ماذا يحدث لجسمك والكلي عند تناول مياه “القِلّة” يوميًا؟

في خضم التطورات الحديثة في مجال تنقية المياه، وتوفر الزجاجات البلاستيكية بأنواعها، لا يزال وعاء الفخار التقليدي، أو ما يعرف بـ “القلة”، يحتل مكانة خاصة في المنازل المصرية. لم تعد القلة مجرد رمز للتراث والأصالة، بل عادت لتُلقي الضوء على فوائدها الصحية الفريدة، التي قد تفوق بكثير ما يقدمه الماء المبرد صناعياً أو المُعبأ في البلاستيك. فالعودة إلى القلة ليست مجرد حنين للماضي، بل هي خيار واعٍ لصحة أفضل.
لماذا تعود القلة إلى الواجهة؟ فوائد صحية تتجاوز التبريد
الاهتمام المتزايد بالصحة والبحث عن بدائل طبيعية وآمنة، دفع الكثيرين لإعادة اكتشاف القلة وتقدير ما تقدمه. فبعيداً عن شكلها الجميل وارتباطها بالثقافة المصرية، تتميز القلة بقدرتها الطبيعية على تبريد وتنقية المياه، مما يجعلها خياراً مثالياً للحفاظ على رطوبة الجسم والاستفادة من مياه ذات جودة عالية. خبير التغذية معتز القيعي يوضح لنا أهم هذه الفوائد التي تعود على الجسم عند شرب مياه القلة يومياً.
التبريد الطبيعي للمياه مع الحفاظ على المعادن
أحد أهم مميزات القلة هو قدرتها على تبريد المياه بشكل طبيعي وفعال، وذلك بفضل خاصية التبخر التي تحدث في الفخار. هذا التبريد يختلف تماماً عن التبريد الذي توفره الثلاجات، حيث أن التبريد الشديد قد يؤدي إلى تغيير تركيبة الماء وتقليل نسبة المعادن الهامة الموجودة فيه.
كيف يعمل التبريد في القلة؟
الفخار المسامي يسمح بتبخر جزء من الماء من خلال جدرانه، وهذه العملية تمتص الحرارة من الماء المتبقي، مما يؤدي إلى تبريده. هذه العملية لا تؤثر على جودة الماء أو تركيبته الكيميائية، بل تحافظ على جميع العناصر الغذائية والمعادن المفيدة.
القلة كفلتر طبيعي للمياه
لا تقتصر فوائد القلة على التبريد فحسب، بل تعمل أيضاً كفلتر طبيعي للمياه. فالمسام الدقيقة الموجودة في الفخار تساعد على احتجاز بعض الشوائب والرواسب التي قد تكون موجودة في الماء، مما يجعله أنقى وأكثر نقاءً.
هذا التأثير الترشيحي الخفيف يساهم في تحسين طعم الماء وجودته، ويقلل من احتمالية وجود مواد ضارة قد تؤثر على الصحة. بالطبع، لا يمكن اعتبار القلة بديلاً عن أجهزة الترشيح المتطورة، ولكنها بالتأكيد تقدم تحسينًا ملحوظًا مقارنة بالمياه المخزنة في حاويات أخرى.
تأثير مياه القلة على الهضم وصحة الكلى
شرب الماء البارد بشكل طبيعي، كما هو الحال في مياه القلة، يساعد على تنشيط وظائف الجهاز الهضمي وتحسين عملية الهضم. كما أن درجة حرارة الماء المعتدلة لا تسبب صدمة للمعدة، على عكس الماء المثلج الذي قد يؤدي إلى الانتفاخ وعسر الهضم.
بالإضافة إلى ذلك، تشجع مياه القلة على شرب كميات أكبر من الماء يومياً بسبب مذاقها المقبول وبرودتها الطبيعية. وهذا بدوره يدعم صحة الكلى ويساعدها على التخلص من الأملاح والسموم بشكل فعال. القلة بذلك تساهم في الحفاظ على توازن السوائل في الجسم وتعزيز وظائف الكلى.
تنظيم حرارة الجسم وتقليل التعرض للمواد البلاستيكية
في ظل ارتفاع درجات الحرارة، تلعب مياه القلة دوراً هاماً في تنظيم حرارة الجسم والحفاظ على رطوبته. التبريد الطبيعي الذي توفره القلة يساعد على ترطيب أفضل مقارنة بالماء شديد البرودة، الذي قد يسبب تقلصات في المعدة أو صعوبة في الهضم.
والأمر الآخر، وهو الأهم، هو تقليل التعرض للمواد الضارة الموجودة في البلاستيك. فالزجاجات البلاستيكية قد تطلق مواد كيميائية ضارة عند تعرضها للحرارة أو إعادة استخدامها، في حين أن القلة مصنوعة من الفخار الطبيعي، وبالتالي فهي لا تشكل أي خطر على الصحة. التحول إلى استخدام القلة هو خطوة إيجابية نحو نمط حياة أكثر صحة واستدامة.
العناية بالقلة: مفتاح الاستفادة القصوى
على الرغم من فوائدها العديدة، يجب العناية بالقلة بشكل صحيح لضمان سلامة المياه وجودتها. يوصي خبير التغذية معتز القيعي بتنظيف القلة بانتظام، وتغيير الماء يومياً، والتأكد من أن الفخار المستخدم آمن وخالي من المواد الملونة أو الرصاص.
يجب أيضاً تجنب تعريض القلة لأشعة الشمس المباشرة لفترات طويلة، والتأكد من أنها مصنوعة من فخار عالي الجودة. القلة النظيفة والمصنوعة من مواد آمنة هي استثمار في صحتك وصحة عائلتك.
في الختام، يمكن القول أن القلة ليست مجرد وعاء للمياه، بل هي عادة مصرية أصيلة تحمل في طياتها فوائد صحية حقيقية. من التبريد الطبيعي الآمن، إلى تحسين الهضم ودعم الكلى، والحد من التعرض للمواد البلاستيكية الضارة، تقدم القلة بديلاً صحياً ومستداماً للمياه المعبأة. لذا، لا تتردد في إعادة اكتشاف هذه التحفة التقليدية والاستفادة من فوائدها المتعددة. شاركنا رأيك، هل تفضل شرب الماء من القلة؟ وما هي تجربتك معها؟

