Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

توسع الانتقالي يعيد خريطة السيطرة باليمن.. هل يحدث الانفصال؟ | الخليج أونلاين

يشهد اليمن، وخاصة المحافظات الجنوبية والشرقية، تحولات جيوسياسية عميقة. ففي تطور لافت، شهد وادي حضرموت عملية عسكرية واسعة النطاق في الثاني والثالث من ديسمبر 2025، نفذتها قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، أسفرت عن سيطرتها على مدن ومناطق رئيسية، مما أثار تساؤلات حول مستقبل الاستقرار والسيادة اليمنية. هذه الحركة تأتي في سياق سعي الانتقالي المعلن لاستعادة الدولة الجنوبية، مع تراجع نفوذ الحكومة المعترف بها دوليًا، وتأثير متزايد للقوى الإقليمية المتنافسة.

تطورات الأوضاع في وادي حضرموت

عرفت محافظة حضرموت، بتاريخها الغني ومواردها الطبيعية الهامة، تطورات سريعة خلال الأيام القليلة الماضية. العملية العسكرية التي قادها المجلس الانتقالي الجنوبي، استهدفت بشكل رئيسي مدن تريم وسيئون والقطن وحورة والخشعة. لم تقتصر السيطرة على المناطق الحضرية، بل امتدت أيضًا لتشمل مقرات عسكرية رئيسية، مثل المنطقة العسكرية الأولى ومطار سيئون، وحتى القصر الجمهوري. يرى مراقبون أن هذا التطور يمثل تغييرًا جذريًا في موازين القوى داخل المحافظة، ويثير تساؤلات حول مستقبل المنطقة العسكرية الأولى ودورها.

الاشتباكات التي سبقت السيطرة كانت محدودة، لكنها خلفت قتلى وجرحى، بالإضافة إلى أسر بعض الجنود. في المقابل، انسحبت وحدات أخرى من الجيش باتجاه صحراء العبر، مما أدى إلى فراغ أمني ملحوظ. نتيجة لهذه التحركات، توقفت الأنشطة الحكومية تقريبًا في سيئون، وتم رفع أعلام الجنوب فوق المقار الرسمية ومراكز الشرطة.

ومع ذلك، بقيت بعض المناطق خارج سيطرة الانتقالي، مثل مواقع حماية حضرموت التابعة لحلف قبائل حضرموت، بالإضافة إلى مدينتي العبر والوديعة الحدوديتين. ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى وساطة سعودية مكثفة، تمكنت من الحفاظ على وجود نقاط قبلية ومواقع أمنية في تلك المناطق.

التوسع نحو المنشآت النفطية والحدود

لم يتوقف طموح المجلس الانتقالي الجنوبي عند السيطرة على المدن الرئيسية. ففي الرابع من ديسمبر، شنت قوات الانتقالي هجومًا على المنشآت النفطية في المسيلة والهضبة، وتمكنت من السيطرة عليها. هذه الخطوة اعتبرت ذات أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة، إذ تمنح الانتقالي سيطرة مباشرة على جزء كبير من دخل البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، اتجهت قوات الانتقالي نحو المناطق الحدودية مع السعودية، وبسطت سيطرتها عليها. هذا التوسع دفع إلى رفع أعلام الجنوب على معظم المقرات الرسمية، مما عزز من المشاعر الانفصالية في المنطقة.

المهرة.. السيطرة التفاوضية

بعيدًا عن وادي حضرموت، اتخذ التمدد الجنوبي في المهرة منحى مختلفًا. فبدلًا من الاشتباكات العسكرية، جرت السيطرة بطريقة تفاوضية، مما أدى إلى تسليم منشآت عسكرية وأمنية لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي. وشمل ذلك القصر الجمهوري وميناء نشطون واللواء 137 مشاة.

أشرف محور الغيضة بقيادة اللواء محسن علي مرصع على عملية التسليم، التي تضمنت خروج قوات من المحافظات الشمالية، وانضمام اللواء 11 حرس حدود إلى قوات الانتقالي. امتدت السيطرة أيضًا إلى النقاط الممتدة نحو الدمخ والغيضة الشرقية، وصولًا إلى منفذي صيرفت وشحن على الحدود العمانية.

هذه هي المرة الأولى التي يسيطر فيها المجلس الانتقالي الجنوبي على منافذ حدودية برية، مما يمنحه سيطرة على حركة التجارة مع دول الجوار، وفي المقدمة عُمان والسعودية. هذا التطور له آثار كبيرة على الأمن الإقليمي والاقتصاد اليمني.

دوافع وتداعيات التمدد الجنوبي

يعود التمدد العسكري والسياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى عدة عوامل. أبرزها، سعي المجلس لتحقيق هدفه المعلن وهو “استعادة الدولة الجنوبية”، وإيمانه بأن السيطرة على المحافظات الجنوبية الغنية بالموارد، هي خطوة ضرورية نحو تحقيق هذا الهدف. بالإضافة إلى ذلك، يرى المجلس في التراجع المستمر للحكومة المعترف بها دوليًا، فرصة لملء الفراغ السياسي والأمني الذي خلفه ذلك التراجع.

استفاد المجلس الانتقالي الجنوبي من الدعم الإقليمي، وخاصة من الإمارات العربية المتحدة، في بناء قوته العسكرية وتوسيع نفوذه. ومنذ تشكيل المجلس في عام 2017، نجح في بناء قوة عسكرية كبيرة، تضم وحدات مثل الحزام الأمني والنخبة الشبوانية والحضرمية، وكتائب الدعم والإسناد والعمالقة.

ومع ذلك، يثير هذا التمدد الجنوبي مخاوف كبيرة على مستقبل اليمن. فالسيطرة المتزايدة للمجلس الانتقالي الجنوبي على المحافظات الجنوبية، تزيد من خطر تفكك اليمن إلى دولتين أو أكثر. كما أن هذا التمدد يعمق الانقسامات السياسية والاجتماعية داخل المجتمع اليمني. الوضع في اليمن يتطلب حلاً سياسياً شاملاً يضمن مشاركة جميع المكونات اليمنية في السلطة والثروة.

مستقبل اليمن: هل الانفصال حتمي؟

يرى الباحث السياسي نجيب السماوي، أن توسع المجلس الانتقالي الجنوبي يشكل خطوة كبيرة نحو بناء كيان سياسي وجغرافي متماسك، لكنه يؤكد أن هذا لا يعني أن الانفصال بات وشيكًا أو مضمونًا. ويشير إلى أن المشروع يحتاج إلى اعتراف دولي وإقليمي، وهو ما لا يتشكل بمجرد السيطرة الميدانية.

ويضيف السماوي أن المجتمع الدولي ما يزال متمسكًا بمبدأ “وحدة اليمن”، كإطار مرجعي لأي تسوية سياسية. كما يرى أن الاعتراف بدولة جنوبية جديدة يتطلب ضمانات استقرار سياسي واقتصادي لا تبدو متوفرة بعد. يشير السماوي إلى أن قبول المجتمع الدولي بالانفصال مشروط بوجود إجماع جنوبي واسع، وعدم نشوب صراع جديد، وقدرة الكيان الجديد على إدارة نفسه.

في الختام، تظهر تطورات حضرموت والمهرة على أنها علامة فارقة في الصراع اليمني، حيث تمثل نقلة نوعية في مسار المجلس الانتقالي الجنوبي نحو تحقيق أهدافه. بينما تثير هذه التطورات تساؤلات حول مستقبل الوحدة اليمنية، فإن السيناريوهات المحتملة تظل متعددة ومعقدة، وتعتمد بشكل كبير على التفاعلات الداخلية والإقليمية والدولية. من الواضح أن اليمن يقف على مفترق طرق حاسم، وأن مستقبل البلاد يتوقف على قدرة الأطراف اليمنية على التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تضمن الاستقرار والازدهار لجميع اليمنيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *