فقاعة الذكاء الاصطناعي.. مخاوف تتجدد واستثمارات تتضخم

حذّر ساندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت المالكة لغوغل، من أن الاستثمار المتزايد في الذكاء الاصطناعي، على الرغم من كونه تطوراً هاماً، يحمل أيضاً مخاطر “لاعقلانية”. جاءت تصريحاته في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في الثامن عشر من نوفمبر 2025، وسط مخاوف متصاعدة بشأن تشكل فقاعة استثمارية جديدة في قطاع التكنولوجيا، خاصة مع الارتفاع الكبير في تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي خلال الأشهر الأخيرة.
وأكد بيتشاي أن أي انهيار محتمل لهذه الفقاعة سيؤثر على جميع الشركات، بما في ذلك ألفابت، مشيراً إلى أن حجم الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والمشاريع الناشئة قد لا يتناسب مع العائدات المتوقعة. وتأتي هذه التحذيرات في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا منافسة شرسة لجذب الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تقييمات قياسية لبعض الشركات.
ارتفاعات قياسية في تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي
شهدت أسهم ألفابت ارتفاعاً مضاعفاً خلال سبعة أشهر، لتصل قيمتها إلى 3.5 تريليونات دولار. وفي الوقت نفسه، تجاوزت القيمة السوقية لشركة إنفيديا 5 تريليونات دولار، وهو رقم غير مسبوق عالمياً. يعكس هذا الارتفاع الكبير التفاؤل بشأن إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحويل مختلف الصناعات.
وتشير التقارير إلى وجود شبكة معقدة من الصفقات الاستثمارية في مجال الذكاء الاصطناعي، تصل قيمتها إلى 1.4 تريليون دولار، مرتبطة بشركة “أوبن إيه آي”. ومع ذلك، فإن إيرادات الشركة المتوقعة هذا العام تمثل أقل من 1% من حجم الاستثمارات التي تلقتها. هذا التفاوت يثير تساؤلات حول مدى استدامة هذه التقييمات المرتفعة.
ويرى محللون أن الوضع الحالي يذكر بفقاعة الإنترنت في أواخر التسعينيات، حيث انهارت أسعار أسهم الشركات الناشئة، وخسر المستثمرون مبالغ طائلة. ومع ذلك، يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يختلف عن الإنترنت من حيث التأثير المحتمل على الاقتصاد والمجتمع.
تأثير الذكاء الاصطناعي على استهلاك الطاقة
أشار بيتشاي أيضاً إلى أن تطوير وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي يتطلب كميات هائلة من الطاقة. ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة، بلغ استهلاك الذكاء الاصطناعي 1.5% من إجمالي استهلاك الكهرباء العالمي في العام الماضي. هذا الاستهلاك المتزايد يثير مخاوف بشأن الأثر البيئي لهذه التكنولوجيا.
وأقر بيتشاي بأن توسع أنشطة الذكاء الاصطناعي لدى ألفابت قد أدى إلى تباطؤ التقدم نحو تحقيق أهداف الشركة في مجال المناخ. ومع ذلك، أكد أن الشركة لا تزال ملتزمة بالوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2030، من خلال الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة.
مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على سوق العمل
وصف بيتشاي الذكاء الاصطناعي بأنه “أعمق تقنية عملت عليها البشرية”، مؤكداً أنه سيحدث “اضطرابات مجتمعية” كبيرة، ولكنه سيخلق أيضاً فرصاً جديدة. وأشار إلى أن التكيف مع هذه التكنولوجيا سيكون ضرورياً للنجاح في المستقبل.
وأضاف أن المهارات المطلوبة في سوق العمل ستتغير، وأن الأفراد الذين يتعلمون استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي سيكونون أكثر قدرة على المنافسة. ويرى أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الوظائف بشكل كامل، بل سيغير طبيعة العمل ويتطلب من الأفراد اكتساب مهارات جديدة.
من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتطوير تطبيقات جديدة في مختلف القطاعات. وستراقب الأسواق عن كثب تطورات هذا القطاع، وتقييم المخاطر والفرص المرتبطة به. من المرجح أن تشهد الحكومات والمنظمات الدولية نقاشات مكثفة حول كيفية تنظيم هذا القطاع وضمان استخدامه بشكل مسؤول وأخلاقي.

