أعلنت شركة إنفيديا (Nvidia) الأمريكية، الرائدة في مجال تصنيع الرقائق الإلكترونية، عن نتائج مالية للربع الثالث من عامها المالي 2025، تجاوزت التوقعات بشكل كبير، مما يعزز مكانتها في سوق الذكاء الاصطناعي المتنامي. وقد أظهرت الشركة نموًا ملحوظًا في الإيرادات والأرباح، مدفوعة بالطلب القوي على وحدات معالجة الرسومات (GPUs) المخصصة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.
ارتفع صافي ربح إنفيديا بنسبة 65% على أساس سنوي، ليصل إلى 31.9 مليار دولار أمريكي في الربع الثالث الذي اختتم في أواخر شهر أكتوبر الماضي. كما شهدت إيرادات الشركة زيادة بنسبة 62%، وهو أول تسارع له منذ سبعة أرباع متتالية، مما يشير إلى زخم متزايد في أعمالها. وقد لاقى هذا الأداء القوي ترحيبًا واسعًا في بورصة وول ستريت، حيث ارتفع سعر سهم إنفيديا بنحو 3% في تعاملات ما بعد الإغلاق.
مبيعات بلاكويل والطلب على الذكاء الاصطناعي
أكد الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جينسن هوانغ، أن مبيعات رقائق “بلاكوييل” (Blackwell) – أحدث تقنيات الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي – قد فاقت التوقعات، وأن جميع وحدات معالجة الرسومات السحابية من هذا الطراز قد بيعت بالكامل. تشهد بيئة الذكاء الاصطناعي توسعًا سريعًا، مع ظهور عدد متزايد من الشركات والمطورين الذين يعتمدون على هذه التقنيات في مختلف الصناعات.
وتعزى هذه الزيادة في الطلب إلى التطورات المتسارعة في مجالات مثل التعلم الآلي، ومعالجة اللغات الطبيعية، ورؤية الكمبيوتر، حيث تلعب وحدات معالجة الرسومات دورًا حيويًا في تسريع عمليات الحساب المعقدة. بالإضافة إلى ذلك، يشهد قطاع مراكز البيانات نموًا هائلاً، حيث تسعى الشركات إلى بناء بنية تحتية قوية لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
اتساع قاعدة العملاء وتأثير مبيعات الخدمات السحابية
تظهر بيانات إنفيديا أن تركيز أعمالها يتزايد، حيث استحوذ أربعة عملاء رئيسيين على نسبة 61% من إجمالي المبيعات في الربع الثالث، مقارنة بنحو 56% في الربع السابق. يوضح هذا الاتجاه أهمية الشراكات الاستراتيجية التي عقدتها إنفيديا مع كبرى شركات الخدمات السحابية.
كما أبرمت الشركة عقودًا بقيمة 26 مليار دولار لإعادة استئجار رقائقها من عملاء الخدمات السحابية، وهو ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بالربع السابق. يعكس هذا الأمر الطلب المتزايد على الموارد الحسابية اللازمة لتطوير وتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في السحابة.
في المقابل، يرى بعض المحللين أن النتائج المالية القوية لشركة إنفيديا قد لا تكون كافية لتهدئة المخاوف المتعلقة بوجود “فقاعة” في سوق الذكاء الاصطناعي. تعتمد هذه المخاوف على التساؤلات المتعلقة باستدامة نمو الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وإمكانية حدوث تضخم في التقييمات.
وعلى الرغم من ذلك، يؤكد جينسن هوانغ أنه لا يرى أي مؤشرات على وجود فقاعة، مشيرًا إلى أن الطلب على منتجات إنفيديا يواصل الارتفاع بشكل مطرد. يضيف هوانغ أن استثمارات الشركات في الذكاء الاصطناعي تهدف إلى تحقيق مكاسب طويلة الأجل، وليست مجرد عمليات مضاربة قصيرة الأجل.
وتوقع هوانغ أن تصل مبيعات الربع الرابع إلى حوالي 65 مليار دولار أمريكي، بزيادة أو نقصان بنسبة 2%، بما يتوافق مع توقعات المحللين. يعكس هذا التوقع استمرار الزخم القوي في أعمال الشركة، مدفوعًا بالطلب المتزايد على أشباه الموصلات المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
الرقائق الإلكترونية عالية الأداء، مثل تلك التي تنتجها إنفيديا، أصبحت مكونًا أساسيًا في العديد من التقنيات الحديثة، بدءًا من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، وصولًا إلى السيارات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار. ويعتبر الطلب على هذه الرقائق مؤشرًا رئيسيًا على صحة الاقتصاد العالمي، وعلى مدى التبني للتكنولوجيات الجديدة.
في الختام، من المتوقع أن تواصل إنفيديا هيمنتها على سوق الرقائق الخاصة بالذكاء الاصطناعي في المدى القصير والمتوسط. ومع ذلك، يجب مراقبة التطورات المتعلقة بالبنية التحتية التكنولوجية، والمنافسة المتزايدة في هذا المجال، والوضع الاقتصادي العالمي بشكل عام، لتقييم مدى استدامة نمو الشركة في المستقبل.
