Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

إغلاق مختبرات في أميركا يثير مخاوف من تفشي الأمراض المنقولة جنسيًّا

في خطوة تُثير قلق الأوساط الطبية والعلمية، قررت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، بقيادة الوزير روبرت ف. كينيدي جونيور، تنفيذ تخفيضات واسعة في ميزانية مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، شملت إغلاق مختبرات متخصصة في مراقبة الأمراض المنقولة جنسيًا.

ويبدو أن هذا القرار سيُحدث فراغًا كارثيًا في منظومة الرصد الصحي، خصوصًا فيما يتعلق بمراقبة وتتبّع سلالة السيلان المقاومة للمضادات الحيوية، المعروفة باسم "السوبر سيلان".

وتمثّل "السوبر سيلان" تهديدًا متزايدًا للصحة العامة، مع ظهور طفرات جديدة تقاوم حتى أحدث العلاجات المتوفرة. كانت الولايات المتحدة تمتلك مختبرًا وحيدًا قادرًا على اختبار حساسية هذه السلالات للعقاقير وتقديم بيانات حاسمة لتحديد البروتوكولات العلاجية الفعّالة. إلا أن هذا المختبر أُغلق رسميًا ضمن خطة تقشفية خفّضت نحو 40 مليار دولار من ميزانية الصحة العامة، وأدت إلى تسريح آلاف الموظفين.

ويقول خبراء الصحة العامة إن هذا الإغلاق لا يعني فقط خسارة مكان للفحوصات، بل يمثل خسارة لمنظومة رصد كاملة كانت تساعد في احتواء المرض قبل أن يتحول إلى وباء.

ويؤكد الدكتور جون توماس، وهو أخصائي أمراض معدية، أن "إغلاق هذا المختبر يُشبه تحطيم الرادار بينما أنت في قلب العاصفة".

وكانت الولايات المتحدة قد سجّلت في السنوات الأخيرة أكثر من 700 ألف إصابة سنويًا بمرض السيلان، بمعدلات آخذة في الارتفاع، لا سيما بين الشباب. ومع تزايد مقاومة هذه السلالة للعلاجات التقليدية، تصبح الحاجة إلى الرصد والاستجابة السريعة أمرًا حيويًا.

وتُشير بيانات CDC السابقة إلى أن بعض السلالات المكتشفة خلال العامين الماضيين لم تستجب إلا لمزيج نادر من المضادات الحيوية، ما يدل على خطر حقيقي يتمثل في ظهور سلالة "لا علاج لها".

ولا يتوقف الأمر عند السيلان، إذ إن المختبرات التي تم إغلاقها كانت أيضًا تراقب أمراضًا خطيرة أخرى، مثل الزهري، والتهاب الكبد الفيروسي B وC، بالإضافة إلى بعض أشكال الكلاميديا المقاومة للعلاج.

ويُخشى أن يؤدي تعطيل هذه المختبرات إلى تأخر كبير في اكتشاف حالات التفشي، وبالتالي إلى انتشار العدوى في المجتمعات، خاصة في الأوساط ذات الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية.

ورغم الانتقادات الواسعة من الأكاديميين وخبراء الصحة، لم تُصدر الوزارة أي نية للتراجع عن التخفيضات، مشيرة إلى أن "الإصلاحات ضرورية لضبط الإنفاق" بحسب تصريحات الوزير كينيدي.

وقد أعربت منظمات مثل "جمعية الصحة العامة الأميركية" و"شبكة الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيًا" عن استيائها، معتبرة أن هذه السياسات ستعيد البلاد إلى الوراء عقودًا في مجال الصحة الوقائية.

كما بدأت بعض الولايات، مثل نيويورك وكاليفورنيا، دراسة إمكانية إنشاء مختبرات خاصة بها لتعويض غياب الرصد الفيدرالي، في حين أعلن مجلس مدينة سياتل تمويلًا طارئًا لمحاولة الإبقاء على عمل مختبره الإقليمي، ولو بقدرات محدودة.

ويدعو الأطباء إلى ضرورة الضغط المجتمعي والسياسي لإعادة فتح هذه المختبرات، وتوفير ميزانية طارئة لاستمرار برامج تتبّع الأمراض المعدية. ويؤكدون أن تكلفة الوقاية، رغم ما تبدو عليه من عبء اقتصادي، تبقى أقل بكثير من تكلفة التعامل مع وباء شامل جديد.

في ظل كل هذا، تُطرح تساؤلات جدية: هل تنجح البلاد في احتواء "السوبر سيلان" في غياب البنية التحتية المناسبة؟ وهل ستتعلّم الإدارة الأميركية من دروس جائحة كوفيد-19، أم أنها على وشك تكرار الكارثة، هذه المرة بصمت، وخارج دائرة الأضواء؟

المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *