واقع الثقافة لا يسرُّ حبيباً
وأكد مدير مركز (إثراء) عبدالله الراشد، أن العولمة أبرز ما تواجهه الثقافة في العالم العربي، موضحاً أن العولمة أدت إلى تفكيك المشهد الثقافي، ووضعت جاذبية الثقافة في تحدٍّ مع نفسها كونها القادرة على تقديم صناعات ثقافية واعدة، ودعا الراشد إلى صناعة محتوى ثقافي نوعي عبر المؤسسات والمراكز الثقافية لخلق مواكبة متناغمة مع التسارع الإلكتروني. وأوضح الراشد أن تقديم أهداف طويلة الأمد يسارع في بث التكيف والمرونة داخل المؤسسات الثقافية كما هو في رسالة وأهداف «إثراء»، مضيفاً أن المركز يعمل منذ ثلاثة أعوام على إنتاج محتوى عربي عبر منصاته ليكون مواكباً للتقنيات المتقدمة ومحاكاة الواقع المعزز والممتد، وأبان أنه من منطلق دور المركز المتمثل في نشر الثقافة وإنتاج المحتوى، فإنه يسير نحو ثبات الهدف والمرونة في الآليات سواء في مسرح إثراء أو في مكتبته التي تستقبل أكثر من نصف مليون زائر سنوياً أو عبر المعارض الفنية التي تقام طيلة العام، مستعرضاً أهمية ما تنتجه المؤسسات الثقافية من حيث التنوع والجودة والمحتوى، لاسيما أن صناعة التأثير وترك الأثر هو أمر مقرون بدور المؤسسات الثقافية الواعية بدورها، بما يحقق النماء المجتمعي ويحمي الإرث الثقافي.
فيما عد ممثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) الدكتور عبدالفتاح الحجمري الأميّة إحدى مسببات تذبذب النمو الثقافي، ما يُحتّم على المختصين التفكير للعمل على مشاريع ذات جدوى ثقافية، وتناول تحديات عدة منها الكتابة والنشر، لافتاً إلى أنهما ما زالا يشهدان تباطؤاً في الانتشار بين الدول، مشيراً إلى أن الترجمة ما زالت بحاجة لمعرفة ما يصدر ويُنشر في خارج الحدود، كون عُشر ما يصدر في العالم العربي من مصنّفات أدبية لم تتم ترجمته، في حين أن دولة البرازيل تفوق كافة الدول العربية في الترجمة، مؤكداً أهمية الدور التنويري، وتمكين الفرد، وإشباعه من الناحية الثقافية، وصولاً إلى ما يسمى بالعمران الثقافي القائم على إنشاء معارض فنّية وفتح أسواق عالمية للمنتجات الثقافية. وشدد على أن التربية على القيم الثقافية والاعتناء بها من شأنه أن يكون وعاء ناقلاً لشتى مصنفات الأدب إزاء تثقيف الأفراد والمجتمعات في الدول العربية.
وتناولت المدير التنفيذي لمؤسسة عبدالحميد شومان، فالنتينا قسيسيه، تراجع النظر للثقافة وعدم اعتبارها أولوية شأنها قبل عقود، لافتة إلى أن واقعها لا يسرُّ حبيباً، في ظل تراجع الترجمات، وتضاؤل النشر، وصعوبة الوصول للمتلقي، وفي ظل تزايد الكتب التي أسهمت في انكماش المشهد الثقافي. وأكدت أن الثقافة حق للجميع، مشيرةً إلى خطورة الاستهلاك الثقافي خصوصاً إلكترونياً دون الالتفات للمحتوى، داعيةً لتعزيز الهوية الوطنية بالثقافة الناصعة والحرة، وصقل مهارات الأفكار سواء في بناء المعرفة أو فهم الأنشطة المتاحة سواء كانت في الأدب، المسرح، الموسيقى، والفن.
أسهم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) في معرض الشرقية للكتاب، بأكثر من 140 فعالية متنوعة للكبار والصغار. وتتضمن فعاليات البرنامج الثقافي جلسات حوارية، وورش عمل، وشاشات تفاعلية، وتقنيات الواقع المعزز، وعروضاً أدائية للأطفال واليافعين، وتجارب عائلية تفاعلية جذابة، وشارك في البرنامج ما يقارب 230 متحدثاً، وأخذ (إثراء) زوّار المعرض في رحلة ثقافية بين الأدب والفنون، إلى جانب تخصيص جناح إثراء الذي سيكون وجهة ثريّة وملهمة لكافة الزوّار من جميع الأعمار، وتفاعل الحضور مع الجلسات الحوارية، وورش العمل والشاشات التفاعلية وتقنيات الواقع المعزز إلى جانب عروض أدائية للأطفال واليافعين وتجارب عائلية تفاعلية جذابة، وحضرت القصيدة العربية من خلال 5 أمسيات شعرية، فيما شملت الندوات الحوارية أكثر من 30 قضية ثقافية، وأشركت 25 ورشة عمل الجمهور في الرأي والمقترحات لتقديم ثقافة جاذبة، وعُقدت 5 جلسات نقاشية مع كتّاب وأدباء حازوا على جوائز عدة في حقول أدبية مختلفة، وقدم البرنامج حفلة غنائية تنص كلماتها على محبة الكتب لمحمد وراما رباط، وأطلق البرنامج مؤتمر أدب الطفل، الذي ناقش قضايا أدب الطفل من وجهات نظر مختلفة لأبرز الاختصاصيين من مختلف أنحاء العالم.
وأوضح مدير مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) عبدالله بن خالد الراشد لـ«» أن المركز يحرص على تفعيل الشراكات الإستراتيجية مع الجهات ذات العلاقة في تعزيز الحراك الثقافي في المملكة، لافتاً لأهمية الشراكة مع هيئة الأدب والنشر والترجمة في معرض الشرقية للكتاب من منطلق حرص مركز إثراء على تعزيز هذه الشراكات التي تنهض بالقطاع الثقافي في المملكة وتسهم في إثراء المشهد الثقافي عبر سلسلة من البرامج وحلقات النقاش المثرية، وعدّ الشراكة امتداداً لدور المركز وجهوده على مدار العام في تطوير المواهب وتمكين صناعة المحتوى في المملكة».
يذكر أن أسماء عربية أسهمت في الندوات، منها الناقد المغربي عبدالفتاح الحجمري، والكاتبة المصرية ميرال الطحاوي، والكاتب الأردني إبراهيم نصر الله، والكاتبة المصرية منصورة عزالدين، إلى جانب الفائزة بجائزة «المان بوكر» الكاتبة الهندية جينانجالي شري، والفائزة بجائزة نجيب محفوظ 2022 الروائية المصرية فاطمة قنديل.