انطلقت اليوم في العاصمة الرياض فعاليات النسخة الرابعة من مؤتمر “بلاك هات” الشرق الأوسط وأفريقيا 2025، وهو أحد أبرز التجمعات العالمية في مجال الأمن السيبراني. ويشكل هذا الحدث منصة رئيسية لتبادل الخبرات والتجارب، واستعراض أحدث التقنيات والحلول في مواجهة التهديدات الإلكترونية المتزايدة. حسبما صرح متعب القني، الرئيس التنفيذي للاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، فإن المؤتمر يشهد إقبالاً غير مسبوق هذا العام.
تستضيف الرياض هذا المؤتمر الذي ينظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز بالتعاون مع شركة “تحالف” (المشروع المشترك بين الاتحاد و”صندوق الفعاليات الاستثماري” و”إنفورما” الدولية). ويشارك في هذه النسخة أكثر من 50 ألف متخصص وزائر من 163 دولة، مما يعكس أهمية الحدث على الصعيدين الإقليمي والدولي. ويستمر المؤتمر حتى الرابع من ديسمبر القادم، ويقدم مجموعة واسعة من الفعاليات والأنشطة.
تعزيز مكانة الرياض كمركز إقليمي للأمن السيبراني
تشير الإحصائيات إلى أن نسخة 2025 من “بلاك هات” تضم أكثر من 500 شركة، تمثل الشركات الدولية منها نسبة 66%. كما يشارك 300 متحدث يقدمون ما يزيد عن 200 ساعة من المحتوى التقني المتنوع. وقد ارتفعت هذه النسبة بنحو 35% مقارنة بالعام الماضي، مما يؤكد النمو المطرد الذي يشهده المؤتمر.
ويرى القني أن هذه المؤشرات تعزز مكانة الرياض كمركز عالمي لصناعة الأمن السيبراني، وجاذبة لكبرى الشركات والمؤسسات المتخصصة في هذا المجال. ويعزى هذا الاهتمام المتزايد إلى الدعم الكبير الذي تقدمه المملكة للقطاع الرقمي والأمني، ورؤيتها الطموحة في أن تصبح رائدة في هذا المجال.
مشاركة القطاع الخاص والشركات الناشئة
يُظهر حضور كبار التنفيذيين، الذين يمثلون 50% من إجمالي الحضور، التأثير المتزايد لهذا الحدث على بيئة الأعمال والفرص الاستثمارية في المملكة. ويعتبر هذا الحضور مؤشراً على اهتمام الشركات بتبني أحدث التقنيات والحلول في مجال الحماية من المخاطر الإلكترونية.
شهد الافتتاح عرضاً لعدد من الشركات الناشئة التي انطلقت من “بلاك هات” في الدورات السابقة، مما يسلط الضوء على دور المؤتمر في دعم ريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا. فقد توسعت شركة “DataLexing” لتخدم 41 دولة وأكثر من 3500 عميل، بينما جمعت “Spidersilk” تمويلاً بقيمة 9 ملايين دولار وعادت هذا العام كعارض رئيسي. كما حققت “Solidrange” نمواً يفوق 450% خلال عام واحد بفضل الفرص التي أتيحت لها من خلال هذا الحدث.
تطوير الكفاءات الوطنية في مجال التكنولوجيا
بالتزامن مع فعاليات المؤتمر، أطلق برنامج تدريبي متخصص يمتد لخمسة أيام، بالتعاون مع مؤسسات عالمية رائدة مثل “CQURE” و”OffSec”. ويحظى هذا البرنامج بإقبال كبير نظراً لنجاحه في الدورات السابقة، حيث بلغت نسبة الرضا عنه 92%. ويهدف البرنامج إلى تطوير المهارات والكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني، وتمكين الكوادر الشابة من المساهمة في بناء مستقبل رقمي آمن.
إضافة إلى ذلك، تشارك مئات المواطنات والمواطنين من منطقة الرياض في تنظيم وإدارة المؤتمر، مما يتيح لهم فرصة اكتساب الخبرة والتعرف على أحدث التطورات في هذا المجال. يُعد هذا التوجه جزءاً من جهود المملكة لتمكين الشباب وتأهيلهم لسوق العمل المتغير.
وتشمل فعاليات المؤتمر ورش عمل متقدمة، وجلسات متخصصة في مختلف جوانب الأمن السيبراني، بالإضافة إلى منصات للابتكار تعرض أحدث التقنيات والحلول. كما يتضمن مسابقة للشركات الناشئة، حيث يحصل الفائز على فرصة للمشاركة في “بلاك هات” الولايات المتحدة 2026.
وفي سياق متصل، تعمل المملكة العربية السعودية بشكل متزايد على تطوير استراتيجيات شاملة لمواجهة التهديدات الأمنية الرقمية، في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي تشهده البلاد. هذا التحول يتطلب حماية البنية التحتية الرقمية، وضمان أمن البيانات والمعلومات، وتعزيز القدرات الدفاعية ضد الهجمات الإلكترونية. وتعتبر هذه النسخة من المؤتمر فرصة لتقييم التقدم المحرز في هذا المجال.
من المتوقع أن يشهد المؤتمر إعلاناً عن شراكات جديدة ومبادرات مشتركة بين القطاعين العام والخاص، بهدف تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني وتبادل الخبرات والمعلومات. كما يُنتظر أن يتم استعراض نتائج الدراسات والأبحاث الحديثة في هذا المجال، وتقديم توصيات للجهات المعنية. وستظل متابعة تطورات المؤتمر، وخاصة نتائج مسابقة الشركات الناشئة، نقطة مراقبة هامة في الأشهر القادمة.
