ماكرون يلوح بفرض رسوم ضد الصين إذا لم تعالج فائضها التجاري مع أوروبا

حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن الاتحاد الأوروبي قد يضطر إلى اتخاذ إجراءات تجارية صارمة ضد الصين، بما في ذلك فرض رسوم جمركية، وذلك ردًا على الاختلالات التجارية المتزايدة. يأتي هذا التحذير بعد عودة ماكرون من زيارة إلى بكين حيث سعى إلى إعادة توازن العلاقات الاقتصادية بين الجانبين. وتعتبر قضية التجارة مع الصين من القضايا الملحة التي تواجه الاقتصاد الأوروبي حاليًا.
تفاقم العجز التجاري مع الصين يثير مخاوف أوروبية
أعرب ماكرون عن قلقه إزاء الفائض التجاري الصيني الكبير، مشيرًا إلى أنه يضر بالصناعات الأوروبية ويقوض قدرتها التنافسية. ووفقًا لتصريحاته لصحيفة “ليزيكو”، فإن هذا الفائض “يقتل عملاءهم” من خلال تقليل الاستيراد من أوروبا. يأتي هذا في وقت يشهد فيه الاتحاد الأوروبي عجزًا تجاريًا متزايدًا مع الصين، مما يثير تساؤلات حول فعالية السياسات التجارية الحالية.
بلغ عجز التجارة الفرنسية مع الصين حوالي 47 مليار يورو في عام 2023، وفقًا لوزارة الخزانة الفرنسية. وعلى نطاق أوسع، وصل الفائض التجاري الصيني مع الاتحاد الأوروبي إلى ما يقارب 143 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024، وهو رقم قياسي يعكس التفاوت الكبير في الميزان التجاري.
خلافات حول الاستجابة الصينية
أشار ماكرون إلى أن النهج الأمريكي تجاه الصين، والذي يتضمن فرض رسوم جمركية، قد يكون “غير مناسب” ولكنه أدى إلى تحويل البضائع الصينية نحو السوق الأوروبية. ويرى أن أوروبا عالقة بين هذا الوضع، وأن مستقبل الصناعة الأوروبية على المحك.
ومع ذلك، يواجه هذا الموقف بعض المعارضة داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تشير التقارير إلى أن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، لا تتفق بالكامل مع موقف فرنسا المتشدد. هذا الاختلاف في وجهات النظر يعقد عملية التوصل إلى استجابة موحدة تجاه الصين.
إجراءات محتملة وتأثيرها على الاقتصاد
حذر ماكرون من أن الاتحاد الأوروبي قد يضطر إلى فرض رسوم جمركية على المنتجات الصينية إذا لم تتخذ بكين خطوات لمعالجة الاختلالات التجارية. وقد ناقش هذا الاحتمال مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
في العام الماضي، تصاعدت التوترات بين فرنسا والصين بعد أن أيدت باريس فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية من قبل الاتحاد الأوروبي. وردت الصين بفرض متطلبات حد أدنى لسعر الكونياك الفرنسي، مما أثار مخاوف بين المنتجين الأوروبيين الآخرين، مثل منتجي لحوم الخنزير ومنتجات الألبان، من أنهم قد يكونون هدفًا لإجراءات مماثلة. هذه الإجراءات المتبادلة تشير إلى تصعيد محتمل في الحرب التجارية بين الجانبين.
بالإضافة إلى ذلك، أعرب ماكرون عن قلقه بشأن سياسة البنك المركزي الأوروبي، مشيرًا إلى أن استمرار بيع السندات الحكومية قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة ويضر بالنمو الاقتصادي. وشدد على أهمية أن تأخذ السياسة النقدية في الاعتبار النمو والوظائف، وليس فقط التضخم.
الاستثمار والتنافسية كركائز أساسية
خلال زيارته للصين، حث ماكرون على زيادة الاستثمارات في أوروبا. ويرى أن تعزيز الاستثمار والتنافسية أمر ضروري لتمكين أوروبا من مواجهة التحديات الاقتصادية التي تفرضها الصين. كما أكد على أهمية الحفاظ على استقرار نقدي موثوق به لجذب الاستثمارات.
تعتبر قضية الاستثمار الأجنبي ذات أهمية خاصة في هذا السياق، حيث تسعى أوروبا إلى جذب المزيد من الاستثمارات من الصين وغيرها من الدول لتعزيز نموها الاقتصادي.
وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لو مير، أكد على الحاجة إلى رد أوروبي موحد على الممارسات التجارية الصينية وضرورة التأكيد على المصالح الأوروبية. هذا يشمل حماية الصناعات الاستراتيجية وضمان وصول عادل إلى الأسواق الصينية.
من المتوقع أن تناقش المفوضية الأوروبية هذه القضايا في اجتماعاتها المقبلة، ومن المحتمل أن يتم اتخاذ قرار بشأن فرض رسوم جمركية على بعض المنتجات الصينية في الأشهر القليلة القادمة. ومع ذلك، فإن التوصل إلى توافق بين جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد يكون صعبًا، خاصةً مع وجود خلافات حول أفضل طريقة للتعامل مع الصين.
المستقبل القريب سيشهد متابعة دقيقة لتطورات هذه القضية، مع التركيز على رد فعل الصين على التحذيرات الأوروبية، والاجتماعات القادمة للمفوضية الأوروبية، والتوصل إلى أي اتفاقيات تجارية جديدة بين الاتحاد الأوروبي والصين. تعتبر هذه التطورات حاسمة لتحديد مستقبل العلاقات الاقتصادية بين أوروبا والصين.

