عصير البرتقال.. مفتاح الحفاظ على صحة القلب

كشفت دراسة حديثة أن تناول كوبين من عصير البرتقال الطبيعي 100% يومياً قد يؤثر بشكل إيجابي على صحة القلب من خلال تغيير نشاط بعض الجينات. أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعة ساو باولو و جامعتين أمريكيتين، وتقدم رؤى جديدة حول الفوائد الصحية المحتملة للمشروب تتجاوز دوره كمصدر رئيسي لفيتامين سي. وتشير النتائج إلى أن مركبات الفلافونويد الحمضية الموجودة في البرتقال قد تلعب دوراً حاسماً في هذه التأثيرات.
شارك في البحث الذي استمر لعدة أسابيع 20 من البالغين الأصحاء، بهدف دراسة التأثير الجيني لـ عصير البرتقال. يعزز هذا البحث الاهتمام المتزايد بالتغذية الشخصية وكيف يمكن أن تؤثر الأنظمة الغذائية المختلفة على العمليات البيولوجية الفردية. وقد تم تفصيل النتائج ونشرها مؤخراً من قبل الفريق البحثي.
فوائد عصير البرتقال: نظرة على التغيرات الجينية
ركزت الدراسة على تتبع التغيرات في أكثر من 1700 جين داخل خلايا المناعة لدى المشاركين أثناء استهلاكهم لعصير البرتقال. كشف التحليل عن تحولات ملحوظة في الجينات المرتبطة بتنظيم ضغط الدم، واستقلاب الدهون، والاستجابات الالتهابية، وهي عوامل رئيسية مرتبطة بصحة القلب والأوعية الدموية. هذه النتائج تشير إلى أن عصير البرتقال قد يمتلك تأثيرات أعمق على صحة القلب مما كان يعتقد سابقًا.
الآلية الجزيئية وراء التأثير
يعتقد الباحثون أن الفوائد الملحوظة ترجع بشكل كبير إلى وجود مركبات الفلافونويدات الحمضية في البرتقال. تعمل هذه المركبات كمضادات للأكسدة القوية، مما يساعد على حماية الخلايا من التلف الناتج عن الجذور الحرة، بالإضافة إلى خصائصها المضادة للالتهابات. يقلل الالتهاب المزمن من خطر العديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك أمراض القلب.
تأثير الوزن على الاستجابة الجينية
أظهرت الدراسة أيضاً أن الاستجابة الجينية لـ عصير البرتقال تختلف تبعاً لوزن المشاركين. أولئك الذين يتمتعون بوزن طبيعي أظهروا تغييرات في الجينات المرتبطة بشكل أساسي بالالتهاب، بينما أظهر الأفراد ذوو الوزن الزائد تغييرات في الجينات المسؤولة عن استقلاب الدهون واستخدام الطاقة. يشير هذا إلى أن فوائد عصير البرتقال قد تختلف اعتماداً على مؤشر كتلة الجسم (BMI) للشخص.
سلطت أخصائية التغذية نيكوليت بايس الضوء على أهمية هذه النتائج، مؤكدة أن عصير البرتقال يوفر فرصة دراسية قيمة لفهم كيف يمكن للتغذية الشخصية أن تحسن النتائج الصحية. ومع ذلك، أكدت أنه ليس “إكسيراً سحرياً” وأنه يجب تناوله باعتدال كجزء من نظام غذائي متوازن.
قيود الدراسة ومستقبل البحث
على الرغم من النتائج الواعدة، اعترف الباحثون بوجود بعض القيود. كانت الدراسة صغيرة نسبياً ولم تتضمن مجموعة تحكم (مجموعة مقارنة تتناول مشروبًا بديلاً). لذلك، فإن النتائج تشير إلى وجود ارتباطات وليس علاقات سببية. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد ما إذا كانت هذه التغييرات الجزيئية تترجم إلى تحسينات سريرية في صحة القلب على المدى الطويل.
تشير الأبحاث السابقة إلى أن تناول عصير البرتقال قبل الوجبات يمكن أن يقلل من كمية السعرات الحرارية المستهلكة ويساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم. ويعزى ذلك أيضاً إلى وجود الفلافونويدات التي تبطئ امتصاص السكر في الجسم. هذا يوفر دعماً إضافياً للفوائد الصحية المحتملة للعصير.
من المتوقع أن يركز البحث المستقبلي على إجراء تجارب سريرية أكبر وأكثر شمولاً، بما في ذلك مجموعات تحكم، لتقييم التأثير طويل المدى لـ عصير البرتقال على صحة القلب والأوعية الدموية. سيساعد ذلك على تحديد الجرعة المثالية وأنواع الأفراد الذين قد يستفيدون بشكل أكبر من دمجه في نظامهم الغذائي. في الوقت الحالي، من الضروري مراجعة هذه النتائج بحذر والتركيز على اتباع نظام غذائي صحي ومتنوع بشكل عام.

