ما نعرفه وما لا نعرفه عن البتكوين
قدّم بعض الاقتصاديّين توقّعاتهم حول عملة بتكوين، وإلى أين يمكن أن تصل في عام 2040، على الرغم من صعوبة التنبّؤ بذلك، نظرًا للتويرة السريعة للتغيّرات التكنولوجيّة، والعديد من العوامل الّتي يمكن أن تؤثّر على مستقبل الأسواق
مع تزايد الحديث حول عملة بتكوين وأسواق العملات المشفّرة، بدأ اقتصاديّون في جميع أنحاء العالم بالتحذير من الاستثمار في الأصول المشفّرة، نظرًا لإمكانيّة انهيار الأسواق في المستقبل القريب، تحت ادّعاء أنّ هذه الأسواق هي مجرّد فقّاعة ليس إلّا، في حين أنّ اقتصاديّين آخرين يعتقدون أنّ العملات المشفّرة، سوف تحدث ثورة في النظام الماليّ العالميّ
نورييل روبيني، أستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك، هو أحد أبرز الاقتصاديّين الّذين تحدّثوا بصوت عال عن بيتكوين. كان روبيني من أشدّ المنتقدين لعملة البيتكوين، ووصفها بأنّها “مخطّط بونزيّ” و “فقّاعة”. إنّه يعتقد أنّ بتكوين ليس لها قيمة جوهريّة، وأنّ سعرها يعتمد فقط على المضاربة، يجادل بأنّ البيتكوين والعملات المشفّرة الأخرى سوف تنهار في نهاية الأمر، ممّا يتسبّب في خسائر كبيرة للمستثمرين.
من ناحية أخرى، هناك اقتصاديّون مثل بول كروغمان، الاقتصاديّ الحائز على جائزة نوبل، والّذين هم أكثر تفاؤلًا بشأن مستقبل العملات المشفّرة. صرّح كروغمان أنّ العملات المشفّرة لديها القدرة على أن تصبح جزءًا مهمًّا من النظام الماليّ، ويمكن أن تقدّم مزايا مثل انخفاض تكاليف المعاملات وزيادة الشمول الماليّ.
الاقتصاديّ الآخر الّذي أعرب عن تفاؤله بشأن العملات المشفّرة هو كينيث روجوف، الأستاذ بجامعة هارفارد وكبير الاقتصاديّين السابق في صندوق النقد الدوليّ، إذ يعتقد روجوف أنّ العملات المشفّرة يمكن أن تصبح أداة أساسيّة للمدفوعات عبر الحدود، ويمكن أن تساعد على تقليل هيمنة الدولار الأمريكيّ كعملة احتياطيّة في العالم. ومع ذلك، حتّى بين أولئك المتفائلين بشأن العملات المشفّرة، هناك اعتراف بأنّها لا تخلو من المخاطر، وأحد أكبر المخاوف هو إمكانيّة استخدام العملات المشفّرة في أنشطة غير قانونيّة مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وهناك أيضًا مخاوف بشأن الافتقار إلى التنظيم والرقابة، ممّا قد يجعل العملات المشفّرة عرضة للتلاعب والاحتيال.
وقدّم بعض الاقتصاديّين توقّعاتهم حول عملة بتكوين، وإلى أين يمكن أن تصل في عام 2040، على الرغم من صعوبة التنبّؤ بذلك، نظرًا للتويرة السريعة للتغيّرات التكنولوجيّة، والعديد من العوامل الّتي يمكن أن تؤثّر على مستقبل الأسواق.
ووفقًا لتقرير صادر عن Citibank، يمكن أن تصل عملة إلى 318000 دولار في عام 2021. وقد استند هذا التنبّؤ إلى الاعتقاد بأنّ Bitcoin يمكن أن تصبح عملة عالميّة، وتحلّ محلّ الذهب كمخزن للقيمة. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ السعر الفعليّ لعملة البيتكوين في نهاية عام 2021 كان أقلّ بكثير من هذا التوقّع.
وقدّم اقتصاديّون آخرون تنبّؤات أكثر تحفّظًا. على سبيل المثال، أشار تقرير صادر عن J.P. Morgan إلى أنّ سعر بتكوين طويل الأجل قد يصل إلى 146000 دولار، ولكن فقط إذا أصبح مقبولًا على نطاق واسع وأقلّ تقلّبًا. وبالمثل، توقّع تقرير صادر عن دويتشه بنك أن يصل سعر البيتكوين إلى 318 ألف دولار بحلول عام 2030، لكنّه حذّر من أنّ سوق العملات المشفّرة تتّسم بدرجة عالية من المضاربة والتقلّب، ويمكن أن تنخفض الأسعار إلى حدّ بعيد.
وتجدر الإشارة إلى أنّ التنبّؤ بمستقبل العملات المشفّرة يمثّل تحدّيًا، نظرًا للعديد من العوامل الّتي قد تؤثّر على قيمتها. وتشمل هذه التطوّرات التقنيّة، والتغيّرات في التنظيم، وأحداث الاقتصاد الكلّيّ مثل فترات الركود والتضخّم.
وبتكوين هي عملة رقميّة لامركزيّة أصبحت معروفة على نحو واسع في السنوات الأخيرة. تمّ إنشاؤه في عام 2009 من قبل شخص أو مجموعة غير معروفة باستخدام الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو. وكان إنشاء بتكوين حدثًا ثوريًّا في تاريخ التمويل والاقتصاد، حيث كانت أوّل عملة رقميّة لا تعتمد على سلطة مركزيّة.
ويمكن إرجاع نشأة بتكوين إلى التسعينيّات عندما تمّ اقتراح فكرة إنشاء عملات رقميّة لأوّل مرّة. ومع ذلك، لم يبدأ مفهوم بتكوين في التبلور حتّى عام 2008. في ذلك العام، نشر ساتوشي ناكاموتو ورقة بعنوان “بيتكوين: نظام نقديّ إلكترونيّ من نظير إلى نظير”. حدّدت الورقة التفاصيل الفنّيّة لكيفيّة عمل Bitcoin، وكيف ستحلّ بعض المشكلات المرتبطة بالعملات التقليديّة.
وكان الابتكار الرئيسيّ في بتكوين هو استخدام دفتر أستاذ لامركزيّ يسمّى بلوكشين، وهو دفتر رقميّ يسجّل جميع معاملات بتكوين بصورة آمنة وشفّافة. ويتمّ الحفاظ على بلوكشين من قبل شبكة من المستخدمين، ولكلّ مستخدم نسخة من دفتر الأستاذ. هذا يعني أنّه لا توجد سلطة مركزيّة تتحكّم في العملة، وللمستخدمين كلّهم رأي متساو في كيفيّة إدارتها.
وكانت إحدى المشكلات الرئيسيّة الّتي تمّ تصميم بتكوين لحلّها هي مشكلة الإنفاق المزدوج. ويحدث الإنفاق المزدوج عندما يتمّ إنفاق عملة رقميّة أكثر من مرّة، وهو ما يمكن أن يحدث عندما تكون سلطة مركزيّة مسؤولة عن التحقّق من المعاملات، إذ تحلّ بتكوين هذه المشكلة باستخدام شبكة لامركزيّة من المستخدمين للتحقّق من المعاملات، ممّا يضمن أنّ كلّ معاملة صحيحة وفريدة من نوعها.
وكان أحد الابتكارات الرئيسيّة الأخرى للبيتكوين هو استخدام التشفير لضمان أمان العملة، إذ يتمّ تأمين كلّ معاملة بتكوين باستخدام خوارزميّات رياضيّة معقّدة، ممّا يجعل من المستحيل تقريبًا التزوير أو السرقة.
المصدر: عرب 48