وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»… ونعوّل على ترمب لإنفاذه

أجرى وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي حوارًا مطولًا مع صحيفة “الشرق الأوسط” في مكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، تناول قضايا إقليمية ودولية رئيسية. وتتركز جهود القاهرة حاليًا على التهدئة في غزة، وتعزيز الدبلوماسية الإفريقية، وتطوير العلاقات مع القوى الكبرى. يأتي هذا الحوار في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات متسارعة تتطلب تحركًا دبلوماسيًا مكثفًا من مصر.
اللقاء الذي جرى مؤخرًا، يمثل فرصة لفهم رؤية مصر حول التحديات الراهنة، والخطوات التي تتخذها لتحقيق الاستقرار الإقليمي. وتعتبر مصر طرفًا رئيسيًا في العديد من المفاوضات والوساطات، نظرًا لموقعها الاستراتيجي وعلاقاتها المتينة مع مختلف الأطراف المعنية. الوزير عبد العاطي قدم توضيحات حول أولويات السياسة الخارجية المصرية.
أولويات السياسة الخارجية المصرية: دور القاهرة في الملفات الإقليمية
تؤكد مصر على أهمية حل الأزمات الإقليمية بالطرق السلمية، ورفض أي تدخلات خارجية تهدد سيادة الدول. وتعتبر القضية الفلسطينية من أهم أولويات السياسة الخارجية المصرية، وتسعى القاهرة بشكل دائم إلى تحقيق تسوية عادلة وشاملة تضمن حقوق الفلسطينيين. كما تولي مصر اهتمامًا خاصًا بتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأفتس، وتعمل على مكافحة الإرهاب والتطرف.
الوضع في غزة والجهود المصرية للتهدئة
تواصل مصر جهودها الدبلوماسية المكثفة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتخفيف المعاناة الإنسانية على السكان. وبحسب تصريحات رسمية، تعمل مصر بالتنسيق مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة وقطر، للوصول إلى اتفاق يضمن تبادل الأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية بشكل مستدام. وتشير التقارير إلى أن مصر تستضيف مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس.
بالإضافة إلى ذلك، تواصل مصر إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح، وذلك لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان. وتتعاون مصر مع المنظمات الدولية والمحلية لتوزيع المساعدات بشكل فعال وعادل. وتعتبر مصر من أوائل الدول التي استجابت للأزمة الإنسانية في غزة.
تعزيز الدبلوماسية الإفريقية
تولي مصر أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية، وتعتبر القارة الإفريقية جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومي. وتسعى مصر إلى زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري مع الدول الإفريقية، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة. كما تعمل مصر على تبادل الخبرات في مجالات التنمية والبنية التحتية.
وقد استضافت مصر العديد من المؤتمرات والفعاليات التي تهدف إلى تعزيز التعاون الإفريقي، بما في ذلك قمة الاتحاد الإفريقي التي عقدت في القاهرة في فبراير 2024. وتشارك مصر بفاعلية في مبادرات الاتحاد الإفريقي المختلفة، مثل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية. وتعتبر مصر من الدول الرائدة في مجال التنمية المستدامة في إفريقيا.
تطوير العلاقات مع القوى الكبرى
تسعى مصر إلى تطوير علاقاتها مع القوى الكبرى في العالم، مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي. وترى مصر أن هذه العلاقات ضرورية لتحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية. وتعمل مصر على تعزيز التعاون في مجالات مختلفة، مثل الطاقة والتجارة والاستثمار والأمن.
فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، أكدت مصر على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتعمل على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن الإقليمي. أما بالنسبة للعلاقات مع الصين، فتعتبر مصر الصين شريكًا تجاريًا واقتصاديًا مهمًا، وتسعى إلى زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة. وفيما يخص العلاقات مع روسيا، فقد شهدت تطورات ملحوظة في السنوات الأخيرة، خاصة في مجال التعاون الاقتصادي والسياحي.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى مصر إلى تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وتعتبر الاتحاد الأوروبي شريكًا تجاريًا وسياسيًا مهمًا. وتعمل مصر على تعزيز التعاون في مجالات مختلفة، مثل الهجرة والطاقة والتنمية المستدامة. وتشير التقارير إلى أن مصر تتطلع إلى الحصول على دعم من الاتحاد الأوروبي لتنفيذ مشروعات تنموية في مجالات مختلفة.
وتواجه القاهرة تحديات متعددة في سياق هذه العلاقات، بما في ذلك الضغوطات السياسية والاقتصادية، والتنافس بين القوى الكبرى. ومع ذلك، تحرص مصر على الحفاظ على توازن في علاقاتها الخارجية، وتجنب الانحياز إلى أي طرف على حساب طرف آخر. وتعتمد مصر على دبلوماسيتها النشطة وقدرتها على التوصل إلى حلول توافقية لتحقيق مصالحها الوطنية.
وتشمل القضايا الأخرى التي تناولها الحوار مع “الشرق الأوسط” ملف المياه، وخاصة سد النهضة الإثيوبي، وجهود مصر للحفاظ على حصتها من مياه النيل. كما ناقشت الوزير عبد العاطي التطورات في السودان وليبيا، ودور مصر في دعم جهود السلام والاستقرار في هذين البلدين. وتعتبر القاهرة أن الأمن الإقليمي قضية مترابطة، وأن الاستقرار في أي دولة في المنطقة يؤثر على الأمن والاستقرار في الدول الأخرى.
من المتوقع أن تستمر مصر في جهودها الدبلوماسية المكثفة لحل الأزمات الإقليمية، وتعزيز التعاون مع مختلف الأطراف المعنية. وستركز القاهرة بشكل خاص على القضية الفلسطينية، والوضع في غزة، وجهود التهدئة. كما ستواصل مصر تعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية، وتطوير علاقاتها مع القوى الكبرى. وستراقب الأوساط السياسية والدبلوماسية عن كثب التطورات في المنطقة، وتقييم تأثيرها على المصالح المصرية. وستظل المفاوضات المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي محل اهتمام بالغ، حيث تسعى مصر إلى التوصل إلى اتفاق عادل وملزم يضمن حقوقها المائية.

