سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

تشديد الحوثيين لإجراءاتهم الأمنية يأتي في أعقاب تزايد المخاوف من استهداف إسرائيلي محتمل لقياداتهم، وذلك ردًا على عملياتهم العسكرية في البحر الأحمر. وتتضمن هذه الإجراءات تعطيل كاميرات المراقبة في مناطق نفوذهم، وتغيير الهويات بشكل يومي، وتنويع وسائل النقل، بالإضافة إلى بذل جهود كبيرة لتمويه تحركات القادة الحوثيين. وتأتي هذه الخطوات في ظل استمرار التوترات الإقليمية وتصاعد حدة الصراع.
وقد بدأت هذه الإجراءات الأمنية المشددة في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن خلال الأسبوع الماضي، وفقًا لمصادر محلية. وتستهدف هذه الإجراءات بشكل أساسي حماية أبرز قيادات الجماعة من أي عمليات استخباراتية أو عسكرية قد تنفذها إسرائيل أو جهات أخرى. ويرتبط هذا التحرك ارتباطًا وثيقًا بالهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر، والتي أثارت غضب الولايات المتحدة وإسرائيل.
الحوثيون وتهديد الاستهداف الإسرائيلي: تحليل الإجراءات الأمنية
يأتي تشديد الحوثيين لإجراءاتهم الأمنية في توقيت بالغ الحساسية، بعد تحذيرات متكررة من إسرائيل بخصوص استهداف قيادات المجموعة. وتعتبر إسرائيل تصرفات الحوثيين في البحر الأحمر تهديدًا لأمنها القومي ومصالحها التجارية. وترى بعض التقارير أن إسرائيل قد تكون بصدد التخطيط لعمليات محدودة داخل اليمن، الأمر الذي دفع الحوثيين لاتخاذ هذه الاحتياطات.
يعكس هذا التحرك قلقًا متزايدًا داخل الجماعة الحوثية من قدرة إسرائيل على اختراق أجهزتها الأمنية وتنفيذ عمليات دقيقة. ويعتبر البحر الأحمر ممرًا حيويًا للتجارة العالمية، والهجمات الحوثية المتزايدة على السفن أدت إلى تعطيل حركة الملاحة وارتفاع أسعار الشحن. وقد أدى ذلك إلى ضغوط دولية متزايدة على الحوثيين لوقف هذه العمليات.
الإجراءات الأمنية التفصيلية
تشمل الإجراءات الأمنية التي اتخذها الحوثيون عدة عناصر، بحسب ما أفادت به مصادر إخبارية يمنية. من بين هذه الإجراءات:
- تعطيل عمل كاميرات المراقبة في الشوارع العامة والمباني الحكومية في صنعاء ومدن أخرى.
- إصدار تعليمات بضرورة تغيير الهويات الشخصية لكبار المسؤولين العسكريين والمدنيين بشكل يومي.
- تنويع وسائل النقل المستخدمة من قبل القادة الحوثيين، واستخدام سيارات غير رسمية لتجنب التعرف عليهم.
- تشديد الرقابة على الاتصالات، بما في ذلك المكالمات الهاتفية والرسائل النصية.
- نقل بعض القيادات الحوثية إلى مواقع سرية خارج صنعاء.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن الحوثيين قاموا بتفعيل شبكات استخباراتية محلية لجمع معلومات حول أي نشاط مشبوه قد يهدد قياداتهم. ويركزون بشكل خاص على رصد تحركات الأفراد المرتبطين بالقوى المعادية. وتهدف هذه الإجراءات إلى خلق طبقات متعددة من الحماية وتقليل احتمالية تعرض قادتهم لأي هجمات.
الأسباب والدوافع وراء تشديد الإجراءات
يعود سبب تشديد الإجراءات الأمنية إلى عدة عوامل، أهمها التصعيد الإقليمي المستمر وتزايد التهديدات الإسرائيلية. فقد صرح مسؤولون إسرائيليون علنًا بأنهم لن يترددوا في الدفاع عن مصالحهم، وقد يشمل ذلك استهداف قادة الحوثيين إذا استمروا في تهديد الملاحة البحرية.
يتعزز هذا التهديد بالنظر إلى الدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة وحلفائها الآخرين. والحوثيون يدركون جيدًا أن قدرتهم على مواجهة أي هجوم إسرائيلي محتمل محدودة، وبالتالي يسعون إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر.
علاوة على ذلك، يأتي هذا التشديد في سياق التحديات الداخلية التي تواجهها الجماعة الحوثية، مثل المعارضة المتزايدة من بعض القبائل اليمنية والتدهور الاقتصادي. ويخشى الحوثيون من أن أي ضربة عسكرية إسرائيلية قد تؤدي إلى تفاقم هذه التحديات وتقويض سلطتهم. وبالنسبة لـتأمين الملاحة في البحر الأحمر، يسعى الحوثيون لفرض أجندتهم الخاصة.
الصراع في البحر الأحمر أثر بشكل كبير على هذه الإجراءات. فقد أدى إلى زيادة التوتر الإقليمي، ووضع الجماعة الحوثية في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. ويعتبر الحوثيون أنهم يدافعون عن فلسطين وعن مصالح اليمن في مواجهة التدخل الأجنبي.
في المقابل، يرى خصوم الحوثيين أن الجماعة تستخدم القضية الفلسطينية كذريعة لتوسيع نفوذها في المنطقة وتقويض الأمن والاستقرار. ويعتبرون أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية غير مبررة وتشكل انتهاكًا للقانون الدولي. ويستمر هذا الجدل حول أهداف ودوافع الحوثيين.
تداعيات محتملة ومستقبل الحوثيين
من المتوقع أن تستمر الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذها الحوثيون في اليمن، وربما تتوسع لتشمل مناطق أخرى. هذا قد يؤدي إلى زيادة القيود على حركة المواطنين وتدهور الأوضاع الإنسانية.
كما أن هذه الإجراءات قد تعيق جهود السلام والمفاوضات السياسية. فقد يؤدي تشديد الحوثيين للأمن إلى زيادة الشكوك وانعدام الثقة بين الأطراف المتنازعة.
في الأيام والأسابيع القادمة، من المهم مراقبة تطورات الوضع في البحر الأحمر وردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية على هجمات الحوثيين. كما يجب متابعة أي تحركات جديدة من قبل الحوثيين، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الإجراءات الأمنية ستكون كافية لحماية قيادات الحوثيين من أي استهداف إسرائيلي محتمل، لكنها تشير إلى مستوى عالٍ من القلق والتوتر داخل الجماعة.

