أزمة عالمية صامتة.. 72% من البالغين يكافحون النعاس صباحا

تُعد مشكلة النعاس أثناء النهار من المشكلات الشائعة التي تؤثر على جودة حياة الكثيرين، وتتجاوز مجرد الشعور بالتعب لتطال جوانب مختلفة من الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية. كشف استطلاع حديث أجرته الأكاديمية الأمريكية لطب النوم عن نسبة صادمة، حيث أفاد 72% من البالغين بأنهم يشعرون بالنعاس خلال اليوم، وهو إحساس يؤثر بشكل ملحوظ على أدائهم اليومي. هذا التقرير، الذي نقلته وكالة “هيلث داي”، يلقي الضوء على أهمية فهم أسباب هذا النعاس المزمن وطرق التعامل معه.
تأثيرات النعاس على الحياة اليومية
إن الشعور المستمر بالنعاس لا يقتصر على الإحساس بالإرهاق، بل يمتد ليشمل تأثيرات سلبية واسعة النطاق. الاستطلاع كشف عن أن 60% من المشاركين قد تأثرت حالتهم المزاجية بسبب النعاس، بينما عانى 53% منهم من زيادة في مستويات القلق والتوتر. وعلى الصعيد العملي، أفاد 42% بتدهور ملحوظ في إنتاجيتهم بسبب صعوبة التركيز والتركيز.
هذه النتائج تؤكد أن النعاس ليس مجرد عرض جانبي يمكن تجاهله، بل هو مشكلة صحية حقيقية تستدعي الانتباه والعلاج. فالتأثيرات المتراكمة لهذا النعاس المزمن يمكن أن تؤدي إلى مشاكل أكثر خطورة على المدى الطويل.
الاختلافات بين الجنسين والأعمار في الشعور بالنعاس
أظهرت نتائج الاستطلاع وجود اختلافات ملحوظة في تأثير النعاس أثناء النهار بين الجنسين والفئات العمرية المختلفة. النساء أكثر عرضة من الرجال للإبلاغ عن تأثير النعاس على قدرتهن على إدارة شؤونهن المنزلية، حيث بلغت النسبة 36% مقابل 25% للرجال.
أما فيما يتعلق بالعمر، فكان البالغون بين 25 و 34 عامًا (30%) وبين 35 و 44 عامًا (31%) هم الأكثر تأثرًا بالنعاس في علاقاتهم الشخصية. هذا يشير إلى أن ضغوط العمل والحياة الأسرية في هذه الفئات العمرية قد تلعب دورًا كبيرًا في تفاقم مشكلة نقص النوم والشعور بالنعاس.
الحلول السريعة للنعاس: هل هي كافية؟
يلجأ الكثير من البالغين إلى حلول سريعة للتغلب على الشعور بالنعاس ومحاولة الاستمرار في نشاطهم اليومي. أفاد 56% من المشاركين في الاستطلاع بأنهم يعتمدون على الكافيين (القهوة والشاي والمشروبات الغازية) لتحفيزهم، بينما يلجأ 46% إلى أخذ قيلولة قصيرة.
على الرغم من أن هذه الحلول قد توفر راحة مؤقتة، إلا أنها لا تعالج السبب الجذري للمشكلة. الاعتماد المستمر على الكافيين يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية أخرى، كما أن القيلولة الطويلة جدًا قد تعطل دورة النوم الطبيعية وتزيد من الشعور بالنعاس في وقت لاحق.
تحذيرات الخبراء وأهمية النوم الجيد
يحذر الدكتور إريك أولسون، من كلية مايو كلينيك للطب، من أن اللجوء الدائم إلى الكافيين لكي نتمكن من أداء مهامنا اليومية هو بمثابة إشارة تحذيرية تدل على أننا بحاجة إلى مزيد من النوم. فالكافيين لا يعوض عن نقص النوم، بل يخفي أعراضه مؤقتًا فقط.
توصي الجمعية الأمريكية لطب النوم بأن يحصل البالغون على 7 ساعات أو أكثر من النوم كل ليلة بانتظام. النوم الكافي والجيد ضروري لصحة الدماغ والجسم، ويساعد على تحسين المزاج والتركيز والذاكرة.
وفي بيان رسمي، أكدت الجمعية أن النعاس المفرط في ساعات النهار يعتبر خطرًا على الصحة والسلامة العامة، وأنه “علامة تحذيرية تتطلب عناية طبية”. الاستهانة بهذه العلامة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل خطيرة مثل الحوادث والأمراض المزمنة.
متى يجب عليك استشارة الطبيب بخصوص النعاس؟
إذا كنت تعاني من النعاس الشديد بشكل مستمر، فمن الضروري استشارة الطبيب أو أخصائي النوم. هناك عدة علامات تستدعي التدخل الطبي، منها:
- صعوبة البقاء مستيقظًا أثناء القيام بأنشطة عادية مثل القيادة أو مشاهدة التلفزيون.
- الشخير بصوت عالٍ أو انقطاع النفس أثناء النوم (الهوث).
- مشاكل في الذاكرة أو التركيز.
- صعوبة في النوم أو البقاء نائمًا.
قد يكون النعاس المزمن ناتجًا عن اضطرابات في النوم مثل انقطاع النفس الانسدادي النومي، والذي يمكن علاجه بفعالية. من خلال التشخيص والعلاج المناسبين، يمكنك استعادة طاقتك وتحسين جودة حياتك.
في الختام، إن الشعور بالنعاس أثناء النهار ليس أمرًا طبيعيًا أو يجب أن يتم تجاهله. يجب علينا إعطاء الأولوية للنوم الكافي والجيد، والسعي للحصول على المساعدة الطبية إذا استمرت المشكلة. تذكر أن النوم الجيد هو استثمار في صحتك وسعادتك وإنتاجيتك. لا تتردد في البحث عن معلومات إضافية حول نصائح النوم وتحسين جودة النوم لضمان حصولك على الراحة التي تستحقها.

