كوريا الجنوبية والولايات المتحدة تمهدان لاتفاق تعاون بشأن الغواصات النووية

اتفقت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة على العمل نحو اتفاق ثنائي رسمي يتيح لسيؤول تطوير وصناعة غواصات تعمل بالطاقة النووية. جاء هذا الإعلان يوم الأربعاء، مع توقعات ببدء محادثات تفصيلية بين فرق عمل من البلدين في أوائل العام المقبل. يمثل هذا التطور خطوة مهمة في تعزيز التعاون الأمني بين الحليفين في مواجهة التهديدات المتزايدة في المنطقة، خاصة من كوريا الشمالية.
أكد مستشار الأمن القومي الكوري الجنوبي، وي سونغ-لاك، بعد اجتماعات في واشنطن مع مسؤولين أمريكيين كبار، بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الطاقة جينفر جرانهولم، أن المناقشات ركزت على هذا الموضوع بالإضافة إلى قضايا أمنية أخرى. تأتي هذه الخطوة في أعقاب قمة ثنائية عُقدت في أكتوبر الماضي بين الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ والرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث تم الاتفاق على التعاون في مجالات اليورانيوم المخصب وإعادة معالجة الوقود المستهلك.
تطوير القدرات النووية: خطوة نحو الاستقرار الإقليمي
يهدف هذا التعاون إلى تمكين كوريا الجنوبية من امتلاك قدرات استراتيجية رادعة في مواجهة التطورات العسكرية لكوريا الشمالية. تعتبر الغواصات النووية عنصراً حاسماً في هذا السياق، نظراً لقدرتها على العمل لفترات طويلة دون الحاجة إلى الظهور على السطح، مما يجعلها أقل عرضة للكشف والتتبع.
تحديات تخصيب اليورانيوم والالتزام بعدم الانتشار
أشار وي سونغ-لاك إلى أن كوريا الجنوبية تخطط لاستخدام يورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 20% أو أقل لتشغيل مفاعلات الغواصات، مؤكداً التزام بلاده بمبادئ عدم الانتشار النووي. تخضع عمليات تخصيب اليورانيوم في كوريا الجنوبية لقيود كبيرة بموجب اتفاقية الطاقة النووية المدنية القائمة مع الولايات المتحدة.
وفقاً لتقارير إعلامية، تدرس كوريا الجنوبية نموذج أستراليا، التي حصلت على استثناء من الولايات المتحدة يسمح لها بتطوير غواصات تعمل بالطاقة النووية بموجب اتفاقية أوكوس (AUKUS) مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. من المتوقع أن يزور وفد أمريكي من خبراء على مستوى فرق العمل سيؤول في بداية العام المقبل لمناقشة التفاصيل الفنية والقانونية لهذا التعاون.
صرح وزير الدفاع الكوري الجنوبي بأنه يهدف إلى إتمام المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن اتفاقية توريد الوقود النووي خلال العامين القادمين. هذا يشمل تحديد آليات الإمداد والضمانات اللازمة لضمان الاستخدام السلمي للوقود.
جهود متجددة لإعادة إطلاق الحوار مع كوريا الشمالية
بالتوازي مع تعزيز القدرات الدفاعية، أكد المسؤولون الكوريون الجنوبيون والأمريكيون على أهمية استئناف الحوار مع كوريا الشمالية. أشار وي سونغ-لاك إلى أن الجانبين يبحثان عن فرص للتواصل مع بيونغ يانغ، ربما خلال النصف الأول من العام المقبل، دون تحديد أي مبادرات دبلوماسية محددة حتى الآن.
تأتي هذه الجهود في ظل جمود طويل الأمد في المفاوضات النووية مع كوريا الشمالية، والتي توقفت منذ عام 2019. تواصل كوريا الشمالية تطوير برنامجها النووي والصاروخي، مما يثير قلقاً متزايداً في المجتمع الدولي.
تعتبر قضية الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية من القضايا المعقدة التي تتطلب حلاً دبلوماسياً شاملاً. تعتمد فرص نجاح أي حوار مستقبلي على استعداد جميع الأطراف المعنية لتقديم تنازلات والالتزام بتنفيذ الاتفاقات التي يتم التوصل إليها.
بالإضافة إلى الغواصات النووية، ناقش المسؤولون الأمريكيون والكوريون الجنوبيون أيضاً التعاون في مجالات أخرى مثل الأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب. يهدف هذا التعاون إلى تعزيز القدرات الدفاعية المشتركة للبلدين والتصدي للتحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة.
من المتوقع أن تشهد العلاقات بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة مزيداً من التعزيز في الفترة المقبلة، مع التركيز على تعزيز الردع الأمني والاستقرار الإقليمي. سيكون من المهم متابعة التقدم المحرز في المفاوضات بشأن الغواصات النووية، وكذلك الجهود المبذولة لإعادة إطلاق الحوار مع كوريا الشمالية.
في الختام، يمثل الاتفاق على السعي نحو اتفاق ثنائي بشأن الغواصات النووية تطوراً هاماً في السياسة الأمنية لكوريا الجنوبية. تبقى الخطوات التالية، بما في ذلك التفاوض على التفاصيل الفنية والقانونية، حاسمة لتحديد مدى نجاح هذا التعاون. كما أن مستقبل الحوار مع كوريا الشمالية لا يزال غير مؤكد، ويتوقف على عوامل متعددة.

