«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الأحد، من بلوغ حالة نقص الأدوية في القطاع مستويات “كارثية”، مما يهدد حياة المرضى ويزيد من تدهور الوضع الصحي العام. يأتي هذا التحذير في ظل استمرار الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها القطاع، وتأثيرها المباشر على توفير الرعاية الصحية الأساسية. وقد أعلنت الوزارة عن نفاد العديد من الأدوية المنقذة للحياة، والمواد الطبية الحيوية، والمستلزمات الجراحية.
التحذير صدر من غزة، ويشمل كافة المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع. أعلنت وزارة الصحة أن النقص يمتد ليشمل أدوية علاج الأمراض المزمنة، والمضادات الحيوية، وأدوية الأطفال، بالإضافة إلى مواد مثل أكياس الدم وأجهزة التنفس الاصطناعي. هذا الوضع يفاقم معاناة أكثر من 2.3 مليون نسمة يعيشون في غزة، والذين يواجهون بالفعل صعوبات جمة في الحصول على الخدمات الصحية.
تفاقم أزمة نقص الأدوية في قطاع غزة
يعتبر نقص الأدوية في غزة مشكلة متكررة، ولكنها وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في الأسابيع الأخيرة. ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى القيود المفروضة على حركة البضائع والأفراد عبر معبر رفح البري، وبعده إغلاقه لفترات طويلة، والذي يعتبر شريان الحياة للقطاع، حيث يتم من خلاله إدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية.
وفقًا لبيانات وزارة الصحة، فإن مخزون الأدوية الأساسية لا يتجاوز حاليًا أقل من 3% من الاحتياجات المطلوبة. هذا النقص الحاد يؤثر بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفاً، مثل الأطفال والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب والجهاز التنفسي. بالإضافة إلى ذلك، يهدد القدرة على التعامل مع الإصابات الطارئة الناجمة عن الأحداث الجارية.
أسباب الأزمة وتداعياتها
الأسباب المباشرة للأزمة الحالية متعددة، وتشمل بالإضافة إلى القيود على المعابر، التأخير في وصول المساعدات الطبية من الجهات الدولية المانحة. وتشير التقارير إلى صعوبات لوجستية في التعامل مع المساعدات المتوفرة، وتوزيعها بشكل عادل على المستشفيات والمراكز الصحية المختلفة.
بالإضافة إلى نقص الأدوية، يعاني القطاع من نقص حاد في الكادر الطبي المؤهل، حيث اضطر العديد من الأطباء والممرضين إلى مغادرة غزة بحثًا عن فرص عمل أفضل أو بسبب الظروف الأمنية. هذا النقص في الكادر الطبي يزيد من الضغط على النظام الصحي المتهالك، ويقلل من جودة الرعاية المقدمة للمرضى.
تأثير نقص الإمدادات الطبية على الخدمات الصحية
أدى نقص الأدوية والمستلزمات الطبية إلى توقف العديد من الخدمات الصحية الأساسية في غزة، بما في ذلك العمليات الجراحية غير الضرورية، وعلاج الأمراض المزمنة، وتوفير الرعاية الطارئة. وبحسب مسؤولين في وزارة الصحة، فإن بعض المستشفيات تضطر إلى الاختيار بين المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج، بسبب نقص الإمكانيات المتاحة.
كما أدى النقص إلى ارتفاع أسعار الأدوية المتوفرة في السوق السوداء، مما يجعلها غير متاحة للكثير من السكان. وتشير تقارير منظمات الإغاثة إلى أن العديد من العائلات في غزة تضطر إلى بيع ممتلكاتها لتوفير الأدوية لأفرادها. هذا الوضع يفاقم الأزمة الإنسانية، ويزيد من معاناة السكان.
وتأتي هذه الأزمة في توقيت حرج، حيث يواجه القطاع ارتفاعًا في معدلات الإصابة بالأمراض المعدية بسبب الاكتظاظ السكاني وسوء الظروف الصحية. كما أن نقص الغذاء وسوء التغذية يزيدان من ضعف جهاز المناعة لدى السكان، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
وتعاني الرعاية الصحية في غزة من تحديات بنيوية طويلة الأمد، بما في ذلك نقص التمويل والبنية التحتية المتهالكة، والقيود المفروضة على استيراد المعدات الطبية.
وتعتبر الأزمة الحالية بمثابة “إعلان خطر” للطبيعة الهشة للنظام الصحي في غزة، وتؤكد على الحاجة الملحة لتقديم الدعم الإنساني والإعفاء من القيود المفروضة على حركة البضائع والأفراد. وتشير المنظمات الدولية إلى أن الوضع الصحي في غزة يتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي لتجنب كارثة إنسانية أكبر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص المستلزمات الطبية يؤثر بشكل كبير على قدرة المستشفيات على تقديم الرعاية الجيدة للمرضى. وتشير التقارير إلى أن بعض المستشفيات تضطر إلى إعادة استخدام الأدوات الجراحية، مما يزيد من خطر انتشار العدوى.
وفي سياق متصل، تواصل وزارة الصحة في غزة جهودها لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية المتاحة للمرضى، وتعتمد بشكل كبير على المساعدات المقدمة من الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية.
من المتوقع أن تعقد وزارة الصحة مؤتمرًا صحفيًا يوم الاثنين القادم لتقديم تقرير مفصل عن الوضع الصحي في غزة، وتحديد الاحتياجات العاجلة من الأدوية والمستلزمات الطبية. كما من المتوقع أن تناشد الوزارة المجتمع الدولي لتقديم المزيد من الدعم الإنساني للقطاع. يبقى الوضع غير مؤكدًا، ويعتمد على تطورات الأوضاع السياسية والإنسانية في المنطقة.

