قهوة بالصراصير” تشعل الجدل في الصين

أثار متحف علم الحشرات في بكين جدلاً واسعاً بتقديم مشروب قهوة فريد من نوعه يعتمد على مكونات غير تقليدية، وهي مسحوق الصراصير المجففة وشرائح ديدان الميلورم. وقد جذب هذا المشروب الغريب اهتمام الزوار ووسائل الإعلام على حد سواء، مما أثار تساؤلات حول مستقبل الغذاء البديل وتقبل المستهلكين له.
يقع المتحف في العاصمة الصينية بكين، وبدأ في تقديم هذا المشروب المبتكر في نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي. وقد تصدر المشروب منصات التواصل الاجتماعي الصينية، حيث شارك العديد من الشباب تجاربهم وآراءهم حوله. ويُباع المشروب بسعر 45 يوانًا صينيًا (حوالي 6.30 دولارًا أمريكيًا).
قهوة الصراصير: تجربة جديدة في عالم المشروبات
يعتبر استخدام الحشرات في الطعام، المعروف باسم “إنتاج الحشرات للاستهلاك البشري”، اتجاهًا متزايدًا في العديد من البلدان حول العالم. ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يمكن أن تلعب الحشرات دورًا مهمًا في تحقيق الأمن الغذائي العالمي، نظرًا لقيمتها الغذائية العالية وتأثيرها البيئي المنخفض مقارنة بالإنتاج الحيواني التقليدي.
يتكون المشروب الجديد في متحف بكين من قهوة تقليدية ممزوجة بمسحوق الصراصير المجففة وشرائح ديدان الميلورم. يصف الزوار الطعم بأنه مزيج من النكهة المحروقة والحموضة الخفيفة، مع قوام مختلف قليلًا عن القهوة العادية.
مكونات المشروب وسلامة الغذاء
يؤكد المتحف أن جميع المكونات المستخدمة في المشروب يتم الحصول عليها من متاجر الطب الصيني التقليدي الموثوقة، وذلك لضمان سلامة وجودة المنتج. تخضع هذه المتاجر لمعايير رقابة صارمة من قبل السلطات الصحية الصينية.
ديدان الميلورم، على وجه الخصوص، هي يرقات خنفساء وتعتبر مصدرًا غنيًا بالبروتين والدهون والفيتامينات. بينما تعتبر الصراصير مصدرًا جيدًا للبروتين والألياف والمعادن.
ومع ذلك، يثير استخدام الحشرات في الطعام بعض المخاوف المتعلقة بالحساسية، حيث قد يعاني بعض الأشخاص من ردود فعل تحسسية تجاه الكيتين، وهي مادة موجودة في الهيكل الخارجي للحشرات.
على الرغم من الجدل، يشير المتحف إلى أن المبيعات تصل إلى أكثر من 10 أكواب يوميًا، مع إقبال ملحوظ من الشباب الفضوليين. في المقابل، لوحظ تراجع في إقبال العائلات بسبب النفور العام من فكرة تناول الحشرات.
وقد شارك أحد المدونين الصينيين تجربته مع المشروب على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أنه لم يكن بالغرابة التي توقعها. لكن هذا لم يمنع إثارة جدل واسع بين المستخدمين، حيث عبر الكثيرون عن رفضهم لفكرة تناول القهوة المحتوية على الحشرات.
البروتين البديل هو موضوع يتزايد الاهتمام به عالميًا، حيث يبحث العلماء والشركات عن مصادر غذائية مستدامة وصديقة للبيئة. تعتبر الحشرات من بين أكثر الخيارات الواعدة في هذا المجال، نظرًا لقدرتها على النمو بسرعة واستهلاك كميات قليلة من الموارد.
المشروبات الغريبة ليست جديدة على الساحة، حيث شهدنا في السنوات الأخيرة ظهور العديد من المشروبات التي تعتمد على مكونات غير تقليدية، مثل الفحم النشط والسبيرولينا. يهدف هذا الاتجاه إلى جذب المستهلكين الباحثين عن تجارب جديدة ومثيرة.
مستقبل الغذاء قد يشهد تغييرات جذرية في السنوات القادمة، مع تزايد الضغوط على النظم الغذائية التقليدية بسبب النمو السكاني والتغيرات المناخية. قد تصبح الحشرات جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي العالمي في المستقبل، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص الغذاء.
من المتوقع أن يستمر المتحف في تقديم مجموعة متنوعة من المشروبات ذات الطابع الحشري، بما في ذلك تلك التي تحتوي على عصارة النباتات المفترسة والنمل. ويخطط المتحف أيضًا لإطلاق منتجات غذائية أخرى تعتمد على الحشرات في المستقبل القريب.
يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه المبادرة ستنجح في تغيير نظرة المستهلكين إلى الحشرات كغذاء. سيكون من المهم مراقبة تطورات هذا الاتجاه وتقييم تأثيره على الأمن الغذائي والاستدامة البيئية. كما يجب على السلطات الصحية الاستمرار في مراقبة سلامة وجودة المنتجات الغذائية التي تعتمد على الحشرات.

