آلام الظهر.. خرافات شائعة وحقائق طبية أساسية

آلام الظهر هي شكوى شائعة تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم. غالبًا ما تحيط بهذه الآلام العديد من المفاهيم الخاطئة التي قد تؤدي إلى تأخير العلاج أو اتبّاع طرق غير فعّالة. في هذا المقال، سنستعرض أبرز الحقائق حول آلام الظهر، استنادًا إلى ما كشفته الدكتورة ميجان مورفي من “مايو كلينك”، بالإضافة إلى نصائح للحفاظ على صحة الظهر وتجنب تفاقم المشكلة. فهم الأسباب الحقيقية وطرق التعامل الصحيحة مع آلام الظهر هو الخطوة الأولى نحو التعافي والوقاية.
أسباب آلام الظهر: ما الذي تعتقد أنه صحيح ولكنه ليس كذلك؟
الكثيرون يلقون باللوم على رفع الأثقال كسبب رئيسي في آلام الظهر. بينما يعتبر هذا العامل أحد الأسباب المحتملة، إلا أنه ليس السبب الوحيد، وغالبًا ليس الأكثر تأثيرًا. تشير الأبحاث، بما في ذلك ما ورد في “ساينس ديلي”، إلى أن العوامل الأخرى تلعب دورًا أكبر بكثير. من بين هذه العوامل: قلة النشاط البدني، وضعية الجسم السيئة، زيادة الوزن، والاستعداد الوراثي. الجلوس لفترات طويلة، وعدم ممارسة الرياضة، والسمنة، كلها عوامل تزيد من الضغط على العمود الفقري والأعصاب المحيطة به.
هل الوراثة تلعب دورًا في آلام الظهر؟
نعم، تلعب الوراثة دورًا بالتأكيد. فإذا كان لدى أفراد عائلتك تاريخ من مشاكل الظهر مثل الانزلاق الغضروفي أو التهاب المفاصل، فقد تكون أكثر عرضة للإصابة بهذه المشاكل. لكن هذا لا يعني أنك محكوم عليه بتعاني من آلام الظهر، بل يعني أنك بحاجة إلى اتخاذ احتياطات إضافية والاهتمام بصحة ظهرك بشكل خاص.
الراحة التامة ليست دائمًا الحل
يعتقد البعض أن الحل الأمثل للتخلص من آلام الظهر هو الراحة التامة في الفراش. على العكس تمامًا، أكدت الدكتورة مورفي أن الراحة التامة قد تكون ضارة. فالاستمرار في الاستلقاء لفترة طويلة يمكن أن يضعف عضلات الظهر ويزيد من الألم على المدى الطويل. بدلاً من ذلك، يُفضل النشاط الخفيف والمُعتدل، مثل المشي أو السباحة، فهذه التمارين تساعد على تحسين الدورة الدموية وتقوية العضلات وتخفيف الألم.
مفاهيم خاطئة شائعة حول آلام الظهر
هناك العديد من المفاهيم الخاطئة المنتشرة حول آلام الظهر. أحد هذه المفاهيم هو الاعتقاد بأن الجلوس على محفظة سميكة يسبب ألمًا في الظهر مباشرةً. في الواقع، الجلوس على محفظة سميكة يؤدي إلى إجهاد وتهيج في عصب الورك، مما يسبب ألمًا في الورك أو الساق، وليس في الظهر بشكل مباشر.
هل آلام الظهر دائمًا علامة على مشكلة خطيرة؟
لحسن الحظ، الإجابة هي لا. في حوالي 90٪ من الحالات، تتحسن آلام الظهر بشكل كبير خلال بضعة أسابيع مع اتباع العلاجات المناسبة. ومع ذلك، من المهم استشارة الطبيب إذا كان الألم شديدًا، أو استمر لفترة طويلة، أو كان مصحوبًا بأعراض أخرى مثل ضعف في الساقين، أو فقدان السيطرة على الأمعاء أو المثانة، أو حمى. هذه الأعراض قد تشير إلى وجود مشكلة طبية أكثر خطورة تحتاج إلى تدخل فوري.
أهمية الرياضة والوقاية من آلام الظهر
تعتبر الرياضة والتمارين الرياضية من أهم الوسائل الفعالة في علاج آلام الظهر والوقاية منها. تقوية العضلات الأساسية، وخاصة عضلات البطن والظهر، تساعد على دعم العمود الفقري وتقليل الضغط عليه. يجب تعديل شدة التمارين حسب مستوى الألم. يمكن البدء بتمارين بسيطة مثل تمارين الإطالة وتمارين تقوية عضلات البطن والظهر باستخدام وزن الجسم، ثم زيادة الشدة تدريجيًا مع تحسن الحالة.
متى يجب اللجوء إلى العلاج الجراحي؟
غالبًا ما يُنظر إلى الجراحة على أنها الحل الوحيد لآلام الظهر المزمنة. لكن الحقيقة هي أن معظم الحالات تتحسن بشكل كبير مع العلاجات غير الجراحية، مثل العلاج الطبيعي، والأدوية المسكنة للألم، والوخز بالإبر. تُعتبر الجراحة خيارًا أخيرًا يُلجأ إليه فقط في الحالات الشديدة التي لم تستجب للعلاجات الأخرى، وفي حالة وجود مشكلة هيكلية خطيرة في العمود الفقري.
نصائح إضافية للحفاظ على صحة الظهر
بالإضافة إلى التمارين الرياضية، هناك العديد من النصائح الأخرى التي يمكن أن تساعد في الحفاظ على صحة الظهر وتجنب آلام الظهر:
- التحكم في الوزن: فقدان الوزن الزائد يقلل من الضغط على العمود الفقري.
- الجلوس بوضعية صحيحة: تأكد من أن ظهرك مستقيم ومستند على الكرسي، وأن قدميك مستويتان على الأرض.
- الوقوف بوضعية صحيحة: حافظ على استقامة ظهرك ورأسك مرفوعًا، ووزّع وزنك بالتساوي على كلا القدمين.
- اختيار مرتبة مناسبة: لا توجد مرتبة “مثالية” تناسب الجميع. الأفضل هو اختيار مرتبة توفر توازنًا بين الدعم والراحة، وتناسب وضعية نومك المفضلة.
- تجنب الانحناء الطويل: تجنب الجلوس أو الوقوف في وضعية انحناء لفترات أطول، خاصةً أمام الشاشات. خذ فترات راحة قصيرة لتمتد و تحرك.
في الختام، آلام الظهر ليست قدرًا محتومًا. من خلال فهم الأسباب الحقيقية، وتجنب المفاهيم الخاطئة، واتباع النصائح الوقائية، يمكنك الحفاظ على صحة ظهرك والاستمتاع بحياة أكثر نشاطًا وصحة. تذكر دائمًا استشارة الطبيب لتشخيص حالتك وتحديد العلاج المناسب. هل لديك أي أسئلة أخرى حول صحة الظهر؟ لا تتردد في طرحها!

