لماذا يبتسم المولود وهو نائم؟

لطالما أثارت رؤية ابتسامة الرضيع أثناء النوم فضول الأمهات والآباء، والتساؤل عن سبب هذه الظاهرة الغريبة. يعتبر ظهور الابتسامة لدى الأطفال حديثي الولادة أمرًا طبيعيًا، وهناك تفسيرات علمية متعددة لهذه الاستجابة اللاإرادية. على الرغم من أن الاعتقاد الشائع يربطها بالأحلام السعيدة، إلا أن الأسباب تتجاوز ذلك لتشمل مراحل النمو العصبي والجسدي للطفل.
لماذا يبتسم الرضيع أثناء النوم؟
وفقًا للخبراء، لا تقتصر ابتسامة الرضيع على مجرد انعكاس لأحلام سعيدة، بل هي جزء من عملية تطور معقدة. خلال الأشهر الأولى من الحياة، يظل الجهاز العصبي للطفل في طور النمو، مما يؤدي إلى ظهور ردود أفعال عفوية مثل الابتسامة. هذه الابتسامات المبكرة غالبًا ما تكون نتيجة لتحفيز داخلي أو استجابة للمحفزات الخارجية.
ردود الفعل الفسيولوجية
قد تظهر ابتسامة الرضيع كرد فعل طبيعي على الراحة الجسدية أو الشعور بالهدوء. على سبيل المثال، قد يبتسم الطفل عندما يكون في وضع مريح أو بعد تناول الطعام والشعور بالشبع. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تحدث الابتسامة أثناء مرحلة حركة العين السريعة (REM) من النوم، وهي المرحلة التي يكون فيها نشاط الدماغ في أعلى مستوياته.
التطور العصبي
يرتبط تطور الدماغ أيضًا بظهور الابتسامة لدى الرضع. مع تقدم الطفل في العمر، تبدأ مناطق الدماغ المسؤولة عن المشاعر والتعبير الوجهي في التطور، مما يسمح له بالابتسام استجابةً للمحفزات المختلفة. وبحسب الدراسات، فإن الابتسامة الأولى تظهر عادةً في الفترة ما بين ستة إلى ثمانية أسابيع، وهي ليست مجرد رد فعل عشوائي، بل تعكس تطورًا مهمًا في قدرة الطفل على التواصل والتفاعل مع العالم من حوله.
التفاعل الاجتماعي وأثر الأم
تلعب العلاقة بين الأم والطفل دورًا هامًا في ظهور الابتسامة. حتى أثناء النوم، قد يتفاعل الرضيع مع الأصوات أو اللمسات الصادرة عن والدته، وقد تظهر الابتسامة استجابةً لمشاعر الأمان والراحة التي يولدها وجودها. غالبًا ما تكون هذه الاستجابة أقوى خلال الأسابيع الأولى من الحياة، ثم تبدأ في التلاشي مع تقدم الطفل في العمر وزيادة قدرته على التعبير عن مشاعره بطرق أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى أن الأطفال يستجيبون بشكل إيجابي لتقرب الأمهات منهم، مثل التحدث بلطف أو المداعبة. هذه التفاعلات تساهم في تطور الروابط العاطفية وتعزز الشعور بالثقة والأمان لدى الطفل، مما قد ينعكس في ظهور ابتسامة الرضيع المفاجئة.
متى يجب القلق؟
على الرغم من أن ابتسامة الرضيع أثناء النوم تعتبر طبيعية، إلا أن عدم ظهورها في الفترة العمرية المتوقعة قد يكون مدعاة للقلق. إذا لم يبتسم الطفل بعد بلوغه الشهرين، يجب استشارة الطبيب لتقييم وضعه واستبعاد أي مشاكل في النمو أو التطور العصبي. قد يشير التأخر في الابتسام إلى حاجة الطفل إلى تدخل مبكر لتعزيز قدراته الاجتماعية والعاطفية.
مع تقدم عمر الطفل، تتغير طبيعة الابتسامة وأسبابها. بين عمر الشهرين إلى الشهرين السادس، يبدأ الطفل في الابتسام بشكل أكثر وعيًا واستجابةً للمحفزات الخارجية، مثل الوجوه والأصوات المألوفة. بحلول الشهر السادس، يكون الطفل قادرًا على الضحك والتعبير عن مجموعة واسعة من المشاعر.
مستقبل الأبحاث حول نوم الرضع
لا تزال الأبحاث مستمرة لفهم كل الجوانب المتعلقة بنوم الرضع وتطورهم العاطفي والجسدي. من المتوقع أن تكشف الدراسات المستقبلية عن مزيد من التفاصيل حول الآليات الدقيقة التي تكمن وراء ابتسامة الرضيع والفوائد طويلة المدى للتفاعلات الاجتماعية المبكرة. من المهم متابعة التطورات في هذا المجال لتقديم أفضل رعاية ممكنة للأطفال الرضع وضمان نموهم الصحي والسليم.

