Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الاقتصاد

لبنان وقبرص يوقعان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية لتمكين استكشاف الغاز

وقّع لبنان وقبرص اتفاقية تاريخية لترسيم الحدود البحرية، مما يفتح الباب أمام التعاون في مجال الطاقة واستكشاف الغاز الطبيعي في المنطقة. يأتي هذا الاتفاق بعد مفاوضات طويلة استمرت نحو 18 عامًا، ويهدف إلى تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة لكل بلد في البحر الأبيض المتوسط، وتسريع عملية استغلال الموارد الطبيعية المحتملة. يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الاستقرار الاقتصادي والجيوسياسي في لبنان والمنطقة.

تم التوقيع على الاتفاقية في بيروت بحضور الرئيسين اللبناني والقبرصي، جوزاف عون ونيكوس خريستودوليدس. وأكد الطرفان أن الاتفاقية مبنية على القانون الدولي، ولا تهدف إلى استبعاد أي طرف آخر من التعاون المستقبلي في مجال الطاقة. وتأتي هذه الخطوة في ظل سعي لبنان لتجاوز أزمته الاقتصادية الخانقة، واستغلال موارده الطبيعية كرافعة للإنعاش.

آفاق جديدة لاستكشاف الغاز الطبيعي في لبنان

تقدر وزارة الطاقة اللبنانية احتياطيات الغاز الطبيعي في مياهها الإقليمية بنحو 30 تريليون قدم مكعب، بالإضافة إلى 660 مليون برميل من النفط. وقد قسمت الوزارة المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى عشرة بلوكات بحرية، بهدف جذب الشركات المستثمرة لاستكشاف هذه الموارد. ومع ذلك، واجهت جهود الاستكشاف تحديات، بما في ذلك نتائج غير مشجعة من بئر “قانا” وتداخل المنطقة مع المناطق المتنازع عليها مع إسرائيل.

أظهرت المسوحات الأولية التي أجرتها شركات عالمية مثل “توتال” و”إيني” و”نوفاتيك” وجود إمكانات واعدة للغاز في البلوكات الجنوبية، خاصة 8 و9. لكن المخاوف بشأن الاستقرار السياسي والأمني، بالإضافة إلى عدم وضوح الحدود مع إسرائيل، أدت إلى تردد الشركات في ضخ استثمارات كبيرة. يهدف الاتفاق مع قبرص إلى تخفيف هذه المخاوف، وتعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية.

التعاون الإقليمي وتصدير الغاز

لا يقتصر التعاون بين لبنان وقبرص على استكشاف الغاز الطبيعي فحسب، بل يشمل أيضًا مجالات أخرى مثل الطاقة المتجددة والاتصالات والسياحة. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطط لتطوير مشاريع مشتركة في مجال الأمن والدفاع، بما في ذلك إنشاء “مركز البحث والإنقاذ” بين وزارتي الدفاع في البلدين. هذه الخطوات تعكس رغبة البلدين في تعزيز العلاقات الثنائية، والمساهمة في تحقيق الاستقرار الإقليمي.

على صعيد آخر، مهّد إلغاء الكونغرس الأمريكي مؤخرًا لقانون “قيصر” الطريق أمام استئناف اتفاقية تصدير الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا. وتعمل مصر حاليًا على وضع اللمسات النهائية لتصدير 650 مليون متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي إلى لبنان بحلول نهاية العام، عبر خط الغاز العربي. هذا الاتفاق من شأنه أن يساعد في تخفيف أزمة الكهرباء التي يعاني منها لبنان منذ عقود.

أشار الرئيس القبرصي إلى أن الاتفاقية تبعث برسالة قوية حول التزام البلدين بالقانون الدولي وتعزيز التعاون الإقليمي. وأضاف أن الاتفاقية تهدف إلى جعل المنطقة ممرًا بديلًا للطاقة إلى أوروبا، وتعزيز دور قبرص كوجهة لتعزيز التواصل بين لبنان والاتحاد الأوروبي. ورد الرئيس عون على ذلك مؤكدًا أن التعاون لا يستهدف أي طرف، بل يهدف إلى دعم الاستقرار والازدهار في المنطقة.

كما رحب الرئيس القبرصي ببدء الحوار بشأن الربط الكهربائي بين البلدين، وأعلن عن التوجه إلى البنك الدولي لإعداد دراسة جدوى للمشروع. ويأتي هذا المشروع في سياق جهود لبنان لمعالجة أزمة الكهرباء المزمنة، التي تفاقمت بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة.

يواجه لبنان تحديات كبيرة في قطاع الكهرباء، بما في ذلك نقص الاستثمارات وتعطّل خطط الإصلاح. وتطبق الحكومة تقنيناً شديداً في استهلاك الطاقة، مما يؤثر سلبًا على حياة المواطنين واقتصاد البلاد. تعتبر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، واتفاقية تصدير الغاز المصري، خطوات مهمة نحو حل هذه الأزمة.

من المتوقع أن تبدأ المفاوضات الفنية بين لبنان وقبرص لتحديد آليات التعاون في مجال الطاقة، وتحديد الخطوات اللازمة لتنفيذ المشاريع المشتركة. كما من المهم متابعة التطورات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، حيث أن هذا الأمر سيؤثر بشكل كبير على قدرة لبنان على استغلال موارده الطبيعية. يبقى مستقبل قطاع الطاقة في لبنان غير مؤكد، ولكنه يحمل في طياته آمالًا كبيرة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *