ترمب ينجح في رعاية سلام بين رواندا والكونغو ويوقع اتفاقات اقتصادية

وقّع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي، ونظيره الرواندي بول كاغامي، اتفاق سلام في واشنطن برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، بالإضافة إلى اتفاقيات اقتصادية مع الولايات المتحدة. يأتي هذا في ظل استمرار الصراع العنيف في شرق الكونغو منذ ثلاثة عقود، والذي يهدد الاستقرار الإقليمي ويثير تساؤلات حول فعالية هذه الجهود في تحقيق سلام دائم. وتهدف الاتفاقيات إلى تخفيف التوترات وتعزيز التعاون الاقتصادي، لكن مستقبلها لا يزال غير واضحًا.
أكد ترمب خلال حفل التوقيع على أن هذا الاتفاق يمثل تحولاً كبيراً في العلاقة بين البلدين، معربًا عن ثقته بأن الطرفين سيتوقفان عن الصراع ويبدآن في الاستفادة الاقتصادية من التعاون مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، يلقي مراقبون بالشك حول مدى قدرة هذه الاتفاقيات على حل المشاكل العميقة الجذور التي تغذي العنف في المنطقة.
اتفاقيات واشنطن: هل تمثل نقطة تحول في صراع الكونغو ورواندا؟
تم التوقيع على هذه الاتفاقيات في المكان الذي كان يعرف سابقًا بمعهد الولايات المتحدة للسلام، والذي أعادت وزارة الخارجية الأمريكية تسميته تكريمًا لترمب. وتتضمن الاتفاقيات الاقتصادية منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى المعادن الحيوية الموجودة في الكونغو، مثل الذهب والقصدير والكوبالت، والتي تعتبر ضرورية لصناعة التكنولوجيا الحديثة. يأتي هذا في وقت تتزايد فيه أهمية المعادن النادرة على مستوى العالم.
بدأت جهود السلام هذه قبل عدة أشهر، بعدما ساهم التدخل الأمريكي في وقف تقدم جماعة “إم 23” المسلحة، والتي كانت تهدد بالإطاحة بحكومة تشيسيكيدي. ومع ذلك، لا يزال الوضع الأمني في شرق الكونغو متدهورًا، حيث تواصل “إم 23” احتلال مناطق واسعة والسيطرة على بلدات رئيسية.
المعضلات الأمنية والاقتصادية
ورغم تفاؤل ترمب بإحداث تغيير فوري، إلا أن الواقع يشير إلى أن تحقيق السلام الدائم يتطلب معالجة أسباب الصراع العميقة، والتي تشمل التنافس على الموارد الطبيعية، والتوترات العرقية، والتدخلات الخارجية. ويشير خبراء إلى أن الاتفاقيات الاقتصادية وحدها لن تكون كافية لتحقيق الاستقرار إذا لم يتم معالجة هذه القضايا.
وقد أعربت حكومة الكونغو عن قلقها من استمرار “إم 23” في التقدم، واتهمت رواندا بدعم الجماعة المسلحة بهدف السيطرة على موارد الكونغو الطبيعية. وتنفي رواندا هذه الاتهامات وتتهم الكونغو بدعم جماعات مسلحة تهدد أمنها القومي، مثل “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا”.
يذكر أن الكونغو هي أكبر منتج للكوبالت في العالم، وهي أيضًا من بين أكبر مصادر النحاس. تعتمد العديد من الشركات الأمريكية والأوروبية على هذه المعادن في عمليات الإنتاج الخاصة بها. كما أن الاتجار غير المشروع بالمعادن يمثل تحديًا كبيرًا في المنطقة، ويساهم في تمويل الجماعات المسلحة وتفاقم العنف.
من جهته، أعرب الرئيس تشيسيكيدي عن أمله في أن يكون هذا الاتفاق بداية لمرحلة جديدة من السلام والتعاون، مشددًا على أهمية احترام رواندا لالتزاماتها. وأضاف: “نحن نتطلع إلى مستقبل تكون فيه السلام والازدهار حليفنا، وليس مجرد أمنية”.
وشهد حفل التوقيع حضور قادة من دول أخرى في المنطقة، مثل أنغولا وكينيا وبوروندي، بالإضافة إلى جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). هذا يدل على الأهمية الإقليمية والدولية للاتفاق.
في سياق متصل، يرى جيسون ستيرنز، مؤسس “مجموعة أبحاث الكونغو” في جامعة نيويورك، أن المبادرات الأمريكية نجحت في الحد من الصراع الحالي وجمع الأطراف على طاولة المفاوضات، لكنها لم تعالج القضايا الأساسية التي تغذي العنف. وأضاف: “الاتفاق مهم، لكنه ليس حلاً سحريًا”.
اقرأ أيضاً: مستشار ترمب لـ”الشرق”: نفاوض الكونغو على اتفاقية “ضخمة” للمعادن النادرة
في الختام، تظل آفاق السلام في الكونغو ورواندا معلقة. من المقرر أن تبدأ المناقشات التفصيلية حول آليات تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية قريبًا، ومن المتوقع أن يتم توقيع اتفاقية ثنائية منفصلة بين الكونغو والولايات المتحدة للتعاون في مشاريع الطاقة والتعدين والبنية التحتية. سيكون من الضروري مراقبة التطورات الأمنية والسياسية عن كثب لتقييم ما إذا كانت هذه الجهود ستؤدي إلى تحقيق استقرار دائم في المنطقة.

