بنك اليابان يرفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى في ثلاثة عقود

رفع بنك اليابان، يوم الجمعة، سعر الفائدة الرئيسي للمرة الأولى منذ حوالي 20 عامًا، بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 0.75%. يأتي هذا القرار في ظل تزايد ثقة البنك بقدرته على تحقيق هدف التضخم المستقر الذي طالما سعى إليه، بعد سنوات من السياسات النقدية المترددة. تعتبر هذه الخطوة بمثابة تحول كبير في السياسة النقدية لليابان، والتي ظلت منخفضة للغاية لفترة طويلة.
وقد أعلن مجلس السياسات في بنك اليابان، برئاسة كازو أويدا، عن هذا القرار بالإجماع. ويعكس هذا التوافق في الآراء قناعة متزايدة داخل البنك بأن الظروف الاقتصادية تسمح الآن باتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة التضخم. يأتي هذا الإجراء أيضًا بعد فترة طويلة من الضغوط الخارجية لرفع أسعار الفائدة في اليابان، خاصة من الولايات المتحدة.
تطورات ملحوظة في سياسة رفع سعر الفائدة
يشير رفع سعر الفائدة إلى تحول كبير في موقف بنك اليابان، الذي كان في السابق مترددًا في تشديد السياسة النقدية خوفًا من إعاقة النمو الاقتصادي. ولكن مع استقرار التضخم حول 3%، واستمرار زخم نمو الأجور، يبدو أن البنك أصبح أكثر استعدادًا لتحمل هذا المخاطر. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة اعتراف بالتقدم الذي أحرزته اليابان في مكافحة الانكماش المزمن.
ويأتي هذا القرار في أعقاب بيانات اقتصادية قوية أظهرت مرونة الاقتصاد الياباني في مواجهة التحديات العالمية. تشير التقارير إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لم يكن لها تأثير كبير على الصادرات اليابانية، بل على العكس، شهدت الصادرات زيادة مدعومة بالطلب من الولايات المتحدة.
تأثيرات القرار على الين والأسواق
على الفور، انخفض سعر صرف الين الياباني مقابل الدولار الأمريكي، حيث تداول قرب مستوى 156 يناً للدولار الواحد. يعكس هذا الانخفاض حقيقة أن رفع سعر الفائدة كان متوقعًا على نطاق واسع من قبل الأسواق المالية. فقد توقع جميع الاقتصاديين الخمسين الذين شملهم استطلاع “بلومبرغ” هذه الخطوة.
ومع ذلك، يشير الانخفاض المحدود في قيمة الين إلى أن المستثمرين قد استوعبوا بالفعل تأثير القرار. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى اليابان، مما قد يدعم قيمة الين على المدى الطويل. يشهد الين ضغوطًا كبيرة خلال الأشهر الماضية بسبب الفروقات في السياسة النقدية بين اليابان والدول الأخرى.
استمرار الضغوط التضخمية ودعم الحكومة
أكد محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، أن البنك يعتزم مواصلة رفع تكاليف الاقتراض إذا استمرت التوقعات الاقتصادية في التحسن. ويعكس هذا التصريح إصرار البنك على تحقيق هدف التضخم المستقر، حتى لو كان ذلك يعني التضحية ببعض النمو الاقتصادي على المدى القصير.
على الرغم من أن صعود ساناي تاكايشي، المعروفة بتفضيلها لسياسات التيسير النقدي، إلى منصب رئيس الوزراء في أكتوبر الماضي أثار بعض الشكوك حول مدى استعداد البنك لمواصلة رفع أسعار الفائدة، إلا أن التكاليف السياسية لاستمرار الضغوط التضخمية وضعف الين ساعدت في ضمان عدم تدخل الحكومة لعرقلة هذه الخطوة. وتعتبر استقلالية بنك اليابان أمرًا بالغ الأهمية لنجاح سياسته النقدية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد حددت نقابات العمال أهدافها قبل مفاوضات الأجور السنوية بمستويات مماثلة لتلك التي كانت عليها العام الماضي، عندما أسفرت المفاوضات عن زيادات تاريخية في الأجور. يشير ذلك إلى استمرار زخم نمو الأجور، وهو ما يدعم قرار البنك برفع سعر الفائدة. تعتبر زيادة الأجور أمرًا ضروريًا لتحقيق هدف التضخم المستقر.
من المقرر أن يقدم أويدا شرحًا أكثر تفصيلاً لقرار السياسة النقدية ومسار أسعار الفائدة المستقبلي خلال مؤتمر صحفي يُعقد عادةً الساعة 3:30 بعد الظهر. من المتوقع أن يركز المؤتمر على التحديات والفرص التي تواجه الاقتصاد الياباني في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى التوقعات بشأن التضخم والنمو الاقتصادي. (السياسة النقدية، الأجور، التضخم).
في الختام، يمثل قرار بنك اليابان رفع سعر الفائدة خطوة مهمة نحو تطبيع السياسة النقدية في البلاد. ومن المتوقع أن يستمر البنك في مراقبة التطورات الاقتصادية عن كثب، وأن يتخذ المزيد من الإجراءات إذا لزم الأمر. سيكون التركيز على بيانات التضخم القادمة ومفاوضات الأجور السنوية لتقييم مدى تأثير هذا القرار على الاقتصاد الياباني.

