جولة سياحية رفقة رحالة في كوسوفو جوهرة البلقان المخفيّة
إضافةً إلى الوجهاتِ الصيفيَّة الشهيرةِ المعهودة، تبرزُ كوسوفو أخيراً بوصفها وجهةً جاذبةً في قلبِ منطقةِ البلقان. الدولةُ الحديثة، تُكافئ الزائرين بابتساماتٍ ترحيبيَّةٍ، وتستقبلهم في مدنٍ جبليَّةٍ أخَّاذةٍ، وتقدِّم لهم فرصاً رائعةً للمشي مسافاتٍ طويلةً.
تتمتَّع كوسوفو بتاريخٍ غني، تُعبِّر الهندسةُ المعماريَّة عن ذلك خيرَ تعبيرٍ، علماً أن بعض العماراتِ مدرجةٌ ضمن لائحةِ “يونسكو” للتراثِ العالمي.
وفي الآونةِ الأخيرة، أصبحت الدولةُ غير المطروقةِ سابقاً وجهةً جاذبةً للسائحين، والرحَّالة لاستكشافِ كنوزها الوافرة.
كانت كوسوفو، ذات يومٍ، منطقةً متنازعاً عليها بشدَّةٍ بين الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة والدولةِ العثمانيَّة، لتصبحَ راهناً قصَّةً، تنتظرُ أن تروى للسائحين الذين يتزايدُ عددهم عاماً بعد آخر. ووفق بياناتِ وكالةِ إحصاءاتِ كوسوفو، شغلَ عددٌ أكبر من الزائرين الفنادقَ في البلادِ خلال يناير من العامِ الجاري بنسبةِ 50.8%، مقارنةً بـ 2023، إذ بلغوا أكثر من 77 ألفَ زائرٍ، بواقع 42.1% من المحليين، و57.9% من الأجانب.
وفي هذا الصدد، يوضحُ الرحَّالة المصري بولا توفيق لـ «سيدتي»، أن «سببَ اختيارِ كوسوفو من قِبل السائحين، أخيراً، يرجعُ إلى أن غالبيَّة مواطني دولِ الخليجِ العربي، ليسوا في حاجةٍ إلى تأشيرةِ فيزا لزيارةِ هذه الوجهةِ الغنيَّة بالتاريخِ، والثقافةِ، والمعالمِ الطبيعيَّة». ويضيفُ أن «انفتاحَ كوسوفو التدريجي على السائحين الدوليين بعد انتهاءِ الحروب، وتطوُّرِ البنيةِ التحتيَّة السياحيَّة، أسهم في النموِّ السياحي فيها».
كوسوفو وجهة صيفيّة لا تفوَّت
كوسوفو الدولةُ الأحدثُ في أوروبا نالت استقلالها عامَ 2008، والأرخصُ في التكاليفِ عند السفرِ في منطقةِ البلقان، تضمُّ مناطقَ عدة، تناسبُ السائحين مثل العاصمةِ بريشتينا الحديثةِ، والمملوءةِ بالمقاهي العصريَّة حيث يجتمع السكانُ المحليون لاحتساءِ القهوةِ اللذيذة، وقضاءِ ساعاتٍ طويلةٍ، وبريزرن المدينةُ القديمةُ الصغيرةُ والساحرة التي تقارنُ غالباً بمدينةِ موستار في البوسنة.
وتكون المناطقُ الجبليَّة في كوسوفو أكثر برودةً صيفاً بشكلٍ ملحوظٍ، إذ تنخفضُ الحرارةُ فيها إلى 18 درجةً مئويَّةً، وهي أقلُّ مقارنةً بحرارةِ المدن. وفي العموم، الفترةُ الممتدَّةُ بين مايو وسبتمبر مثاليَّةٌ للزيارة، ففي الصيف، يتراوحُ متوسطُ درجةِ الحرارةِ في بريشتينا بين 15 و19 درجةَّ مئويَّةً.
وبحسب الرحَّالة توفيق، تستهدفُ كوسوفو مجموعةً منوَّعةً من المسافرين، لا سيما محبُّو التاريخِ والثقافة، وعشَّاقُ الطبيعة، والباحثون عن وجهاتٍ جديدةٍ غير تقليديَّةٍ. ويشيرُ إلى أن «السياحةَ في كوسوفو، تعدُّ آمنةً بشكلٍ عامٍّ»، ويفيدُ بأن «الشعبَ ودودٌ للغاية، ومرحِّبٌ بالسائحين».
وعن وسائلِ النقل، يوضحُ الآتي:
- الحافلات: تُمثِّل وسيلةً رئيسةً للتنقُّل بين المدن.
- سياراتُ الأجرة: تتوافرُ في المدنِ الكبرى، ويمكن الاعتمادُ عليها في التنقُّلات القصيرة.
- السياراتُ المستأجرة: خيارٌ جيِّدٌ لاستكشافِ المناطقِ الريفيَّة، والأماكنِ البعيدة.
وعن خياراتِ الإقامة، ينصحُ الرحَّالة بالبحثِ عن الفنادق ذات التقييماتِ العالية في بريشتينا، وبريزرن، وبيا، ويلفتُ إلى أهميَّة اختيارِ مواقعَ مركزيَّةٍ لتسهيلِ الوصولِ إلى المعالمِ السياحيَّة والمطاعم، علماً أنه في كوسوفو، تتوافرُ خياراتٌ منوَّعةٌ للإقامة السياحيَّة، تتراوحُ بين الفنادقِ الفاخرة، والهوستل، ويُسمَّى أيضاً “بيت الشباب”، ويقدِّم أماكنَ للإقامةِ بأسعارٍ منخفضةٍ.
ثقافات منوّعة
ثقافةُ كوسوفو غنيَّةٌ ومنوَّعةٌ، وتجمع مزيجاً من التأثيراتِ البلقانيَّة، والعثمانيَّة، والأوروبيَّة. وتقومُ الفنون والموسيقى بدورٍ مهمٍّ في الحياةِ اليوميَّة، كما تعدُّ المهرجاناتُ الشعبيَّة جزءاً أساسياً من الثقافةِ المحليَّة.
والطعامُ في كوسوفو حلالٌ، ما يجذبُ السائحين المسلمين القادمين من دولِ الخليج. ومن الوجبات المحليَّة الشهيرةِ في الدولة، يعدِّدُ الرحَّالة:
- فلييا: عجينٌ محشوٌّ باللحم، أو الجبن، أو السبانخ.
- تاف كوسي: طبقُ لحمِ الضأن المطبوخُ مع الزبادي، والأرز.
- براثا: نوعٌ من الفطائرِ المحشوَّة بالجبن، أو اللحم.
نشاطات ترضي الأذواق كافة
يقولُ الرحَّالة توفيق: «هناك وفرةٌ من النشاطاتِ الجديرةِ بالتجربة». مضيفاً: «الشبابُ، يهتمُّون بممارسةِ تسلُّقِ الجبال، والتجديفِ في الأنهار، والمشي مسافاتٍ طويلةً في الطبيعة. أمَّا العائلاتُ، فتزورُ المتاحف، وتستمتعُ بالحدائقِ العامَّة، والرحلاتِ الاستكشافيَّة في المناطقِ التاريخيَّة. وللمسنين حصَّةٌ من النشاطاتِ في كوسوفو، لا سيما الاسترخاءُ في المتنزَّهات، والانضمامُ إلى الجولاتِ الثقافيَّة، وزيارةُ الأماكنِ التاريخيَّة، وقصدُ المطاعمِ المحليَّة».
محطات جاذبة في كوسوفو
من المحطاتِ السياحيَّة الجديرةِ بالزيارة في كوسوفو:
ريشتينا
عاصمةُ كوسوفو، وأكبر مدينةٍ في البلاد، وموطنُ أغلبيَّة السكانِ الألبان، ومقرُ عديدٍ من المؤسَّسات، والمعالمِ الأثريَّة، ومركزُ النقل في البلاد، ومفترقُ الطرقِ للسفرِ الجوي والبري والسكك الحديد. من المرجَّح أن تبدأ الرحلةُ في كوسوفو من بريشتينا سريعةِ التغيُّر، والمازجةِ بين القديمِ والحديث، مع ضمِّ أسواقٍ صاخبةٍ، وعديدٍ من المباني والمتاحفِ التاريخيَّة مثل متحفِ كوسوفو، ومتحفِ أمين جيكو الإثنوغرافي، ومسجدِ السلطان محمد الفاتح، ومتنزَّه جيرميا، وتمثالِ نيوبورن.
بريزرن
تقعُ في سفوحِ جبال شار، بالقربِ من حدودِ ألبانيا ومقدونيا الشماليَّة، وهي مدينةٌ قديمةٌ مملوءةٌ بالمواقعِ التاريخيَّة. يرجع تاريخُ بريزرن إلى العصورِ الرومانيَّة المبكِّرة، مع تأثيراتٍ عدة من العصورِ الوسطى، والفترةِ العثمانيَّة، وهي «كنزٌ سياحي غير مكتشفٍ» عكسَ عديدٍ من الأماكنِ الأخرى في البلقان. تتميَّزُ المدينةُ القديمة في بريزرن بالهندسةِ المعماريَّة البيزنطيَّة، وآثارٍ من الدولةِ العثمانيَّة، وتحتوي على جسرٍ حجري قديمٍ مجدَّدٍ، مع تاريخٍ يعودُ إلى القرن الـ 16، وتعدُّ موطناً لكنيسةِ سيدة ليفيش المدرجةِ في قائمةِ «يونسكو». كذلك تعدُّ قلعة بريزرن، التي تعودُ للقرن الـ 11، مكاناً رائعاً، بشكلٍ خاصٍّ لمشاهدةِ شروق الشمس وغروبها.
بيجا
الاسمُ الصربي لهذه المدينة، هو Peć، وتقعُ على بُعد 85 كيلومتراً إلى الغربِ من العاصمة. تسمحُ مدينةُ بيجا لزائرها بالقيامِ برحلةٍ رائعةٍ، تشملُ ارتيادَ المقاهي والمطاعمِ التقليديَّة، وتجربةَ المأكولاتِ الشعبيَّة، وزيارةَ المعالمِ الدينيَّة والتاريخيَّة، والمحلَّاتِ التجاريَّة الجاذبة، مع بعض المغامراتِ في المحيط، حيث يقعُ وادي روجوفا المذهل، ومتنزَّه بيشكيت إي نيمونا الوطني على بُعد كيلومتراتٍ من وسطِ المدينة.