ماسك يشبه الاتحاد الأوروبي بألمانيا النازية

أثار إيلون ماسك، مالك منصة إكس (تويتر سابقًا)، جدلاً واسعًا بعد تشبيهه بالاتحاد الأوروبي بألمانيا النازية، وذلك ردًا على غرامة مالية فرضتها المفوضية الأوروبية على المنصة بقيمة 120 مليون يورو بسبب انتهاكات تتعلق بقواعد الشفافية. يأتي هذا التصعيد بعد أيام قليلة من فرض الغرامة، حيث قامت إكس بحذف حساب إعلاني تابع للمفوضية الأوروبية، مما زاد من حدة التوتر بين الطرفين. هذه القضية تلقي الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجهها شركات وسائل التواصل الاجتماعي في التوفيق بين حرية التعبير والالتزام باللوائح التنظيمية.
وقعت هذه الأحداث بعد إعلان المفوضية الأوروبية عن الغرامة يوم الجمعة الماضي، متهمة إكس بتضليل المستخدمين من خلال وضع علامات زرقاء على الحسابات بشكل غير شفاف، وإخفاء بيانات عن الباحثين، وعدم توثيق الإعلانات المنشورة على المنصة بشكل واضح. الغرامة تمثل أول عقوبة من نوعها تُفرض بموجب قانون الخدمات الرقمية الجديد الذي يهدف إلى مكافحة المحتوى غير القانوني والضار على الإنترنت.
غرامة إكس والردود المتصاعدة
رد نيكيتا بير، رئيس قسم المنتجات في إكس، على إعلان المفوضية الأوروبية عن الغرامة بإعلان عن إنهاء حساب الاتحاد الأوروبي الإعلاني، مدعيًا أن الحساب نشر محتوى “يخدع المستخدمين للاعتقاد بأنه مقطع فيديو ويزيد من وصوله بشكل مصطنع”. ومع ذلك، لا يزال حساب المفوضية الأوروبية ومنشوراتها مرئية على المنصة.
تصريحات ماسك جاءت أكثر حدة، حيث وصف الاتحاد الأوروبي بأنه “بيروقراطية استبدادية غير منتخبة تضطهد شعوب أوروبا”. كما أعاد نشر تعليق لأحد المستخدمين يصف الاتحاد الأوروبي بأنه “الرايخ الرابع”، مصحوبًا بصورة لعلم الاتحاد الأوروبي يتقشر ليكشف عن علم ألمانيا النازية. وفي تغريدة أخرى، دعا ماسك إلى إلغاء الاتحاد الأوروبي وإعادة السيادة إلى الدول الأعضاء.
انتقادات أمريكية للغرامة
لم تقتصر ردود الفعل على الجانب الأوروبي، حيث أثارت الغرامة انتقادات من مسؤولين أمريكيين. انتقد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الغرامة واصفًا إياها بأنها “هجوم على جميع المنصات التكنولوجية الأمريكية والشعب الأمريكي”.
وانتقد رئيس لجنة الاتصالات الاتحادية الأمريكية بريندان كار الاتحاد الأوروبي بشدة، معتبرًا أن الغرامة تمثل عقابًا على النجاح. وأضاف أن أوروبا تفرض ضرائب على الشركات الأمريكية لدعم قارة تعيقها لوائحها الصارمة. هذه التصريحات تعكس تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن تنظيم الشركات التكنولوجية.
قانون الخدمات الرقمية وتأثيره على منصات التواصل
يأتي فرض الغرامة في سياق تطبيق قانون الخدمات الرقمية (DSA) في الاتحاد الأوروبي، والذي يهدف إلى تنظيم منصات الإنترنت الكبيرة وفرض التزامات عليها بشأن مكافحة المحتوى غير القانوني والضار، وحماية حقوق المستخدمين، وضمان الشفافية. يهدف القانون إلى خلق بيئة رقمية أكثر أمانًا ومسؤولية.
يتطلب قانون الخدمات الرقمية من المنصات الكبيرة مثل إكس اتخاذ تدابير للحد من انتشار المعلومات المضللة والكلام الذي يحض على الكراهية، وتوفير آليات للمستخدمين للإبلاغ عن المحتوى غير القانوني. كما يتطلب القانون من المنصات أن تكون أكثر شفافية بشأن خوارزمياتها وسياساتها الإعلانية.
تداعيات محتملة على مستقبل إكس
من المرجح أن تؤدي هذه الغرامة والجدل الدائر إلى مزيد من التدقيق في ممارسات إكس من قبل الجهات التنظيمية في أوروبا وخارجها. قد تواجه المنصة غرامات إضافية إذا لم تلتزم بقواعد الشفافية والمسؤولية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا التصعيد إلى فقدان الثقة في المنصة من قبل المستخدمين والمعلنين.
تعتبر قضية إكس مثالاً على التحديات التي تواجهها منصات الإنترنت في العصر الرقمي، حيث تسعى الحكومات إلى تنظيم هذه المنصات لحماية حقوق المستخدمين ومكافحة المحتوى الضار. من المتوقع أن يستمر الجدل حول تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات القادمة.
من المتوقع أن تواصل المفوضية الأوروبية مراقبة التزام إكس بقانون الخدمات الرقمية، وقد تفرض غرامات إضافية إذا لم يتم إجراء تحسينات ملموسة. من جهة أخرى، من المرجح أن يستمر إيلون ماسك في انتقاد الاتحاد الأوروبي والدفاع عن حرية التعبير على منصته. يبقى أن نرى كيف ستتطور هذه القضية في المستقبل، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات كبيرة في طريقة تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي في أوروبا.

