع أدنوك أن يوفر دمج كوفيسترو فرصًا كبيرة لتطوير وإنتاج مواد مبتكرة تلبي هذه الاحتياجات المتزايدة. كما يعكس هذا التحرك التزام أدنوك بالاستثمار في التقنيات الخضراء.
الخطوة التالية المتوقعة هي إتمام عملية الاستحواذ بشكل رسمي بعد استيفاء جميع الشروط التنظيمية المتبقية. ومع ذلك، قد لا تزال هناك تحديات، بما في ذلك الموافقات التنظيمية الأخرى في مختلف البلدان. سيراقب المراقبون عن كثب التزام أدنوك بالوفاء بالتزاماتها تجاه الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تأثير الصفقة على المنافسة والابتكار في صناعة الكيماويات على المدى الطويل. من المقرر أن تستمر هذه الالتزامات لمدة عشر سنوات، وستخضع للمراجعة الدورية من قبل المفوضية الأوروبية.

