اليمن: العليمي يعيّن قيادة لـ«الجهاز المركزي لأمن الدولة»

أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، قرارين جمهوريين في 15 مايو 2024، يقضيان بتعيين قيادة جديدة لـ “الجهاز المركزي لأمن الدولة“، وهو الجهاز الاستخباراتي الرئيسي في اليمن. يأتي هذا التغيير في القيادة في وقت تشهد فيه البلاد تحديات أمنية وسياسية متزايدة، وتوترات إقليمية مرتبطة بالصراع المستمر. وتُعد هذه التعديلات جزءاً من جهود أوسع يهدف مجلس القيادة الرئاسي إلى إحداثها في المؤسسات الأمنية والعسكرية اليمنية.
التعيينات الجديدة شملت الجنرال الركن ماهر الرقيان نائباً لرئيس الجهاز، واللواء علي الطاهري مديراً تنفيذياً له، بالإضافة إلى تعيين عدد من القيادات الأخرى في المناصب القيادية بالجهاز. ولم يتم الإعلان عن أسباب التغييرات أو تفاصيل حول المهام المحددة للقيادة الجديدة على الفور. وتأتي هذه القرارات في ظل سعي الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى تعزيز سلطتها ومواجهة التهديدات الأمنية المتنوعة.
أهمية تغيير قيادة الجهاز المركزي لأمن الدولة
يعتبر الجهاز المركزي لأمن الدولة ركيزة أساسية في الأمن القومي اليمني، حيث يتولى مسؤولية جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية، وتنفيذ العمليات المضادة للإرهاب، ومكافحة الجريمة المنظمة. تُولي الحكومات المتعاقبة في اليمن أهمية كبيرة لهذا الجهاز نظراً لدوره الحيوي في الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني.
هذه التغييرات في القيادة لا تقتصر على مجرد تغيير أفراد، بل تمثل إشارة إلى رغبة مجلس القيادة الرئاسي في إعادة هيكلة الجهاز وتعزيز كفاءته وفعاليته. وقد يكون هذا مرتبطاً بتقييم لأداء الجهاز السابق في مواجهة التحديات الأمنية الراهنة، أو بتوجه نحو تبني استراتيجيات جديدة لمكافحة الإرهاب والتطرف. كما أن هذه التعديلات تأتي في سياق الجهود الدولية والإقليمية لدعم الأمن والاستقرار في اليمن.
التحديات الأمنية التي تواجه اليمن
تواجه اليمن سلسلة معقدة من التحديات الأمنية، بما في ذلك:
- تهديد الجماعات الإرهابية: لا تزال جماعات مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP) وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) نشطة في أجزاء من البلاد، وتشكل تهديداً مستمراً للأمن والاستقرار.
- الحرب الأهلية: الصراع المستمر بين الحكومة اليمنية والحوثيين يساهم في تفاقم المشاكل الأمنية، ويخلق بيئة مواتية لانتشار العنف والجريمة.
- التهديدات السيبرانية: تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية يجعل اليمن عرضة للهجمات السيبرانية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية والبيانات الحكومية.
- انتشار الأسلحة: الوضع الأمني الهش ساهم في انتشار الأسلحة بشكل واسع في المجتمع اليمني، مما يزيد من صعوبة السيطرة على الوضع.
بالإضافة إلى هذه التحديات الداخلية، تواجه اليمن أيضاً تهديدات خارجية، مثل التدخلات الإقليمية والدعم الذي تتلقاه الجماعات المتطرفة. كل هذه العوامل تجعل من تعزيز القدرات الأمنية اليمنية أمراً بالغ الأهمية.
ردود الفعل الأولية والآثار المحتملة
لم يصدر حتى الآن رد فعل رسمي من قِبل “الجهاز المركزي لأمن الدولة” أو الحكومة اليمنية على قرارات التعيين الجديدة. ومع ذلك، يُتوقع أن تلقي هذه القرارات دعماً من القوى السياسية المؤيدة للحكومة، والتي ترى فيها خطوة إيجابية نحو تعزيز الأمن والاستقرار.
بشكل عام، تشير التقارير إلى أن هذا التغيير قد يعزز التعاون الأمني مع دول التحالف بقيادة السعودية، خاصة في مجال تبادل المعلومات ومكافحة الإرهاب. ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى تحسين الأداء الأمني للجهاز في مختلف المجالات، مثل مكافحة الجريمة المنظمة، والسيطرة على الحدود، وحماية المنشآت الحيوية. يعتبر تعزيز الاستخبارات من أهم الأولويات في الوقت الحالي.
في المقابل، قد يثير هذا التغيير قلق بعض الأطراف الأخرى، مثل الحوثيين، الذين قد يرون فيه محاولة من الحكومة لتعزيز نفوذها وتقويض مواقعهم. من المرجح أن تزداد التوترات الأمنية في المناطق المتنازع عليها في الفترة القادمة.
ينظر مراقبون إلى هذه التعديلات كجزء من سلسلة خطوات أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الأمني في اليمن، والتأهيل لمرحلة ما بعد الصراع. وهو يتطلب جهوداً متواصلة لتدريب وتأهيل الكوادر الأمنية، وتحديث الأجهزة والمعدات، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي.
يتوقع المراقبون أن تعلن الحكومة اليمنية عن خطط وبرامج تفصيلية خلال الأسابيع القادمة لتفعيل دور القيادة الجديدة لـ”الجهاز المركزي لأمن الدولة” في مواجهة التحديات الأمنية وتحقيق الاستقرار في البلاد. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه التغييرات ستؤدي إلى تحسن ملموس في الوضع الأمني، ولكنها بالتأكيد تمثل خطوة مهمة في هذا الاتجاه. وسيتم مراقبة تأثير هذه التغييرات على مسار المفاوضات اليمنية الجارية برعاية الأمم المتحدة.

