تعتبر صحة الكبد من أهم الركائز الأساسية للحياة الصحية، ومع تزايد حالات الإصابة بأمراض الكبد الدهني، يزداد البحث عن طرق طبيعية وفعالة للعلاج والوقاية. وقد أثارت دراسة حديثة اهتماماً كبيراً، حيث كشفت عن فوائد مذهلة لفاكهة البرجموت، أو الليمون العطري، في مكافحة دهون الكبد وتحسين الصحة الأيضية بشكل عام. هذا المقال سيتناول تفاصيل هذه الدراسة، وفوائد البرجموت، وكيف يمكن الاستفادة منه لتحسين صحة الكبد.
ما هي فاكهة البرجموت و لماذا هي محط اهتمام؟
البرجموت فاكهة حمضية تنمو بشكل رئيسي في منطقة كالابريا بإيطاليا، وتشتهر برائحتها العطرية المميزة التي تدخل في صناعة الشاي والزيوت العطرية. ولكن، بالإضافة إلى رائحتها الزكية، يبدو أن البرجموت يمتلك خصائص علاجية قوية، خاصة فيما يتعلق بصحة الكبد. تتميز هذه الفاكهة بتركيزها العالي من مركبات البوليفينول، وهي مضادات أكسدة قوية تلعب دوراً حاسماً في حماية الخلايا من التلف.
دراسة جامعة ماجنا جريسيا: البرجموت و مكافحة دهون الكبد
أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة ماجنا جريسيا في إيطاليا أن مستخلص البوليفينول من البرجموت يمكن أن يساعد بشكل فعال في مكافحة دهون الكبد، وخاصةً تلك المرتبطة باضطرابات التمثيل الغذائي (MASLD). نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Nutrients المرموقة، مما زاد من مصداقيتها وأهميتها.
كيف تم إجراء الدراسة؟
استخدم الباحثون فئران مصابة بمرض الكبد الدهني، وقاموا بتقسيمها إلى مجموعتين: مجموعة تتناول نظامًا غذائيًا غنيًا بالدهون والسكريات (لتقليد النظام الغذائي البشري الحديث)، ومجموعة أخرى تتناول نفس النظام الغذائي بالإضافة إلى مكمل غذائي يحتوي على البوليفينول المستخلص من البرجموت. استمرت الدراسة لمدة 15 أسبوعًا، وتم رصد التغيرات في وزن الكبد، ونسبة الدهون، ومستويات الدهون الثلاثية، والجلوكوز في الدم.
النتائج المذهلة للدراسة
أظهرت النتائج فرقًا واضحًا بين المجموعتين. الفئران التي لم تتناول مكمل البوليفينول شهدت زيادة كبيرة في وزن الكبد، وارتفاعًا في نسبة الدهون، ومستويات الدهون الثلاثية، والكوليسترول، والجلوكوز. بالمقابل، أظهرت الفئران التي تناولت المكمل انخفاضًا ملحوظًا في الوزن الكلي للكبد، ونسبة الدهون، بالإضافة إلى تحسن كبير في مستويات الجلوكوز والدهون الثلاثية في الدم.
آلية عمل البرجموت في تحسين صحة الكبد
تسلط الدراسة الضوء على آلية مهمة وهي قدرة البوليفينول على تعزيز عملية “الالتهام الذاتي” (Autophagy). الالتهام الذاتي هي عملية طبيعية تحدث في جميع خلايا الجسم، حيث تقوم الخلية بتنظيف نفسها عن طريق التخلص من المكونات التالفة أو غير الضرورية، بما في ذلك الدهون المتراكمة. بتحفيز الالتهام الذاتي، يساعد البرجموت الكبد على التخلص من الدهون الزائدة والحفاظ على صحته. بالإضافة إلى ذلك، تعمل مضادات الأكسدة الموجودة في البوليفينول على تقليل الإجهاد التأكسدي والالتهابات في الكبد, مما يساهم في تحسين وظائف الكبد.
فوائد إضافية للبرجموت و تأثيره على الصحة الأيضية
بالإضافة إلى تأثيره على الكبد، يبدو أن البرجموت يقدم فوائد إضافية للصحة الأيضية بشكل عام. أظهرت بعض الدراسات أن استهلاك البرجموت قد يساعد في:
- تنظيم مستويات الكوليسترول: قد يساهم في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) وزيادة مستويات الكوليسترول الجيد (HDL).
- تحسين حساسية الأنسولين: مما يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم وتقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
- تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية: بفضل خصائصه المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات.
كيف يمكن الاستفادة من البرجموت لصحة الكبد؟
على الرغم من أن الدراسة أجريت على الفئران، إلا أن النتائج تشير إلى إمكانية تطبيقها على البشر. يمكن الاستفادة من البرجموت بعدة طرق:
- تناول البرجموت الطازج: إذا كان متاحًا، يمكن إضافة البرجموت إلى السلطات أو العصائر أو استخدامه كبهار للأطباق المختلفة.
- شرب شاي البرجموت: يعتبر شاي البرجموت مشروبًا شائعًا ولذيذًا، ويمكن أن يوفر بعضًا من فوائد هذه الفاكهة.
- تناول مكملات البرجموت: تتوفر مكملات البرجموت في شكل كبسولات أو أقراص، ولكن يجب استشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل غذائي.
الخلاصة: البرجموت حليف جديد لصحة الكبد
تُعد الدراسة التي أجراها باحثو جامعة ماجنا جريسيا إضافة قيمة للمعرفة حول فوائد البرجموت الصحية. تشير النتائج إلى أن هذا الليمون العطري يمكن أن يكون حليفًا قويًا في مكافحة دهون الكبد وتحسين الصحة الأيضية. ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن هذه الدراسة لا تزال في مراحلها الأولية، وهناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج وتحديد الجرعة المثالية من البرجموت للاستفادة القصوى من فوائده. إذا كنت تعاني من مشاكل في الكبد، فمن الضروري استشارة الطبيب للحصول على التشخيص والعلاج المناسبين، ويمكنك مناقشة إمكانية إضافة البرجموت إلى نظامك الغذائي كجزء من خطة علاج شاملة.
هل أعجبتك هذه المعلومات؟ شاركها مع أصدقائك وعائلتك المهتمين بصحة الكبد!
