شحنة غاز روسية خاضعة للعقوبات تتجه صوب قناة السويس

تتجه ناقلة غاز طبيعي مسال، وهي سفينة “زاريا” الخاضعة لعقوبات أمريكية، نحو قناة السويس بعد فترة من الإبحار في شمال المحيط الأطلسي. ويأتي هذا التحرك في وقت تزداد فيه المخاوف بشأن قدرة روسيا على الالتفاف على العقوبات الغربية من خلال ما يُعرف بـ”أسطول الظل”. هذه الخطوة تثير تساؤلات حول مسارات الشحن البديلة وتحديات الأمن البحري في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية، وتأثيرها المحتمل على أسعار الغاز الطبيعي المسال.
وصلت “زاريا” إلى ميناء بورسعيد في مصر خلال اليومين الماضيين، بحسب بيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرغ. كانت السفينة قد قامت بتحميل شحنة من منشأة “آركتيك إل إن جي 2” الروسية لتصدير الغاز الطبيعي المسال في الشهر الماضي، وهي منشأة مستهدفة أيضًا بالعقوبات الأمريكية. ويهدف هذا المسار إلى توصيل الشحنة إلى الصين، المشتري الرئيسي للوقود الروسي المحظور.
تحديات نقل الغاز الطبيعي المسال عبر المسارات البديلة
يأتي تحرك ناقلة الغاز “زاريا” في أعقاب زيادة التوترات في البحر الأحمر، حيث كثفت جماعة الحوثي في اليمن هجماتها على السفن التجارية. ونتيجة لذلك، تجنب العديد من موردي الغاز الطبيعي المسال هذا الممر الحيوي، مما أدى إلى زيادة أوقات الشحن وتكاليفه.
تأثير هجمات الحوثيين على شحنات الغاز
منذ بداية عام 2024، أثرت الهجمات الحوثية بشكل كبير على حركة الملاحة في البحر الأحمر، مما أجبر شركات الشحن على البحث عن مسارات بديلة أطول وأكثر تكلفة. كانت ناقلة الغاز الروسية “آركتيك مولان” آخر ناقلة عبرت البحر الأحمر جنوبًا في مايو الماضي، وفقًا لشركة “إنرجي أسبكتس”.
وبحسب المحللين، تسلك ناقلات الغاز الروسية الخاضعة للعقوبات حاليًا مسارات أكثر خطورة لتقليل أوقات الرحلات والتكاليف التشغيلية. ويعتبر استخدام قناة السويس، على الرغم من المخاطر الجيوسياسية المحتملة، خيارًا استراتيجيًا لتقصير المسافة بين روسيا وآسيا.
صرح توم بوردي، كبير محللي الغاز الطبيعي المسال لدى شركة “إنرجي أسبكتس”، بأن المخاطر في البحر الأحمر لا تزال متقلبة بسبب التوترات الإقليمية المستمرة وجهود الحوثيين في إعادة التجمع والتسلح. ووفقًا له، فإن عبور “زاريا” للسويس قد يكون علامة إيجابية، ولكنه لا يكفي لإعادة تدفقات الغاز الطبيعي المسال عبر البحر الأحمر إلى مستوياتها الطبيعية.
تُظهر بيانات تتبع السفن أن الصين استقبلت حوالي 15 شحنة من مشروع “آركتيك إل إن جي 2” منذ أغسطس الماضي. ويؤكد هذا على أهمية الصين كوجهة رئيسية للغاز الطبيعي المسال الروسي، حتى مع وجود العقوبات الدولية. كما يشير إلى أن هناك طلباً مستمراً على الغاز الروسي في السوق الآسيوية.
تعتمد روسيا بشكل متزايد على “أسطول الظل” – وهو مجموعة من السفن التي تعمل خارج نطاق المراقبة التقليدية – لتصدير النفط والغاز الطبيعي المسال، وتجنب العقوبات الغربية المفروضة عليها. وتتكون هذه الناقلات غالباً من سفن قديمة أو تم تغيير تسجيلها للتحايل على القيود.
من جهة أخرى، فإن تزايد الاعتماد على هذه الناقلات يزيد من المخاطر المتعلقة بالتأمين والأمان البحري، ويطرح تساؤلات حول مدى فعالية العقوبات في تحقيق أهدافها.
تتجه الأنظار الآن نحو مسار “زاريا” بعد عبورها قناة السويس. سيراقب التجار والمحللون عن كثب ما إذا كانت ستواصل رحلتها عبر البحر الأحمر أم ستختار مسارًا بديلاً. وسيكون هذا القرار مؤشرًا على تقييم الشركة للمخاطر الأمنية في المنطقة، وقد يؤثر على قرارات الشحن المستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تواصل السلطات الأمريكية والأوروبية جهودها لتشديد الرقابة على ناقلات الغاز الطبيعي المسال الخاضعة للعقوبات، وفرض المزيد من القيود على الشركات والأفراد المتورطين في تسهيل هذه الصفقات. وسيكون من المهم مراقبة كيفية استجابة روسيا لهذه الجهود، وما إذا كانت ستجد طرقًا جديدة للالتفاف على العقوبات.

