Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

ما وراء الاتصالات الإيرانية بالسعودية والإمارات حول اليمن؟ | الخليج أونلاين

يُنظر إلى الاتصالات الإيرانية الأخيرة باعتبارها جزءاً من محاولة لتقديم نفسها طرفاً داعماً للحل السياسي، في وقت تستمر فيه الاتهامات اليمنية والإقليمية لها بلعب دور مباشر في تعقيد الأزمة. شهدت الأيام الأخيرة حراكاً دبلوماسياً إيرانياً لافتاً تجاه ملف اليمن، تمثل في اتصالات هاتفية أجراها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع نظيريه السعودي فيصل بن فرحان والإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان. هذا التحرك يأتي في ظل تطورات متسارعة تتطلب قراءة متأنية للأبعاد السياسية والإقليمية.

تحركات إيرانية دبلوماسية في ظل أزمة اليمن

تأتي هذه الاتصالات في توقيت بالغ الحساسية، حيث يشهد اليمن، وخاصةً محافظتي حضرموت والمهرة، تصعيداً عسكرياً وسياسياً. كما تتزامن مع جهود إقليمية ودولية لإعادة إحياء عملية السلام، وتحديداً من خلال الوساطة السعودية الإماراتية. الهدف المعلن من هذه الاتصالات هو التعبير عن دعم إيران لحل الأزمة اليمنية، مع التركيز على الحوار اليمني-اليمني وضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه. لكن، في الواقع، يرى مراقبون أن هذه التحركات تهدف إلى إعادة تأهيل الدور الإيراني في المنطقة، وتقديم صورة مختلفة عن الدور الذي تتهمه به دول الخليج.

مضمون الاتصالات الإيرانية: التركيز على الحوار ووحدة اليمن

بحسب بيان وزارة الخارجية الإيرانية، ناقش وزير الخارجية عباس عراقجي مع نظيره السعودي العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية، مع إعطاء الأولوية للأوضاع في اليمن. تم التأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وتنفيذ ما يسمى بـ”خارطة الطريق السياسية”. وبالمثل، أكد عراقجي في اتصاله مع وزير الخارجية الإماراتي على أن الحل للأزمة اليمنية يكمن في الحوار الوطني، وهو طرح متكرر في الخطاب الإيراني الرسمي.

إضافة إلى ذلك، أجرى عراقجي اتصالاً مع عبد الواحد أبو راس، القائم بأعمال وزارة الخارجية في حكومة الحوثيين، حيث استمع إلى رواية حوثية للأحداث الجارية في جنوب اليمن. وقد أشاد أبو راس بالدعم الإيراني، بينما أكد عراقجي على أهمية الحوار اليمني-اليمني لتشكيل حكومة جامعة. هذا التركيز على الحوار، مع استمرار الدعم المقدم للحوثيين، يثير تساؤلات حول مدى جدية إيران في السعي إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.

خارطة الطريق السياسية: شرط أم مجرد خطاب؟

التركيز الإيراني على “خارطة الطريق السياسية” ليس جديداً، ولكنه يظل غامضاً من حيث آليات التنفيذ والأطراف المعنية. هذا الغموض يثير شكوكاً حول ما إذا كانت إيران تسعى حقاً إلى تطبيق هذه الخارطة، أم أنها تستخدمها كأداة للضغط السياسي وكسب الوقت. كما أن ربط أي تسوية في اليمن بالشروط السياسية والإنسانية، دون التطرق إلى دور إيران في دعم الحوثيين، يعتبر أمراً متناقضاً بالنسبة للعديد من الأطراف اليمنية والإقليمية.

تطورات جنوب اليمن وتداعياتها الإقليمية

تصعيد الوضع في حضرموت والمهرة، مع سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على منشآت النفط، أثار قلقاً إقليمياً ودولياً. وقد دعا وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان المجلس الانتقالي إلى الاستجابة لجهود الوساطة السعودية الإماراتية، بينما هدد المتحدث باسم التحالف العربي بالرد على أي تحركات عسكرية تخالف جهود التهدئة.

هذه التطورات المتسارعة، والتحركات السعودية والإماراتية لاحتواء الأزمة، تزامنت مع الاتصالات الإيرانية، مما يشير إلى محاولة من طهران للتفاعل مع المستجدات على الأرض، وربما استغلالها لتعزيز نفوذها في اليمن. الأزمة اليمنية تتطلب حلاً شاملاً يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويضمن الاستقرار والأمن في المنطقة.

هل تسعى إيران إلى لعب دور بناء في اليمن؟

يرى الباحث في الشأن الإيراني رامي النهدي أن الاتصالات الإيرانية بالسعودية والإمارات حول اليمن تأتي في لحظة سياسية حساسة، حيث تحاول طهران إعادة التموضع داخل المشهد الإقليمي. ويضيف أن هذا التحرك يعكس إدراكاً إيرانياً بأن التطورات في جنوب اليمن قد تفتح الباب أمام ترتيبات إقليمية جديدة لا تصب بالضرورة في مصلحتها.

النهدي يرى أن تركيز إيران على مفردات مثل “وحدة اليمن والحوار الوطني” يهدف إلى احتواء الضغوط المتزايدة التي تتهمها بتقويض الدولة اليمنية. كما أن التواصل المباشر مع الرياض وأبوظبي يعكس قلقاً إيرانياً من تقارب المواقف الخليجية حول ضرورة ضبط الوضع في جنوب اليمن.

وبالتالي، يمكن القول إن الدبلوماسية الإيرانية في اليمن، في الوقت الحالي، تمثل محاولة لإدارة المخاطر السياسية وتخفيف العزلة الدولية، أكثر من كونها تعبيراً عن تحول جوهري في مقاربتها للملف اليمني. الوضع في اليمن لا يزال معقداً للغاية، ويتطلب جهوداً مكثفة من جميع الأطراف المعنية لإيجاد حل سلمي ومستدام.

الخلاصة: مراقبة دقيقة للتحركات الإيرانية

في الختام، يمكن القول إن الاتصالات الإيرانية الأخيرة تمثل محاولة من طهران لتقديم نفسها كطرف داعم للحل السياسي في اليمن، في الوقت الذي لا تزال فيه الاتهامات الإقليمية والدولية بتورطها في تعقيد الأزمة قائمة. من الضروري مراقبة هذه التحركات الإيرانية عن كثب، وتقييم مدى جدية طهران في السعي إلى حل سلمي وشامل للأزمة اليمنية. يبقى الحوار اليمني-اليمني، بدعم إقليمي ودولي، هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والأمن في اليمن، ووضع حد للمعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *