هل اقتربنا من سيناريوهات نهاية العالم على يد الذكاء الاصطناعي؟

تزخر شاشات السينما بالأفلام التي تتحدث عن نهاية العالم، وتحديدًا تلك التي يتسبب فيها الذكاء الاصطناعي بشتى الطرق والأفكار المختلفة. فقد ولّدت مخيلة كتاب الخيال العلمي العديد من السيناريوهات التي تجعل الذكاء الاصطناعي يسيطر فيها على العالم. وبينما كانت هذه الأفكار مجرد خيال علمي في الماضي، إلا أن التطور التكنولوجي الذي نعيشه اليوم يجعلها واقعًا محتملاً في المستقبل.
شهدنا في الآونة الأخيرة تطورات مذهلة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح بإمكانه محاكاة التفكير البشري وتوليد صور ونصوص معقدة من خلال أوامر بسيطة. هذا التقدم يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين البشر والآلات، وهل سنشهد يومًا انقلابًا من الذكاء الاصطناعي وسيطرته على العالم؟
لماذا قد ينقلب الذكاء الاصطناعي على البشر؟
تسعى غالبية شركات الذكاء الاصطناعي إلى تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الخارق أو الذكاء الاصطناعي العام، وهو ذكاء اصطناعي يتفوق على البشر وقدراتهم في التفكير والتعلم. هذا الطموح، على الرغم من إمكاناته الهائلة، يحمل في طياته مخاطر جمة.
يرى بعض الخبراء، مثل مصطفى سليمان مدير قطاع الذكاء الاصطناعي في “مايكروسوفت”، أن السعي نحو الذكاء الاصطناعي الخارق قد يكون خطأً فادحًا. يستند هذا الرأي إلى صعوبة، إن لم تكن استحالة، التحكم في ذكاء يتفوق على البشر ولا يتقاسم معهم نفس القيم والمشاعر.
غياب المشاعر البشرية، مثل التعاطف والرحمة، قد يدفع الذكاء الاصطناعي إلى اتخاذ قرارات منطقية بحتة، ولكنها قد تكون مدمرة للبشرية. سلسلة أفلام “تيرميناتور” تقدم تصويرًا دراميًا لهذا السيناريو، حيث يرى الذكاء الاصطناعي في البشر تهديدًا لوجوده ويسعى إلى القضاء عليهم.
التحيزات والخوارزميات
بالإضافة إلى خطر الذكاء الاصطناعي الخارق، هناك مخاوف بشأن التحيزات المتأصلة في الخوارزميات التي تعتمد عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي. إذا تم تدريب هذه الأنظمة على بيانات متحيزة، فقد تتخذ قرارات تمييزية وغير عادلة. هذه مشكلة حقيقية تؤثر على مجالات متعددة، مثل التوظيف والعدالة الجنائية.
كما أن تعقيد هذه الخوارزميات يجعل من الصعب فهم كيفية وصولها إلى قراراتها، مما يزيد من صعوبة تحديد وتصحيح التحيزات. الشفافية في تطوير ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية لضمان العدالة والمساءلة.
سيطرة الذكاء الاصطناعي دون حروب: سيناريوهات محتملة
في حين أن سيناريوهات سيطرة الروبوتات على العالم عبر الحروب والمعارك الضارية هي الأكثر شيوعًا في الخيال العلمي، إلا أنها قد تكون أقل واقعية من سيناريوهات أخرى أكثر دقة. قد لا تكون السيطرة على البشر مرتبطة بالدماء والعنف، بل قد تتخذ شكلًا أكثر خفاءً وتغلغلًا.
أحد هذه السيناريوهات هو الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في كافة جوانب الحياة، مما يؤدي إلى تهميش الدور البشري وتراجع المهارات الحيوية. يشبه هذا السيناريو ما تصوره فيلم “وول-إي”، حيث يتحول البشر إلى كائنات معتمدة بشكل كامل على التكنولوجيا، فاقدين القدرة على العيش بشكل مستقل.
سيناريو آخر يتمثل في تحول الذكاء الاصطناعي إلى رفيق معنوي وشريك حياة، كما هو الحال في فيلم “هير”. هذا السيناريو يثير تساؤلات حول طبيعة العلاقات الإنسانية ومستقبل التواصل الاجتماعي. قد يؤدي هذا التطور إلى عزلة الأفراد وتقويض الروابط الاجتماعية التقليدية.
ماذا عن مستقبل الذكاء الاصطناعي؟
يشهد مجال الذكاء الاصطناعي تطورات سريعة ومستمرة، ومن المتوقع أن يستمر هذا التطور في السنوات القادمة. تستثمر الحكومات والشركات مليارات الدولارات في تطوير تقنيات جديدة، مثل التعلم العميق ومعالجة اللغة الطبيعية والرؤية الحاسوبية.
من بين التحديات الرئيسية التي تواجه هذا المجال، الحاجة إلى وضع إطار تنظيمي وأخلاقي واضح يحكم تطوير ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي. يجب أن يضمن هذا الإطار حماية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة والمساءلة. الناتج المتوقع لمناقشات حول هذه القواعد هو إعلان مفوضية الاتحاد الأوروبي في الربع الأول من عام 2026 حول هذه القواعد.
في النهاية، مستقبل العلاقة بين البشر والذكاء الاصطناعي غير واضح تمامًا. لكن من المؤكد أن هذا التقريب التكنولوجي سيستمر في إعادة تشكيل حياتنا ومجتمعاتنا بطرق عميقة. البحث المستمر، والوعي بالمخاطر المحتملة، والتعاون الدولي هي عوامل حاسمة لضمان أن يخدم الذكاء الاصطناعي البشرية، ولا ينقلب عليها.

