من الطعام إلى الرياضة.. “الحياة الصحية” ترسخ حضورها في الخليج | الخليج أونلاين

يزداد الوعي بأهمية الحياة الصحية في المجتمعات الخليجية بوتيرة متسارعة، مما يقود إلى تغييرات في أنماط الغذاء والنشاط البدني. لم يعد مفهوم الصحة مرتبطاً فقط بغياب المرض، بل أصبح نمط حياة متكاملاً يشمل التغذية السليمة، والتمارين الرياضية المنتظمة، والنوم الكافي، والاهتمام بالصحة النفسية. هذا التحول الإيجابي يعكس فهماً أعمق لأبعاد الصحة الشاملة وأثرها على جودة الحياة.
انتشار الوعي بالصحة في الخليج
شهدت دول الخليج تحولاً ملحوظاً في نظرة مجتمعاتها إلى الصحة. ويدعم هذا التوجه توصيات المؤسسات الصحية المتزايدة، بالإضافة إلى التغطية الإعلامية الواسعة التي تسلط الضوء على فوائد الغذاء المتوازن والنشاط البدني. لم تعد الصالات الرياضية والبرامج الصحية حكراً على فئة معينة، بل أصبحت في متناول الجميع، مع انتشار أنواع رياضية جديدة مثل البادل والهايكنغ التي تجذب شرائح واسعة من المجتمع.
السلوكيات الصحية الجديدة: تحول في العادات
يشهد المجتمع الخليجي تبني مجموعة متنوعة من السلوكيات الصحية التي تعكس هذا الوعي المتنامي. هذا يشمل:
الاهتمام بالتغذية
- اختيار أنظمة غذائية محددة: يتجه الكثيرون نحو اتباع أنظمة غذائية معينة لتحقيق أهداف صحية متوقعة.
- متابعة خبراء التغذية: تزايد عدد المتابعين لخبراء التغذية عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتيك توك، للاستفادة من نصائحهم وتوجيهاتهم.
- استخدام التطبيقات الصحية: أصبح الاعتماد على التطبيقات الذكية لقياس السعرات الحرارية، وتتبع النشاط البدني والنوم، أمراً شائعاً.
- التركيز على الأطعمة العضوية والخالية من السكر والغلوتين: هناك طلب متزايد على هذه المنتجات، سواء بدافع الوقاية من الأمراض أو كجزء من نمط حياة صحي.
النشاط البدني
- الالتحاق بصالات رياضية حديثة.
- ممارسة رياضات جديدة ومبتكرة.
- تعزيز ثقافة المشي والجري.
تحول خيارات الغذاء: من الدسم إلى المتوازن
لطالما ارتبطت التغذية في دول الخليج بالأطعمة الدسمة والغنية بالسعرات الحرارية. لكن هذه الصورة بدأت تتغير تدريجياً، مع تشجيع المجلس الصحي الخليجي والدول الأعضاء على تبني نظام غذائي صحي ومتوازن.
تشير التقارير إلى ارتفاع الطلب على الأطعمة الصحية والعضوية، والمنتجات الخالية من السكر أو الغلوتين، وذلك لأسباب مختلفة، بما في ذلك الوقاية من الأمراض أو كجزء من نمط حياة صحي.
وتشمل الأنظمة الغذائية الشائعة في المنطقة:
- الكيتو: يعتمد على تقليل الكربوهيدرات وزيادة الدهون.
- الصيام المتقطع: يحدد أوقاتاً للأكل وأوقاتاً للصيام.
- الداش: يركز على خفض ضغط الدم من خلال تقليل الملح وزيادة الخضروات والفواكه.
- الرجيم المتوسطي: يعتمد على زيت الزيتون والأسماك والحبوب الكاملة والخضروات.
- الرجيم النباتي: يستبعد اللحوم ويعتمد على النباتات والحبوب والبقوليات.
- رجيم السعرات الحرارية: يعتمد على تناول سعرات حرارية أقل مما يحرقه الجسم.
دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز الوعي الصحي
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الصحة واللياقة دوراً محورياً في هذا التحول. فمن خلال هذه المنصات، يمكن للأفراد الوصول إلى معلومات قيمة ونصائح من خبراء التغذية والمدربين الرياضيين.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت المقالات الصحفية والبرامج التلفزيونية والإذاعية في نشر الوعي بالصحة وأهمية تبني نمط حياة صحي. على سبيل المثال، أشار الكاتب عبد المعين عيد الآغا في مقال له إلى العلاقة الوثيقة بين الرياضة والنظام الغذائي الصحي، مؤكداً أن ممارسة الرياضة دون اتباع نظام غذائي سليم قد لا تحقق النتائج المرجوة.
كما أكد سامي المغامسي على أهمية ترسيخ الرياضة في وعي الأجيال الشابة بدءاً من المدرسة، مشدداً على ضرورة وجود شراكة فعالة بين وزارات التعليم والصحة والرياضة لتحقيق هذا الهدف.
الصحة الشاملة: ليست مجرد غذاء ورياضة
إن الحياة الصحية لا تقتصر على الغذاء والرياضة فحسب، بل تشمل أيضاً جوانب أخرى مثل الصحة النفسية والاجتماعية. فالاهتمام بالصحة النفسية، وممارسة تقنيات الاسترخاء والتأمل، وبناء علاقات اجتماعية صحية، كلها عوامل تساهم في تعزيز الصحة الشاملة وتحسين جودة الحياة.
كما يشدد الكاتب شاهر النهاري على أهمية الوعي الغذائي، مشيراً إلى أن الإفراط في تناول اللحوم والدهون يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية مختلفة. ويحث على الاعتماد على النباتات والبدائل الصحية، مؤكداً أن صحة الإنسان ونفسيته وبيئته ترتبط بشكل وثيق بما يختاره من طعام.
في الختام، يمكن القول إن الوعي بأهمية الحياة الصحية يتزايد في المجتمعات الخليجية، مما يقود إلى تغييرات إيجابية في أنماط الغذاء والنشاط البدني. ومن خلال تبني سلوكيات صحية متكاملة، يمكن للأفراد تحسين صحتهم وجودة حياتهم، والوقاية من الأمراض المزمنة. ندعو الجميع إلى الاستمرار في نشر الوعي الصحي وتشجيع الآخرين على تبني نمط حياة صحي ومستدام.

