النفط يرتفع مع تصاعد التوترات الجيوسياسية رغم مؤشرات الفائض

شهدت أسعار النفط تقلبات ملحوظة في التداولات الأخيرة، حيث يتأرجح السوق بين المخاوف المتعلقة بالتصعيدات الجيوسياسية وتوقعات زيادة المعروض. وارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف في نهاية اليوم، مدفوعة بالتوترات في أوكرانيا وفنزويلا، على الرغم من قرار أرامكو السعودية بخفض سعر الخام الخفيف إلى آسيا. هذا التذبذب يعكس حالة عدم اليقين التي تسيطر على سوق النفط العالمي.
وارتفع خام برنت الآجلة لشهر فبراير بنسبة 0.94% ليصل إلى 63.26 دولارًا للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.2% ليغلق دون حاجز الـ 60 دولارًا. يأتي هذا الارتفاع بعد فترة من التراجع المستمر، حيث انخفضت أسعار النفط بنحو 17% منذ بداية العام.
التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على أسعار النفط
تتصاعد التوترات الجيوسياسية في عدة مناطق، مما يثير مخاوف بشأن إمدادات النفط. تجري حاليًا محادثات جديدة بين الأطراف الأوكرانية، لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب عن رفضه لبعض جوانب خطة السلام المدعومة من الولايات المتحدة. هذا يشير إلى أن رفع العقوبات عن النفط الروسي، وهو ما قد يزيد من المعروض، لا يزال بعيد المنال.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نيته بدء عمليات عسكرية محتملة في فنزويلا ضد ما وصفها بعصابات المخدرات. قد يؤدي أي تدخل عسكري في فنزويلا إلى تعطيل إنتاج النفط وتصديره، مما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع.
قرار أرامكو السعودية وخفض الأسعار
في المقابل، اتخذت شركة أرامكو السعودية خطوة قد تضغط على الأسعار، حيث قررت خفض سعر خامها القياسي “العربي الخفيف” إلى آسيا بمقدار 60 سنتًا فوق السعر القياسي الإقليمي لشهر يناير. ويعتبر هذا الخفض الأكبر منذ عام 2021، ويعكس رغبة الشركة في الحفاظ على حصتها في السوق الآسيوية.
ويأتي هذا القرار في وقت تشير فيه التوقعات إلى زيادة المعروض من النفط من كل من الولايات المتحدة وكندا، بالإضافة إلى الإنتاج المتزايد من تحالف أوبك+. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية فائضًا كبيرًا في المعروض بحلول عام 2026، بينما تتوقع بعض البنوك الاستثمارية مزيدًا من الانخفاض في الأسعار المستقبلية.
تأثيرات متباينة على المستهلكين والمنتجين
تعتبر الأسعار المنخفضة للنفط بمثابة نعمة للمستهلكين، حيث انخفضت أسعار البنزين في الولايات المتحدة إلى أقل من 3 دولارات للغالون، وهو أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات. كما شهدت أسعار الديزل انخفاضًا مطردًا في الأسابيع الأخيرة.
ومع ذلك، تمثل هذه الأسعار تحديًا كبيرًا للمنتجين، خاصةً أولئك الذين يعتمدون على عائدات النفط لتمويل ميزانياتهم. صرح سعد رحيم، كبير الاقتصاديين في شركة “ترافيغورا غروب”، بأن المعروض الحالي من النفط كبير جدًا بغض النظر عن حجم الطلب المتوقع، وأن المسار الأقل مقاومة للأسعار هو الهبوط.
وفي سياق متصل، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن التعاون في مجال الطاقة بين بلاده والهند مستمر دون أي تأثير، مشيرًا إلى أن شركة نفط روسية تواصل توسيع عملياتها في مصفاة هندية. هذا التعاون يعزز من مكانة روسيا كمورد رئيسي للنفط للهند، ويساهم في استقرار الإمدادات.
تتأثر أسعار النفط أيضًا بمسار الدولار الأمريكي، حيث أن ارتفاع قيمة الدولار يجعل النفط أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تلعب التوقعات الاقتصادية العالمية دورًا هامًا في تحديد الطلب على النفط.
تعتبر أسعار النفط من العوامل الرئيسية التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، حيث أنها تؤثر على تكاليف النقل والإنتاج، وبالتالي على أسعار السلع والخدمات. كما أن أسعار النفط لها تأثير كبير على ميزانيات الدول المنتجة والمستهلكة.
من المتوقع أن يستمر السوق في تقييم المخاطر الجيوسياسية ومستويات المعروض والطلب في الأشهر المقبلة. وستكون قرارات أوبك+ بشأن الإنتاج، بالإضافة إلى التطورات في أوكرانيا وفنزويلا، من العوامل الرئيسية التي ستحدد مسار أسعار النفط في المستقبل القريب. كما يجب مراقبة التغيرات في السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى وتأثيرها على قيمة الدولار الأمريكي.

