بيانات أممية: مستويات الجوع تتفاقم في مناطق سيطرة الحوثيين

تشير بيانات حديثة للأمم المتحدة إلى تدهور مقلق في الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في اليمن، وخاصةً في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي. وتظهر المؤشرات ارتفاعاً حاداً في مستويات الجوع والفقر، بالتزامن مع ركود اقتصادي غير مسبوق وتدهور كبير في مناخ الاستثمار. وقد سلطت هذه التقارير الضوء على الحاجة الملحة لتدخل إنساني عاجل لتخفيف المعاناة المتزايدة للسكان.
تتركز هذه الأزمة الإنسانية بشكل خاص في المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بما في ذلك صنعاء، وعمران، وذمار، وغيرها. تم جمع البيانات وتقييمها من قبل عدة وكالات أممية خلال الأشهر الستة الماضية، وتظهر تدهورًا مستمرًا منذ بداية العام الحالي. ويعزى هذا الوضع إلى عوامل متعددة، بما في ذلك الصراع المستمر، والقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية، والسياسات الاقتصادية الخاطئة، بالإضافة إلى تأثيرات التغير المناخي.
تفاقم الأزمة الإنسانية وارتفاع مستويات الجوع والفقر
تُظهر أحدث التقارير الأممية أن أكثر من نصف سكان اليمن، أي ما يزيد عن 17 مليون شخص، يعانون الآن من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وتشير التقديرات إلى أن ملايين الأفراد قد يواجهون ظروفًا شبيهة بالمجاعة إذا لم يتم توفير المساعدة بشكل فوري ومستدام. ويرتبط ارتفاع مستويات الجوع والفقر بشكل مباشر بتراجع قيمة الريال اليمني، وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وتقليل برامج المساعدات الإنسانية.
أسباب تفاقم الأزمة
يعتبر الصراع اليمني المستمر منذ عام 2014 المحرك الرئيسي للأزمة الإنسانية والاقتصادية. وقد أدى القتال إلى تدمير البنية التحتية، وتعطيل سلاسل الإمداد، وتشريد الملايين من السكان. بالإضافة إلى ذلك، أدت القيود التي تفرضها جماعة الحوثي على عمل المنظمات الإنسانية إلى صعوبة الوصول إلى المحتاجين، وتقويض جهود الإغاثة.
وتلعب السياسات الاقتصادية دوراً مهماً في تفاقم الوضع. وفقًا لتقارير البنك الدولي، فإن الاقتصاد اليمني يعاني من انكماش حاد، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50% منذ بداية الصراع. يواجه القطاع الخاص تحديات كبيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي، والبيروقراطية المفرطة، وتدهور الأمن.
بالإضافة إلى العوامل المحلية، تتعرض اليمن لتأثيرات التغير المناخي، مثل الجفاف والفيضانات، مما يؤدي إلى تدهور الأراضي الزراعية، وانخفاض إنتاج الغذاء. وتفتقر البلاد إلى الموارد اللازمة للتكيف مع هذه التغيرات، مما يزيد من هشاشتها الإنسانية.
تأثيرات الأزمة على الفئات الأكثر ضعفاً
الأطفال والنساء هم الأكثر تضرراً من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن. وتشير تقديرات اليونيسف إلى أن أكثر من مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، بما في ذلك أكثر من 360 ألف طفل يواجهون خطرًا وشيكًا من الموت. كما أن النساء اليمنيات يتعرضن لمخاطر متزايدة من العنف والاعتداء الجنسي، خاصةً في ظل الفوضى وانعدام الأمن.
وكبار السن والمرضى المزمنون أيضاً من بين الفئات الأكثر ضعفاً. يواجه هؤلاء الأفراد صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية والتغذية الكافية، مما يزيد من خطر وفاتهم.
الوضع الاقتصادي المتردي وتأثيره على المجتمع
شهد الاقتصاد اليمني تدهوراً غير مسبوقاً خلال السنوات الأخيرة. وفقد الريال اليمني أكثر من نصف قيمته منذ بداية الصراع، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتقويض القدرة الشرائية للمواطنين. وقد أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في معدلات الفقر، وتراجع مستويات المعيشة.
وقد تفاقمت المشكلة بسبب نقص الوقود والكهرباء، مما أدى إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية، وزيادة تكاليف الإنتاج.
يعاني قطاع التجارة والاستثمار من قيود كبيرة، بما في ذلك صعوبة الحصول على التمويل، والبيروقراطية المفرطة، وتدهور الأمن. وتؤدي هذه العوامل إلى تثبيط المستثمرين، وتأخير جهود التعافي الاقتصادي. ويتطلب إصلاح البيئة الاقتصادية خطط طويلة الأجل وشفافية في الإجراءات.
بشكل متزايد، يعتمد الاقتصاد اليمني على المساعدات الإنسانية والتمويل الخارجي. ومع ذلك، فإن هذه المساعدات ليست كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، ولا تعالج الأسباب الجذرية للأزمة.
استجابة المجتمع الدولي
أطلقت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة العديد من الحملات لتقديم المساعدة الإنسانية لليمن. ومع ذلك، تواجه هذه الجهود تحديات كبيرة، بما في ذلك نقص التمويل، والقيود المفروضة على الوصول إلى المحتاجين، وتدهور الأمن. وحث المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، على ضرورة زيادة الدعم الإنساني، والعمل على تحقيق حل سياسي للأزمة.
وقد قدمت بعض الدول العربية والدول الأخرى مساعدات إنسانية واقتصادية لليمن. ومع ذلك، فإن هذه المساعدات لا تزال غير كافية، وتتطلب زيادة كبيرة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان.
تستعد الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجمع التبرعات لليمن في الأشهر القادمة. ومن المتوقع أن يتم خلال المؤتمر مناقشة الوضع الإنساني والاقتصادي في اليمن، وتحديد الاحتياجات العاجلة، وتقديم تعهدات مالية جديدة. يبقى نجاح هذا المؤتمر وفعالية تقديم المساعدات أمراً غير مؤكد، ويعتمد على التزام الدول بالوفاء بتعهداتها، وعلى تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد.

