Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

إنذار ترامب وتلويح إسرائيل والمهمّة المستحيلة

اللافت في ما وُصِف بالإنذار الأخير الّذي وجّهه ترامب لحماس، والممهور بختم إسرائيليّ، أنّ الرئيس الأميركيّ حتّى اختار التحيّة العبريّة، "شالوم حماس" ليفتتح بها رسالة التهديد نشرها على إحدى منصّات التواصل الاجتماعيّ، تاركًا لها الاختيار بين معنيي "مرحبًا" أو "مع السلامة"، ارتباطًا بالاستجابة أو بعدم الاستجابة لإنذاره بتحرير جميع الرهائن الأحياء والأموات دون شروط.

ترامب الّذي نسي أنّ مبعوثه يدير في تلك الساعات مفاوضات مع حماس في الدوحة، لإطلاق سراح الرهائن الأميركيّين، تناسى أيضًا أنّ إسرائيل ممثّلة برئيس حكومتها تحديدًا قد نقضت بفظاظة اتّفاق تبادل الأسرى الّذي أبرم بوساطة ورعاية أميركيّة، والّذي وضع كامل ثقله الشخصيّ لإنجازه، وذلك كرمى لعيني نتنياهو الّذي يريد التملّص من استحقاقات المرحلة الثانية، الّتي تنصّ على وقف الحرب والانسحاب من غزّة، لأنّه يتعارض مع مصلحته بالبقاء في السلطة.

العدالة نشيد الضعفاء ونحن في عصر القوّة وما فعله ترامب أنّه مزّق الطبقة الرقيقة من غشاء التنور والأخلاق الّتي كانت تلفّ السياسة الأميركيّة، وثبّت مبدأ سيادة القوّة، بلسان محرّر "هآرتس" ألوف بن، الّذي أشار في هذا السياق إلى قيام الإدارة الأميركيّة الجديدة بتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ تابعة للدول العظمى، وكلّ من يقف أمام هذا الخيار يتمّ دهسه كما جرى مع المتعوس زيلنسكي.

ضمن هذا الفهم يبدو أنّ العرب لم يرتقوا إلى الحجم الّذي يمكن أن تؤخذ فيه مصالهم وقرارات قممهم بعين الاعتبار، وإلّا لمّا كان ترامب قد تجرّأ على إطلاق تهديده ذاك قبل أن يجفّ حبر قرارات قمّة القاهرة، والّذي يؤكّد أنّ أميركا ما زالت، سابقًا ولاحقًا، ترى في إسرائيل شرطيّ المنطقة وسيّدها، كونها الدولة الأقوى في المنطقة الواقعة بين بنغلادش ومرّاكش، بتعبير إيهود براك، وهو توجّه يتعزّز ويتحوّل إلى سياسة أكثر عنفًا وغلاظة في التعامل مع أعدائها العرب من فلسطينيّين ولبنانيّين وسوريّين وغيرهم ممّن يتجرّؤون على تحدّي هيمنتها.

الخبير في الشؤون الأمنيّة يوسي ميلمان، الّذي انتقد قيام حكومة نتنياهو بنقض اتّفاق تبادل الأسرى الموقّع مع حماس برعاية أميركيّة- مصريّة- قطريّة، أشار إلى تاريخ إسرائيليّ في نقض الاتّفاقيّات والتصعيد والاستفزاز يمتدّ لعشرات السنين، حيث قامت حكومة بن غوريون في الخمسينيّات بانتهاج سياسة تصعيد ردًّا على عمليّات الفدائيّين الّتي انطلقت من غزّة والأردنّ وسورية، بهدف إحداث ردّ متسلسل يفضي إلى حرب وهو ما قاد فعلًا إلى حرب سيناء 1956.

كذلك يشير ميلمان إلى قيام حكومة غولدا مئير خلال حرب أكتوبر 73 بنقض اتّفاق وقف إطلاق النار مع مصر في سيناء، بغرض تحسين مواقف ومكتسبات، الأمر الّذي تسبّب بمقتل 80 جنديًّا إسرائيليًّا وجرح 120 آخرين، وخلال حرب لبنان الثانية 2006 قرّر رئيس الحكومة أولمرت، وزير الأمن عمير بيرتس وقائد الأركان دان حلوتس مواصلة القتال في "وادي سلوكي" رغم صدور قرار مجلس الأمن 1701 الّذي دعا لوقف إطلاق النار، وذلك بهدف الحصول على صورة نصر وتحسين مواقع الجيش الإسرائيليّ الأمر الّذي أسفر عن قتل 12 جنديًّا وجرح العشرات.

والحال كذلك فإنّ نتنياهو لم يشذّ عن القاعدة الإسرائيليّة في خرق الاتّفاقيّات ونقض المعاهدات والحنث بالوعود، خاصّة وهو يحظى بدعم كامل من ترامب وإدارته الصهيونيّة الّتي لا تكترث هي نفسها لمثل هذه الأمور، ولا تقيم وزنًا لأيّة اتّفاقيّات ومواثيق عندما يتعلّق الموضوع بمصلحتها ومصلحة إسرائيل، حتّى إنّها تعطي للأخيرة تفويضًا كاملًا لتفصيل ما تراه مناسبًا لتلبسه لرجالاتها خدمة لهذه المصالح، وقد رأينا كيف يقوم نتنياهو فجأة بالإعلان عن "مسار ويتكوف" لتمديد المرحلة الأولى، دون أن ينبس الأخير ببنت شفة، هذا ناهيك ضبط زياراته للمنطقة وفق حاجات إسرائيل وأغراض نتنياهو التفاوضيّة.

لكن بالرغم من كلّ هذه التهديدات والإجراءات والتلويح باستئناف الحرب يبقى السؤال الّذي يحوم في رأس نتنياهو ورؤوس قادته العسكريّين، ماذا تستطيع إسرائيل أن تفعل في غزّة أكثر ممّا فعلته خلال 15 شهرًا من حرب الإبادة، والّتي أثبتت بالملموس أنّ القضاء على حماس واستعادة الرهائن بالقوّة العسكريّة هي مهمّة مستحيلة.

المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *