عقود الأسهم الأميركية تنخفض وسط ترقب لبيانات توضح مسار الفائدة

هبطت أسعار العملات المشفرة والعقود الآجلة للأسهم الأمريكية في أسواق آسيا اليوم، مما يعكس اتجاهاً متزايداً نحو تجنب المخاطر. يأتي هذا التراجع قبيل صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية الهامة هذا الأسبوع، على الرغم من استمرار توقعات السوق بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر. ويراقب المستثمرون عن كثب هذه التطورات لتقييم المسار المستقبلي للاقتصاد العالمي.
تراجع مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة تصل إلى 0.6%، بينما شهدت الأسهم اليابانية انخفاضًا وارتفع الين بعد تصريحات لمحافظ بنك اليابان كازو أويدا، والتي ألمحت بقوة إلى إمكانية رفع سعر الفائدة هذا الشهر. وقبل خطابه، كان عائد السندات لأجل عامين قد وصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2008. كما انخفض سعر العملة الرقمية “بيتكوين” بنسبة 5%، وتداول دون مستوى 87 ألف دولار.
تأثير البيانات الاقتصادية الأمريكية على العملات المشفرة وأسواق الأسهم
يتوقع أن يقدم الأسبوع المقبل رؤى حاسمة حول قوة الاقتصاد الأمريكي، بينما يدرس صانعو السياسات مسار أسعار الفائدة حتى عام 2026. ستخضع البيانات المتعلقة بالتضخم والطلب الاستهلاكي لتدقيق مكثف، وستحدد بشكل كبير التوقعات بشأن استمرار الفيدرالي في تطبيق سياسة خفض الفائدة.
بالإضافة إلى ذلك، يستعد المستثمرون لاحتمال حدوث تغييرات في قيادة البنك المركزي الأمريكي. فقد صرح كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، بأن الأسواق تبدو مستعدة لإعلان اسم الرئيس الجديد للاحتياطي الفيدرالي.
تحذيرات من المخاطر القادمة
قال جونغ إن يون، الرئيس التنفيذي لشركة “فيبوناتشي أسيت مانجمنت غلوبال”، إن المستثمرين يترددون في زيادة تعرضهم للمخاطر قبل صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية الهامة والأحداث الاقتصادية الكلية القادمة. وأضاف أن هذا يعكس “نهجاً يعتمد على الانتظار والترقب”.
في سياق متصل، ظل مؤشر “بلومبرغ” للدولار مستقرًا بعد أربعة أيام من التراجع. أما في أسواق النفط، فقد ارتفع خام “غرب تكساس الوسيط” بعد تأكيد “أوبك+” التزامها بخطط تجميد زيادة الإنتاج خلال الربع الأول من العام.
كما شهدت أسعار الفضة والنحاس ارتفاعًا ملحوظًا بعد وصولها إلى مستويات قياسية يوم الجمعة. وساعد هذا الارتفاع في أسعار المعادن الأسهم الصينية على بدء شهر ديسمبر بنبرة متفائلة، على الرغم من البيانات التي صدرت يوم الأحد وأظهرت تحسناً في نشاط المصانع، لكنه لا يزال في منطقة الانكماش، مما يعكس استمرار تباطؤ الاقتصاد.
رسائل بنك اليابان وتأثيرها على الأسواق العالمية
أوضح أويدا، في كلمته أمام قادة الأعمال في ناغويا، أن بنك اليابان سيقوم بدراسة وتقييم مزايا وعيوب رفع سعر الفائدة، وسيتخذ القرارات المناسبة بناءً على تقييم دقيق للأوضاع الاقتصادية والتضخمية والمالية على المستويين المحلي والعالمي. وتشير التقديرات إلى وجود احتمال بنسبة 64% لرفع الفائدة خلال اجتماع البنك المركزي القادم في 19 ديسمبر.
ويرى المحللون أن تركيز أويدا على اجتماع محدد للسياسة النقدية يدل على زيادة احتمالية اتخاذ إجراء في ذلك الموعد. جدير بالذكر أنه في نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي، تعهد المحافظ بدراسة وتقييم الأوضاع الاقتصادية بعناية خلال الاجتماع التالي، وهو الاجتماع الذي انتهى في النهاية برفع تكلفة الاقتراض.
في الولايات المتحدة، يبدأ هذا الأسبوع بإصدار بيانات جديدة حول إنفاق المستهلكين، بما في ذلك مبيعات “سايبر مانداي”، بالإضافة إلى نشر مؤشرات اقتصادية أخرى كانت قد تأخرت. وسينظر مسؤولو الفيدرالي أيضًا إلى قراءة سابقة لمؤشرهم المفضل لقياس التضخم قبيل اجتماعهم المقرر في 9 و10 ديسمبر، حيث من المتوقع أن يركز النقاش بشكل أساسي على أوضاع سوق العمل والمبررات المحتملة لخفض الفائدة للمرة الثالثة على التوالي.
توقعات بخصوص قيادة الفيدرالي
لا تزال الأسواق تراهن على احتمال خفض الفائدة خلال هذا الشهر. وتظهر بيانات المقايضات أن المتعاملين قد قاموا بالفعل بتسعير خفض محتمل للفائدة بمقدار ربع نقطة، خاصة بعد تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز بشأن وجود مجال لخفض الفائدة مرة أخرى في المدى القريب، وذلك في ظل ضعف سوق العمل.
وكتب توم إساي من “سيفنز ريبورت”: “في الوقت الحالي، تدعم البيانات سيناريو الهبوط السلس، وقد ساهمت في استمرار صعود الأسهم قبل عيد الشكر”. وأضاف: “ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الأمور غير المؤكدة على الصعيد الاقتصادي، وهناك مخاطر كامنة بأن الاقتصاد ليس قويًا كما يعتقد المستثمرون، خاصة في ظل النقص في البيانات الحكومية خلال الأشهر الأخيرة.”
في الفترة التي تسبق اجتماع الفيدرالي، من المقرر أن يتحدث كل من رئيسه جيروم باول والمحافظة ميشيل بومان، مع التأكيد على أنهما لن يعلقا على التوقعات الاقتصادية أو السياسة النقدية.
يشمل الأسبوع الحالي إصدار بيانات التوظيف في القطاع الخاص لشهر نوفمبر، الصادرة عن “إيه دي بي”، بالإضافة إلى مؤشرات “معهد إدارة الإمدادات” لمديري المشتريات في قطاعي الصناعة والخدمات، كما سيصدر الفيدرالي بيانات الإنتاج الصناعي لشهر سبتمبر. ومن المتوقع أن تساهم هذه البيانات في تشكيل الرؤية المستقبلية للاقتصاد الأمريكي وتأثيرها على أسواق العملات المشفرة والأسهم.
فيما يتعلق بتغييرات محتملة في قيادة الفيدرالي، فقد صرح هاسيت بأنه يفضل عدم التعليق على ما إذا كان يرى نفسه المرشح الأوفر حظًا لخلافة جيروم باول. غير أنه أشار إلى الاستجابة الإيجابية التي أبدتها الأسواق لمؤشرات تشير إلى أن الرئيس الأمريكي قد يختار رئيسًا جديدًا للفيدرالي قبل نهاية العام.
من المنتظر أن تشهد الأسابيع القادمة المزيد من الوضوح بشأن مسار الاقتصاد الأمريكي وقرارات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. سيراقب المستثمرون عن كثب البيانات الاقتصادية الصادرة وتقييمات البنك المركزي، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر المحتملة وأوجه عدم اليقين التي قد تؤثر على الأسواق العالمية.

