“بتكوين” تهبط إلى 85 ألف دولار وسط عزوف في السوق عن المخاطرة

شهدت سوق العملات المشفرة تراجعاً ملحوظاً يوم الاثنين، مع تجدد ضغوط البيع التي كانت قد خفت حدتها في الأيام القليلة الماضية. يأتي هذا الانخفاض في أعقاب أسابيع من التقلبات، ويُثير مخاوف بشأن استمرار التصحيح في هذا القطاع المالي الناشئ. تراجعت قيمة البيتكوين والإيثريوم بشكل خاص، مما أثر على سوق العملات الرقمية بشكل عام.
انخفضت قيمة البيتكوين بنسبة تصل إلى 7%، لتصل تقريباً إلى 85 ألف دولار أمريكي، بينما تراجعت الإيثريوم بأكثر من 7%، متدنيةً عن حاجز الـ 2800 دولار. تأثرت العملات المشفرة الأخرى أيضاً بهذا الاتجاه الهبوطي، حيث انخفضت سولانا بنسبة 7.8%. هذه التحركات تعكس حالة عدم اليقين السائدة في السوق.
تراجع أسعار البيتكوين والإيثريوم: أسباب وتداعيات
يأتي هذا التراجع بعد فترة من الضغوط البيعية التي بدأت في أوائل أكتوبر، حيث تم تصفية رهانات بتمويلات ديون تقدر بنحو 19 مليار دولار. سبق ذلك، كان سعر البيتكوين قد بلغ ذروته عند حوالي 126,251 دولاراً أمريكياً. على الرغم من بعض التعافي الأسبوع الماضي وارتفاع البيتكوين فوق 90 ألف دولار، إلا أن هذا الارتفاع لم يكن مستداماً.
يرى خبراء أن السوق تواجه الآن حالة من النفور من المخاطرة، خاصةً مع اقتراب نهاية العام. أشار شون مكنولتي، رئيس تداول المشتقات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في “فولكن إكس”، إلى أن “أكبر مصدر للقلق هو التدفقات الضعيفة إلى صناديق البيتكوين المتداولة وغياب المشترين عند الانخفاض”.
ضعف التدفقات النقدية وتأثير أسعار الفائدة
الأداء الضعيف لصناديق البيتكوين المتداولة يشير إلى تراجع اهتمام المستثمرين المؤسسيين بالدخول في هذا السوق. هذا النقص في الطلب من المؤسسات يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الضغوط على الأسعار. تأتي هذه التطورات أيضًا في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تقلبات بسبب توقعات أسعار الفائدة.
من المتوقع أن يقدم الأسبوع المقبل بيانات اقتصادية أمريكية هامة، والتي ستكون حاسمة في تقييم مسار أسعار الفائدة. هذه البيانات ستشكل أساس قرارات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، والتي بدورها يمكن أن تؤثر بشكل كبير على أسواق الأصول، بما في ذلك العملات الرقمية.
تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، والتي أعلن فيها عن مرشحه لرئاسة الفيدرالي، مع توقعات بخفض أسعار الفائدة، أضافت بعداً جديداً للوضع. قد يشير هذا إلى تغيير محتمل في نهج الفيدرالي، مما قد يؤثر على جاذبية الاستثمار في الأصول ذات المخاطر العالية.
وعلى صعيد أسواق الأسهم، شهدت المؤشرات الآسيوية تقلبات في التداولات المبكرة بعد أن أنهت الأسبوع الماضي بأفضل أداء أسبوعي لها منذ شهرين. في الوقت نفسه، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” بشكل طفيف، مما يعكس الحذر السائد بين المستثمرين. تشير هذه التطورات إلى أن المستثمرين يراقبون عن كثب البيانات الاقتصادية والتطورات السياسية قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية كبيرة.
تحليل سوق العملات المشفرة
يُعتبر هذا التراجع جزءًا من تصحيح طبيعي بعد الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى في وقت سابق من هذا العام. العديد من المحللين يعتقدون أن السوق لا تزال في مرحلة النمو، وأن هذه التقلبات تعتبر جزءًا من العملية. ومع ذلك، فإن استمرار الضغوط البيعية يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الخسائر.
يشير تحليل السوق إلى أن مستوى 80 ألف دولار للبيتكوين يمثل دعماً رئيسياً. إذا تم اختراق هذا المستوى، فقد نشهد انخفاضًا أكبر في الأسعار. من ناحية أخرى، إذا تمكنت البيتكوين من استعادة قوتها والارتفاع فوق 90 ألف دولار، فقد يشير ذلك إلى أن التصحيح قد وصل إلى نهايته.
بالإضافة إلى ذلك، تؤثر تطورات التنظيمات الخاصة بالعملات المشفرة في مختلف البلدان على ثقة المستثمرين. الغموض التنظيمي يمكن أن يزيد من المخاطر ويؤدي إلى تقلبات أكبر في الأسعار. تعتبر وضوح القواعد واللوائح أمراً حاسماً لتعزيز النمو المستدام في هذا القطاع.
تعتبر مراقبة حجم التداول والمؤشرات الفنية أمراً ضرورياً لفهم ديناميكيات السوق واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. كما أن تحليل المشاعر السائدة في السوق، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار المالية، يمكن أن يوفر رؤى قيمة حول اتجاهات الأسعار المحتملة.
في الختام، من المقرر أن تكون البيانات الاقتصادية الأمريكية القادمة، وخاصة تلك المتعلقة بالتضخم والتوظيف، حاسمة في تحديد مسار سوق العملات المشفرة في الأيام والأسابيع المقبلة. يجب على المستثمرين أن يكونوا على دراية بالمخاطر المرتبطة بهذا السوق المتقلب، وأن يراقبوا عن كثب التطورات الاقتصادية والسياسية قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. يبقى مستقبل البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى غير مؤكدًا، ويتطلب تقييمًا مستمرًا.

