الكثير منا يمر بتجربة ارتفاع درجة حرارة الجسم والشعور بالقشعريرة أثناء النوم، وغالبًا ما ننسب ذلك إلى الإرهاق أو تقلبات الطقس. لكن تجاهل هذه الأعراض قد يكون خطيرًا، إذ يمكن أن تكون مؤشرًا على وجود مشكلة صحية أعمق. في هذا المقال، سنتناول الأسباب المحتملة لـ ارتفاع درجة الحرارة ليلاً، وكيف يمكن التفريق بين الأعراض الطبيعية وتلك التي تستدعي استشارة طبية. فهم هذه الأسباب يساعدنا على اتخاذ خطوات وقائية وعلاجية مبكرة.
ما الذي يسبب ارتفاع درجة الحرارة أثناء الليل؟
ارتفاع درجة الحرارة ليلاً ليس مجرد شعور مزعج، بل هو استجابة الجسم لمحاولة مكافحة شيء ما. يمكن أن تتراوح الأسباب بين بسيطة وقابلة للعلاج المنزلي، إلى حالات طبية خطيرة تتطلب تدخلًا متخصصًا. من المهم عدم الاستهانة بهذه الأعراض المتكررة أو الشديدة.
السرطانات وأثرها على حرارة الجسم
قد يبدو الأمر مفاجئًا، لكن بعض أنواع السرطانات يمكن أن تسبب التعرق الليلي وارتفاع درجة الحرارة ليلاً. الأورام الصلبة، مثل سرطان البروستاتا والكلى، بالإضافة إلى بعض أورام المبايض والخصيتين، تحفز الجسم على التعرق كرد فعل على تطور المرض.
وينطبق الأمر نفسه على بعض سرطانات الغدة الدرقية والبنكرياس. كما أن متلازمة الكارسينويد، وهي حالة نادرة تنتج عن أورام في الجهاز الهضمي أو الرئتين، تؤدي إلى اضطراب في تنظيم حرارة الجسم، مما يتسبب في ارتفاعها ليلاً والشعور بالقشعريرة.
فرط نشاط الغدة الدرقية: محرك حرارة الجسم
يعتبر فرط نشاط الغدة الدرقية من الأسباب الشائعة لـ ارتفاع درجة الحرارة ليلاً. تسارع الأيض الناتج عن هذه الحالة يؤدي إلى زيادة إنتاج الحرارة في الجسم، مما يسبب الشعور بالحرارة والقشعريرة في آن واحد.
بالإضافة إلى ذلك، قد يصاحب فرط نشاط الغدة الدرقية أعراض أخرى مثل التعب المستمر، وزيادة ضربات القلب، والرعشة في اليدين، وفقدان الوزن غير المبرر. لذا، إذا كنت تعاني من هذه الأعراض مجتمعة، فمن الضروري إجراء فحص للغدة الدرقية.
انقطاع التنفس أثناء النوم: أكثر من مجرد شخير
انقطاع التنفس أثناء النوم هو اضطراب يؤدي إلى توقف التنفس بشكل متكرر أثناء النوم. هذا التوقف يسبب إطلاق استجابة فسيولوجية تشبه “القتال أو الهروب”، مما يجعل الجسم يبذل جهدًا إضافيًا لاستعادة التنفس الطبيعي.
هذا الجهد الزائد يمكن أن يؤدي إلى التعرق الليلي وتغيرات في درجة حرارة الجسم. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يستخدمون أجهزة تنظيم التنفس يعانون من التعرق الليلي بنفس معدل المصابين بانقطاع النفس النومي.
تقلبات السكر في الدم: تأثير على حرارة الجسم
يمكن أن يؤدي انخفاض نسبة السكر في الدم بشكل مفاجئ أثناء الليل إلى تغيرات في درجة حرارة الجسم والشعور بالقشعريرة. يحدث هذا غالبًا نتيجة لمجهود بدني كبير قبل النوم أو تناول وجبات خفيفة قبل النوم بفترة قصيرة.
الحفاظ على مستويات سكر الدم مستقرة من خلال اتباع نظام غذائي صحي وتجنب المجهود الشاق قبل النوم يمكن أن يساعد في منع هذه الأعراض. ارتفاع درجة الحرارة ليلاً قد يكون علامة تحذيرية لمرضى السكري أو الأشخاص المعرضين لخطر انخفاض السكر في الدم.
أسباب أخرى محتملة
بالإضافة إلى الأسباب المذكورة أعلاه، هناك عوامل أخرى يمكن أن تساهم في ارتفاع درجة الحرارة ليلاً، مثل:
- الالتهابات: حتى الالتهابات البسيطة مثل نزلات البرد أو الأنفلونزا يمكن أن تسبب ارتفاعًا في درجة الحرارة.
- الأدوية: بعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب ومضادات الهيستامين، يمكن أن يكون لها آثار جانبية تشمل التعرق الليلي.
- القلق والتوتر: يمكن أن يؤدي القلق والتوتر إلى إطلاق هرمونات التوتر، مما قد يسبب ارتفاعًا في درجة الحرارة.
- تغيرات هرمونية: خاصة عند النساء خلال فترة انقطاع الطمث.
متى يجب عليك استشارة الطبيب؟
على الرغم من أن ارتفاع درجة الحرارة ليلاً قد يكون ناتجًا عن أسباب غير مقلقة، إلا أنه من المهم استشارة الطبيب إذا:
- تكررت الأعراض بشكل مستمر.
- كانت الأعراض مصحوبة بأعراض أخرى مقلقة، مثل فقدان الوزن غير المبرر، أو التعب الشديد، أو آلام في العضلات أو المفاصل.
- كنت تعاني من حالات طبية مزمنة، مثل السكري أو أمراض القلب أو السرطان.
- كنت تتناول أدوية قد تسبب التعرق الليلي كأثر جانبي.
الخلاصة
ارتفاع درجة الحرارة ليلاً هو عرض يمكن أن يشير إلى مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية. من خلال فهم الأسباب المحتملة لهذه الأعراض، يمكنك اتخاذ خطوات وقائية وعلاجية مبكرة. لا تتردد في استشارة الطبيب إذا كنت قلقًا بشأن الأعراض التي تعاني منها، أو إذا كانت مصحوبة بأعراض أخرى مقلقة. الصحة هي أغلى ما نملك، والوقاية خير من العلاج.
كلمات مفتاحية ثانوية: تعرق ليلي، الغدة الدرقية، انقطاع التنفس.
